بنوك مصرية تضع قوائم سوداء تضم شركات تابعة لمسؤولين سابقين

تولي المشروعات الحكومية اهتماما أكبر

TT

وضعت مجموعة من البنوك العاملة في مصر عددا من الشركات التي تتولى جهات قضائية التحقيق مع أصحابها على قوائم الشركات المحرومة من التمويل خلال الفترة القادمة، مع تركيز منح القروض الذي يعاني من انكماش بعد ثورة 25 يناير على مشروعات الدولة دون غيرها.

تأتي تلك الخطوة للقضاء على الارتباك الذي أصاب القطاع المصرفي وتخوف قياداته ومسؤوليه من منح القروض في ما أطلق عليه «الأيدي المرتعشة».

وجاءت شركات أعضاء الحزب الوطني المنحل على رأس الشركات المحرومة من التمويل المصرفي خلال الفترة القادمة، ومنها شركات الحديد التابعة لأمين التنظيم السابق أحمد عز، وشركة «بالم هليز» التابعة لعائلة منصور والمغربي المتهم عدد منهم على ذمة قضايا مالية، ومجموعة «طلعت مصطفى» التي ينتمي عدد من أفرادها إلى الحزب الوطني، وجهت اتهامات إليها برشوة عدد من المسؤولين بالنظام السابق، وزاد على ذلك ما قام به بعض البنوك من إعطاء تعليمات شفوية لمنع تمويل أي من المسؤولين في النظام السابق أو المحسوبين عليه مثل عائلة مجدي راسخ أو عائلة الجمال، صهري الرئيس السابق.

مصادر مصرفية مطلعة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الأمر لم يقتصر على عدم منح هذه الشركات للقروض، لكن هناك بنوك أغلقت باب التكويد للشركات نهائيا خشية مخاطر التعثر، أو مخاطر السؤال القضائي في ظل التفتيش على كثير من العمليات التمويلية التي تمت في السنوات السابقة.

وأضافت المصادر أن مخاطر تمويل شركات القطاع الخاص ارتفعت كثيرا في ظل أحداث عدم الاستقرار، ونظرا لحرص البنوك على الخروج من هذه الظروف بأقل الأضرار فقد قررت القيام بإجراءات احترازية.

وما يعكس تلك المخاطر أيضا ما قامت به مؤسسة «ميريس» للتصنيف الائتماني أول من أمس بتخفيض التصنيف الائتماني لشركة «عز» لحديد التسليح إلى درجة «BB+» مع إعطاء نظرة مستقبلية سلبية «BBB - »، وتعني درجة «BB» أن المنشأة مصنفة محليا على أنها دون درجة الاستثمار، وهو ما يعبر عن أن المنشأة من الناحية الائتمانية وقدرتها على سداد الأقساط والفوائد في مواعيد استحقاقها أقل من المتوسطة، مقارنة بالمصدرين المحليين الآخرين في الدولة نفسها، كما تشير (-/+) إلى نقص أو زيادة في مستوى المخاطر في نفس الدرجة.

محمد عشماوي رئيس المصرف المتحد المملوك بالكامل للدولة ممثلة في البنك المركزي، قال إن عددا من الشركات التي يساهم فيها عدد من أركان النظام السابق صارت من الضخامة والجدارة الاقتصادية بما يؤهلها للحصول على تمويل، مما يجعل حرمانها من التمويل تدميرا لها، لكن مخاطر تمويل تلك الشركات في الوقت الحالي أكبر من مجرد الموافقة الائتمانية.

وأضاف عشماوي أن معدلات التمويل سوف تعود إلى ما كانت عليه بعد استقرار الوضع السياسي والأمني، حيث تتراوح معدلات توظيف الاقتراض المصرفي إلى الإيداع ما بين 52% و56%.

وعلى الرغم من مرور ستة أشهر كاملة على قيام ثورة 25 يناير فلم تقدم البنوك أية تسهيلات ائتمانية جديدة لشركات القطاع الخاص، سوى قرض حصلت عليه «عز للصلب» التابعة لـ«مجموعة عز» من البنك الأهلي المصري وبنك مصر، وبلغت قيمته 80 مليون دولار، وجاء بعد موافقة المجموعة على طلب البنوك بعزل عز من أية مناصب داخل المجموعة وحرمانه من أية أرباح حتى تفصل الجهات القضائية في القضايا المحبوس على ذمتها.

وتعول البنوك في الفترة القادمة على المشروعات التي تعهدت الدولة بقيامها من خلال قانون المشاركة مع القطاع الخاص، خصوصا في مشروعات البنية التحتية.

واتجهت البنوك طوال الشهور التي أعقبت الثورة إلى تمويل الجهات الحكومية مثل وزارة البترول والكهرباء والطيران باعتبارها قروضا مضمونة السداد.

من جانبه قال أحمد سليم الخبير المصرفي إن عددا من البنوك كانت تقرض بضمانات غير مناسبة للمبالغ المطلوبة، والعدد الأكبر من عمليات التمويل كان يقتصر على أفراد تابعين للجنة السياسيات التابعة للحزب الوطني، مما جعل حبسهم يصيب عمليات الائتمان بالانكماش. وأضاف: «تركز التمويل لعدة سنوات على أشخاص محدودين، وهذا السبب المباشر وراء المشكلات الموجودة حاليا في القطاع الاقتصادي والمصرفي»، مشيرا إلى أن الجهاز المركزي للمحاسبات كان يحذر طوال السنوات الماضية من ظاهرة التركيز الائتماني لعدد من الشركات، ولكن البنوك، خصوصا العامة والمملوكة للدولة، لم تكن تعمل بتلك التقارير التي يجب فتح ما جاء فيها خلال السنوات الماضية».

ولم يقتصر تراجع عمليات منح القروض على الشركات فقط، حيث أصيبت قروض التجزئة المصرفية بنفس المشكلات، حيث تراجعت بشكل ملحوظ منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، وجاء على رأس القروض التي شهدت تأثرا كبيرا قروض السيارات، وشددت البنوك من إجراءاتها في منح القرض الشخصي، في ظل مخاوف من ارتفاع أعداد البطالة في ظل توقعات بتراجع معدلات النمو.

وتستعد البنوك خلال الفترة القادمة لعدد من عمليات التمويل، منها قرض لصالح «شركة القاهرة لإنتاج الكهرباء» بقيمة 3 مليارات جنيه يرتبه «الأهلي المصري، والتجاري الدولي، والعربي الأفريقي، والقاهرة، والأهلي المتحد»، كما طلبت «شركة مصر للطيران» تمويلا جديدا يقدر 160 مليون دولار لشراء صفقة طيران «بوينج» تضمها إلى أسطولها الجوي.