المعارضة تسرع خططا لإعادة بناء ليبيا

أكبر مخاوف المجلس الانتقالي تلكؤ أميركا وآخرين في فك تجميد مليارات الدولارات من أصول القذافي

تعاني ليبيا من مشاكل فريدة إذ بعد 4 عقود من حكم القذافي يفتقر البلد إلى الهياكل التقليدية للدولة («نيويورك تايمز»)
TT

تواجه ليبيا الغنية بالنفط لكن من دون مؤسسات للدولة تحديات سياسية واقتصادية كبرى لمرحلة ما بعد القذافي مع محاولتها إعادة البناء بعد 4 عقود من الحكم الاستبدادي.

وبالفعل حاول المجلس الانتقالي للمعارضة الليبية وضع الخطوط العريضة لخطط إعادة إعمار البلاد مستخدما عرضا توضيحيا لتحقيق الاستقرار في بلد يشهد المخاض الأخير لعملية انتقالية عنيفة.

ويقول دبلوماسيون اطلعوا على الخطة غير المنقحة إن المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل المعارضة يعلم أن عليه أن يتحرك سريعا لتلبية توقعات الجماهير التي قدمت الدعم والأفراد للإطاحة بحكم معمر القذافي بعد 42 عاما في السلطة. وأبلغ دبلوماسيون غربيون ومن الشرق الأوسط «رويترز» أن من أكبر مخاوف المجلس أن تتلكأ الولايات المتحدة وآخرون في فك تجميد مليارات الدولارات من أصول القذافي مما سيفضي إلى انهيار في الخدمات الأساسية. وقال المسؤولون إن أحد الخيارات قيد البحث هو أن يسعى المجلس الانتقالي للحصول على تمويل مؤقت من البنك الدولي ومؤسسات دولية أخرى لحين اتخاذ قرارات سياسية لرد كل الأصول. وحتى مع استمرار القتال العنيف في طرابلس يسرع الدبلوماسيون والممولون خططا لمساعدة الليبيين على إعادة الإعمار فور انتهاء نظام القذافي.

كانت وزارة الخارجية الأميركية قالت الثلاثاء الماضي إنها تريد الإفراج عن ما بين مليار و1.5 مليار دولار من الأصول الحكومية الليبية المجمدة لصالح المعارضة في غضون أيام إذا استطاعت الحصول على موافقة لجنة العقوبات بالأمم المتحدة.

وستأتي الأموال من أصول بنحو 32 مليار دولار جمدتها الولايات المتحدة في وقت سابق هذا العام منها 10% فحسب أي 3 مليارات دولار أصول سائلة. وقال الدبلوماسيون إنه لحين إلغاء تجميد الأصول والإفراج عن الاثنين والثلاثين مليار دولار كاملة من المرجح أن تظل الميزانية الليبية تحت ضغط الأمر الذي يعد مبعث خطر بالنسبة لأي حكومة جديدة تريد كسب الشرعية.

وقال المجلس الوطني الانتقالي إنه سيلتقي بمسؤولين من الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا وتركيا وقطر اليوم (أمس) الأربعاء للحصول على تمويل دولي لمساعدة ليبيا في جهود التعافي من آثار الحرب.

وقالت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية إن المرحلة التالية من التخطيط لليبيا ما بعد الحرب ستكون في إسطنبول غدا (اليوم) الخميس حيث سيجتمع دبلوماسيون كبار من دول مجموعة الاتصال بشأن ليبيا. ويبدو أن الولايات المتحدة تريد ألا تضطلع سوى بدور مساند على الأكثر في ليبيا ما بعد الحرب وذلك بالعمل عبر الأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي.

وتعاني ليبيا من مشاكل فريدة إذ بعد 4 عقود من حكم القذافي يفتقر البلد إلى الهياكل التقليدية للدولة ومن ثم من الصعب على مؤسسات مثل البنك الدولي أن تعرف إن كانت تتعامل مع ممثلين رسميين لليبيا أم لا.

وإضافة إلى ذلك تعتبر ليبيا بسبب ثروتها النفطية من دول الدخل المتوسط ومن ثم لا يحق لها الحصول على بعض المساعدة المباشرة التي يمكن للدول الفقيرة أن تحصل عليها من خلال مؤسسات التنمية. وقال مروان المعشر وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء الأردني السابق الذي يعمل حاليا بمؤسسة «كارنيجي للسلام الدولي» في واشنطن «سيكون تحديا».

وقال المعشر وهو مسؤول سابق بالبنك الدولي «لم تكن هناك مؤسسات للدولة أصلا لذا فإنك تكاد تبدأ من الصفر على أي حال».

وأثار الانهيار السريع لحكم القذافي مقارنات حتمية بالانتصار العسكري السريع للولايات المتحدة في العراق عام 2003 والذي أعقبه نهب وفوضى واقتتال داخلي.

لكن دبلوماسيا أميركيا سابقا له خبرة واسعة في الشرق الأوسط قال «من النظرة الأولى ينبغي أن تكون ليبيا قضية أبسط من العراق». ومع إقراره بالإدارة الضعيفة لبعض الخدمات الحكومية قال الدبلوماسي السابق الكبير إن وجود طبقة إدارية عليا جعل ليبيا «مشجعة أكثر في هذا الصدد من بغداد عام 2003 وعلى هؤلاء الناس أن يشعروا على الفور أن لهم دورا في إنعاش بلدهم».

واعترفت أكثر من 30 دولة بالمجلس الانتقالي كحكومة شرعية لليبيا وإن لم يحصل المجلس بعد على الاعتراف الرسمي من مؤسسات إقراض دولية مثل صندوق النقد الدولي.

وقال دبلوماسي مقيم في واشنطن لـ«رويترز» إن من المرجح أن تكون القضية الليبية على طاولة المناقشات خلال اجتماع مجموعة الثماني في فرنسا يومي التاسع والعاشر من سبتمبر (أيلول). وقد تطرح أيضا خلال لقاء مجموعة العشرين على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في وقت لاحق الشهر القادم.

وبحسب المحافظ السابق لمصرف ليبيا المركزي بلغت الأصول الليبية بالعملة الصعبة نحو 168 مليار دولار ويمكن استئناف إنتاج النفط في غضون 3 إلى 6 أشهر.

ويمكن لصندوق ثروة سيادية أقيم في 2006 لإدارة إيرادات النفط الليبية أن يكون محوريا لتحول البلاد بعد الحرب ولا سيما لإعادة إعمار البنية التحتية المتهدمة.

ورغم ما لحق بها من استنزاف ما زالت المؤسسة الليبية للاستثمار تملك سيولة بمليارات الدولارات وعددا من الحصص المساهمة المجزية في شركات غربية رئيسية مثل «بيرسون» و«أوني كريديت».

وجرت محاولات إبان حكم القذافي لتحديث الاقتصاد المعتمد على النفط والخدمات الحكومية عن طريق إقرار قوانين لجذب استثمارات جديدة. لكن معظم الجهد تبدد وسيكون المجلس الانتقالي الجديد تحت ضغط لإظهار أن ليبيا يمكن أن تكون أكثر من مجرد بلد يعتمد على إيرادات النفط.