اليونان: الركود الاقتصادي والاحتجاجات قد يقودان إلى انتخابات مبكرة

معدل البطالة يواصل الصعود

TT

واصل معدل البطالة في اليونان رحلة الصعود، حيث وصل خلال شهر مايو (أيار) الماضي وفقا لهيئة الإحصاء الوطنية إلى 16.5 في المائة من القوة العاملة في البلاد، وكان معدل البطالة وصل إلى 12 في المائة قبل عام في اليونان التي تعاني أزمة مالية طاحنة، وركودا كبيرا في الأسواق وعدم وجود سيولة لدى المواطنين.

ووفقا للإحصاءات، فإن الشباب أكثر الفئات المتضررة، حيث وصلت البطالة بين أصحاب الفئة العمرية 15-24 عاما إلى 40,1 في المائة مقابل متوسط 32,5 في المائة العام الماضي، ويتوقع البنك المركزي اليوناني أن يتعرض اقتصاد البلاد لانكماش بمعدل 4 في المائة العام الجاري، بعدما كان حقق معدل نمو في إجمالي الناتج المحلي قدره 4,5 في المائة العام الماضي.

من جانبها، أكدت السلطات اليونانية أن مشكلة التهرب الضريبي في اليونان لا تزال من أكبر المشاكل التي تواجه أثينا، وذكرت هيئة الضرائب اليونانية أنه على الرغم من الجهود المضنية التي تقوم بها في مكافحة التهرب، فإنه لا يزال موجودا بشكل واسع في البلاد، وأنها قامت بحملة عشوائية لفحص الشؤون الضريبية لـ750 شركة في 15 جزيرة يونانية وذلك في الفترة من أواخر شهر أبريل (نيسان) وحتى الثامن من أغسطس (آب)، فتبين وجود مخالفات ضريبية في 490 من هذه الشركات.

وأشارت هيئة الضرائب اليونانية إلى أن التجار وأصحاب الحانات هم الأقل تحريرا للفواتير وأنهم لا يوردون ضريبة القيمة المضافة رغم أنهم يحصلونها من العملاء، وتبين من خلال تقرير المراجعة أن شركات جزيرة رودس السياحية هي الأكثر تهربا من الضرائب على مستوى اليونان حيث تم فحص أوراق 11 شركة هناك وضبطت مخالفات في جميع الأوراق التي تم فحصها.

ومن المنتظر أن ترسل المفوضية الأوروبية خبراء لها لليونان في سبتمبر (أيلول) المقبل لتحديد الوسائل التي يمكن أن تساعد بها المفوضية الأوروبية اليونان في تحسين نظامها الإداري، ومن بين أهم أهداف خبراء بروكسل مكافحة التهرب الضريبي المنتشر في اليونان.

من جانب آخر، حمل جورج سوروس المستثمر الأميركي المعروف، ألمانيا الجزء الأكبر من مسؤولية تصعيد أزمة الديون في منطقة اليورو، مؤكدا على أن تباطؤ ألمانيا في اتخاذ الإجراءات، عمل على تفاقم الأزمة في اليونان وأدى إلى انتشار هذا الوباء الذي شكل خطرا لأوروبا.

في غضون ذلك، ذكر رئيس الاتحاد الوطني للتجارة في اليونان فاسيليس كوركيديس أنه مع بطء حركة المبيعات وارتفاع الإيجارات، لجأت بعض المحلات التجارية في اليونان إلى إغلاق أبوابها، موضحا أن عددا كبيرا من المتاجر والمكاتب يظل غير مؤجر لأن ملاك الأراضي يرفضون خفض الإيجارات التجارية، مضيفا أن المحلات التجارية التي تشهد ركودا في حركة البيع، انخفضت المبيعات فيها بنسبة 25 في المائة رغم انخفاض الأسعار بنسبة 15 في المائة.

من جهتها، أجبرت الأزمة المالية العائلات اليونانية على خفض استهلاكها من الكهرباء في الوقت الذي تزايدت فيه فواتير الكهرباء غير المدفوعة هذا الشهر، وذكرت صحيفة «كاثيميريني» اليونانية أن بيانات استهلاك الطاقة التي جمعتها شركة الكهرباء على مدى أول 7 أشهر من العام الجاري، تشير إلى انخفاض الاستهلاك التجاري للأسر بـ2.45 في المائة سنويا، بينما انخفض إجمالي الاستهلاك بـ1.60 في المائة.

ووفقا للتقارير، فإنه في نهاية شهر يوليو (تموز) ارتفعت الديون لشركة الكهرباء العامة في شكل فواتير لم يتم سدادها إلى 423 مليون يورو من 385 مليونا في نهاية عام 2010 و285 في نهاية 2009، ومن المتوقع أن تتفاقم المشكلة في الأشهر المقبلة، حيث تنبأ بحث إحدى مؤسسات الأبحاث الاقتصادية والصناعية بأن 6 من بين 10 منازل يونانية تناضل من أجل تلبية احتياجاتها، كما حذر الاتحاد الوطني للتجارة اليونانية من أن الأزمة عموما والركود خصوصا سيؤدي على الأرجح إلى إجبار العديد من المتاجر على إغلاق أبوابها ابتداء من سبتمبر المقبل.

عبر العديد من المحللين عن قناعتهم بأن الركود الاقتصادي في اليونان سوف يتعمق ولن يكون بوسع أثينا خدمة ديونها حتى نهاية العام، والاحتمال الأرجح من وجهة نظر أحد المحللين الأميركيين هو أن يقود هذا الوضع إلى انتخابات مبكرة في البلاد.

وأشار المحلل الأميركي ديسموند لاشمان إلى أن الاقتصاد اليوناني هو الآن بالفعل في حالة انهيار ظاهري حيث سجل انكماشا بنسبة 9 في المائة خلال الشهور الـ18 الأخيرة، وعلى الرغم من المشاكل التي تعاني منها البلاد فإن صندوق النقد الدولي يطالبها بفرض المزيد من التقشف الاقتصادي خلال العام المقبل، في وقت تواجه فيه أزمة نقدية حادة واضطرابا سياسيا واجتماعيا واسعا.

وتؤكد الدوائر المراقبة رأي المحلل الأميركي حيث إن هذا النهج سوف يفاقم الركود الحاصل الآن، وإن هذه السياسة بالتحديد التي فجرت موجة من الاحتجاجات الشعبية في شوارع أثينا، ستقود في النهاية إلى سقوط حكومة باباندريو قبل حلول عام 2012 وتدفع المودعين إلى سحب المزيد من إيداعاتهم في البنوك اليونانية.