نائب الرئيس الصيني يعبر عن ثقة بلاده في الاقتصاد الأميركي

في حين طمأن نائب أوباما بكين على سلامة استثماراتها في الخزانة الأميركية

نائب الرئيس الصيني شي جينبينغ يستمع إلى نائب الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

أكد نائب الرئيس الصيني، شي جينبينغ، أمس، ثقته في «مناعة» الاقتصاد الأميركي، مشددا أمام نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، على ضرورة إعادة الاستقرار إلى الأسواق المالية. من جهته قال جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي، أمس، إنه ليس هناك ما يدعو الصين للقلق بشأن سلامة حيازاتها الضخمة من ديون الخزانة الأميركية، وأدلى شي جينبينغ بهذه التصريحات خلال طاولة مستديرة جمعت في بكين رجال أعمال أميركيين وصينيين، وشارك فيها أيضا جو بايدن الذي يزور الصين إثر توجيه بكين سيلا من الانتقادات لسياسة واشنطن المالية.

كما سعى شي إلى طمأنة الأميركيين الذين يطالبون الصين بتشجيع طبقتها الوسطى على الاستهلاك بدل الاعتماد على حركة التصدير الكثيفة للمنتجات المصنعة المتدنية الأسعار لضمان الإبقاء على نمو اقتصادي قوي.

وقال نائب الرئيس الصيني: «إن الخطة الخمسية الثانية عشرة للصين تنص بوضوح على أننا سنسرع تغيير نمطنا من خلال تشجيع الطلب الداخلي أكثر».

وأضاف: «نتوقع خلال السنوات الخمس هذه أن تستورد الصين سلعا بأكثر من ثمانية تريليونات دولار (...) وهذا سيولد فرصا تجارية أكبر للشركات الأميركية».

كما حرص شي على طمأنة بايدن بأن الاقتصاد الصيني لن يشهد «هبوطا مفاجئا»، بفضل اعتماد سياسة «متوازنة»، ما بين الإبقاء على نمو متواصل ومكافحة التضخم.

وقال شي الذي يرجح أن يصبح الرئيس المقبل لثاني قوة اقتصادية في العالم، بدل هو جينتاو بين أواخر 2012 وأوائل 2013: «إن الاقتصاد الأميركي منيع جدا ويمتلك قدرة كبيرة على إصلاح نفسه».

وأضاف: «نعتقد أن الاقتصاد الأميركي سينهض في مواجهة التحديات التي تعترضه». وقال: «إن الولايات المتحدة والصين يجب عليهما عدم تسييس أو تضخيم المسائل التجارية».

وشدد أخيرا على أهمية ترميم ثقة الأسواق في وقت تسجل فيه البورصات العالمية تدهورا متواصلا. ولفت إلى أن «عوامل زعزعة الاستقرار التي تهدد الانتعاش الاقتصادي في العالم تتراكم وتطرح تحديات جديدة في وجه النمو الاقتصادي والتجارة بين بلدينا».

وتابع أن «الأهم في هذا السياق هو ترميم الثقة! فالثقة أغلى من الذهب»، في وقت يسيطر الهلع على البورصات التي فتحت، أمس، على تراجعات حادة بعدما تكبدت خسائر فادحة، الخميس، نتيجة المخاوف على وضع الاقتصاد العالمي.

وقال شي: «أمس عرض علي نائب الرئيس بايدن، خلال محادثاتنا، الجهود الأميركية لتحفيز النمو وتعزيز فرص العمل وخفض العجز، والتصدي لمشكلة الديون بشكل فاعل، والحفاظ على ثقة المستثمرين».

من جهته، قال رئيس الوزراء الصيني، وين جياباو، لدى استقباله بايدن إن نائب الرئيس الأميركي «نقل رسالة واضحة جدا إلى الشعب الصيني، مفادها أن الولايات المتحدة ستفي بوعودها والتزاماتها حيال دينها السيادي»! مؤكدا أن «ذلك سيحافظ على سلامة وملاءة وقيمة السندات الأميركية».

وأضاف: «إنني واثق من أن ذلك سيعزز ثقة المستثمرين في الاقتصاد الأميركي».

وكان بايدن قد قال في مقابلة أجرتها معه مجلة «كايجينغ» الصينية، الأربعاء: «أود أن أقول بوضوح إن حكومة (الرئيس الأميركي باراك) أوباما لا توفر جهدا للحفاظ على أسس الاقتصاد الأميركي لضمان سلامة وملاءة وقيمة سندات الخزينة الأميركية! وذلك تجاه جميع المستثمرين (...) بمن فيهم الصين».

ونددت الصين مؤخرا بـ«إدمان (الولايات المتحدة) على الديون»، وحضت واشنطن بنبرة شديدة على التوقف عن العيش فوق إمكاناتها! في وقت وصلت قيمة سندات الخزينة الأميركية لدى بكين في يونيو (حزيران) الماضي إلى حوالي 1170 مليار دولار.

وجاءت هذه التصريحات المتبادلة في اليوم الثاني من زيارة بايدن إلى الصين، التي تستمر خمسة أيام، والتي يحاول خلالها تخفيف انعدام الثقة بين أكبر اقتصادين في العالم، وبناء علاقات مع القادة الصينيين.

وقال وين إنه على ثقة من أن الاقتصاد الأميركي سيعود إلى مسار النمو القوي، وذلك بعد تصريحات مماثلة من شي جينبينغ، نائب الرئيس الصيني، الذي سيخلفه في المنصب على ما يبدو.

وقال وين لبايدن: «من المهم على وجه الخصوص أنك أرسلت رسالة شديدة الوضوح إلى الرأي العام الصيني بأن الولايات المتحدة ستفي بكلمتها والتزاماتها فيما يتعلق بالدين الحكومي، وستحافظ على سلامة وسيولة وقيمة أوراق الخزانة الأميركية».

وبحسب «رويترز»، يحاول الجانبان جاهدين الظهور بمظهر متناغم خلال الزيارة، على الرغم من حدث غير متوقع، ليل الخميس، حيث تحولت مباراة لكرة السلة بين فريق جامعي أميركي وفريق صيني محترف إلى مشاجرة.

وتصريحات وين هي أول تصريحات لمسؤول صيني كبير تتطرق بشكل مباشر إلى أزمة الديون في واشنطن، منذ أن خفضت مؤسسة «ستاندرد آند بورز» التصنيف الائتماني الأميركي هذا الشهر.

وردا عليها أبلغ بايدن وين أن واشنطن تقدر استثمار الصين في أوراق الخزانة الأميركية وترحب به، وقال بايدن: «بمنتهى الصدق أريد أن أوضح أنه ليس هناك ما يدعو للقلق».

وفي وقت سابق قال نائب الرئيس الأميركي لمضيفيه: «إن أحدا لم يكسب المال قط من المراهنة ضد أميركا»، بحسب نص تصريحات أدلى بها مع شي.

وزيارة بايدن للصين جزء من جولة تشمل منغوليا واليابان.

وتتناقض تصريحات وين وشي الإيجابية مع الانتقاد الحاد الذي وجهه الإعلام الحكومي لتعامل واشنطن مع اقتصادها؛ إذ إن الصين أكبر دائن أجنبي للولايات المتحدة.

وتبرز تصريحاتهما العلاقة المعقدة والمتشابكة بين أكبر اقتصادين في العالم.

فبينما تصارع الصين الولايات المتحدة في التجارة والرقابة على الإنترنت، وحقوق الإنسان، ومبيعات الأسلحة الأميركية لتايوان، فإنها تسعى أيضا لعلاقات مستقرة مع واشنطن.

وقال، وو تشي فنغ، الخبير الاقتصادي في البنك الصيني للتنمية، وهو بنك حكومي في بكين، إن الصين ليس بوسعها فعل الكثير لبيع حيازاتها الدولارية القائمة.

وأضاف: «تعهد بايدن صحيح، بمعنى أنه لن يحدث تخلف عن سداد ديون الخزانة، لكن تعهده لا يعني أن القوة الشرائية لحيازات الصين من هذه الأوراق لن تتقلص».

وذكر شي أن بايدن أطلعه، أول من أمس الخميس، «على جهود الحكومة الأميركية لتحفيز النمو والوظائف، وخفض العجز في الميزانية، والتعامل مع مشكلة الدين كما ينبغي، والحفاظ على ثقة المستثمرين العالميين».

وقال شي في كلمة أمام قادة الأعمال: «الاقتصاد الأميركي مرن للغاية ولديه قدرة كبيرة على إصلاح نفسه بنفسه».

وأضاف: «نعتقد أن الاقتصاد الأميركي سيحقق تنمية أفضل وهو يواجه التحديات».

وجدد شي التأكيد على حاجة الصين والولايات المتحدة للعمل معا لاستعادة الثقة في الأسواق العالمية، وأضاف أن «الثقة أغلى من الذهب».

وفي وقت سابق أقر بايدن بأن الصين لديها مخاوف مشروعة بشأن فتح الأسواق الأميركية أمامها، كما أن واشنطن قلقة بشأن مشكلات تواجهها الشركات الأميركية في الصين.

وعبر شي عن تفاؤله بأن الصين ستتفادى الانزلاق إلى الركود وهي تحاول إبطاء معدل التضخم. وقال إن الصين تأمل أن تخفف واشنطن القيود التجارية، وأن تعامل الشركات الصينية معاملة عادلة.

من ناحية أخرى قال مسؤول أميركي إن الولايات المتحدة ستعلن اتفاقات تجارية بين شركات أميركية والصين بنحو مليار دولار.