شركات نفط كبرى قد تضطر للتخلي عن الغاز العراقي

لصالح شركة «غاز الجنوب» الحكومية العراقية

جانب من إحدى آبار الغاز في العراق
TT

أظهرت مسودة نهائية لعقد بين الحكومة العراقية وشركة «شل» حصلت «رويترز» على نسخة منها أن الكثير من شركات الطاقة العالمية الكبرى قد تضطر للتخلي عن معظم الغاز الناتج من الحقول النفطية الضخمة في جنوب العراق لصالح مشروع لمعالجة وتصدير الغاز تقوده أكبر شركة في أوروبا.

وبحسب «رويترز»، وقعت شركات نفطية عملاقة من بينها «رويال داتش شل» و«بي بي» و«إكسون» التي مقرها الولايات المتحدة ومؤسسة النفط الوطنية الصينية (سي إن بي سي) و«ايني» الإيطالية عقود خدمة فنية لتطوير ثلاثة حقول نفطية في جنوب العراق في 2009 - 2010.

لكن العقود النفطية لتطوير حقول الزبير والرميلة وغرب القرنة 1 الواقعة قرب البصرة تلزم هذه الشركات الكبرى بالتخلي عن الغاز الذي لا تستخدمه في إعادة الحقن أو توليد الكهرباء لصالح شركة «غاز الجنوب» الحكومية العراقية.

وبموجب اتفاق الغاز الذي تبلغ قيمته 17 مليار دولار والذي لم تقره الحكومة العراقية حتى الآن تعهدت بغداد بعمل ما يلزم لضمان أن تمد هذه الحقول شركة «غاز البصرة» - وهي المشروع المشترك الذي تقوده «شل» - بكل احتياجاتها من الغاز الخام وسوائل الغاز الطبيعي بما في ذلك احتياجات مرفأ لتصدير سوائل الغاز الطبيعي.

وجاء في العقد «تحصل شركة (غاز الجنوب) على كل الغاز الخام الناتج من الحقول المخصصة، باستثناء الغاز المستعمل لكن بما في ذلك سوائل الغاز الطبيعي.. ويكون عند ومن بداية العمليات مخصصا فقط للمشروع». وجاء في خطاب تأكيد من وزارة النفط مرفق بالعقد «تضمن الوزارة أن تنفذ شركة (نفط الجنوب) التزامها بإمداد وإتاحة كل الكميات المتفق عليها والكميات المزمعة من الغاز الخام لشركة (غاز البصرة) بما في ذلك إتاحة كميات العجز حسب الحاجة».

وبموجب بنود العقود النفطية تمتلك شركة «غاز الجنوب» كل الغاز الذي لا يستخدم في استخراج النفط أو توليد الكهرباء في حقول النفط. ولأنه من المتوقع أن يقفز الإنتاج من هذه الحقول النفطية، وهي من أكبر الحقول غير المطورة في العالم، خلال السنوات العشر المقبلة مع سعي العراق لرفع طاقته الإنتاجية إلى 12 مليون برميل يوميا فإن من المرجح أن يتجاوز إنتاج الغاز احتياجات البلاد في المستقبل القريب.

وقد تقترح الشركات النفطية الكبرى الأخرى بدائل لاستخدام بعض هذا الغاز. ومن المعتقد أن بعض هذه الشركات تدرس إقامة مشاريع للغاز خاصة بها.

لكن خطاب التأكيد الصادر عن وزارة النفط والمرفق بالعقد ذكر أن الحكومة ستضمن وفاء شركة «غاز الجنوب» بالتزامها في عقد التوريد وتضمن ألا تمنعها أطراف أخرى من ذلك وهو ما يشمل «عدم السماح لأي كيان آخر بفعل شيء منصوص عليه».

ولا يذكر العقد كميات الغاز الخام الذي ستسلمه شركة «غاز الجنوب» للمشروع المشترك، الذي تقوده «شل» وتشارك فيه «ميتسوبيشي» اليابانية بحصة أقلية، وستجري مراجعتها وفقا للإنتاج من حقول النفط.

لكن الأطراف الموقعة تتوقع أن تبلغ كميات الغاز الخام المخصصة لمشروع شركة «غاز البصرة» عند مستواها المستقر 2000 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز على الأقل. وهذا المشروع جزء حيوي من خطة العراق الكبرى لتعزيز الكهرباء والصناعة المحلية.

ويقول العقد إن شركة «غاز الجنوب» ستكون ملزمة قانونا بتوريد 85 في المائة على الأقل من الكميات المتفق عليها بينما ستكون شركة «غاز البصرة» ملزمة بتسلم ودفع ثمن 90 في المائة من تلك الكميات أو دفع ثمنها حتى وأن لم تتسلمها.

وشريطة تلبية احتياجات العراق المتواضعة من الغاز فإن العقد يمنح شركة «غاز البصرة» حق بناء وتشغيل مرفأ للغاز الطبيعي المسال بطاقة 4 ملايين طن سنويا كما يمنحها الحق في بناء وتشغيل منشأة أخرى لتصدير الغاز الطبيعي المسال بعد ذلك بشرط الحصول على موافقة الحكومة.

وإذا قررت شركة «غاز البصرة» المضي قدما في الشق المتعلق بالغاز الطبيعي المسال فإن شركة «غاز الجنوب» تتعهد بإمدادها بما يكفي من الغاز الخام لإنتاج ما لا يقل عن 600 مليون قدم مكعب يوميا من خام تغذية الغاز الطبيعي المسال في غضون أربع إلى سبع سنوات من بدء تشغيل وحدة معالجة الغاز.

وستشتري وحدة مملوكة بالكامل لـ«شل» كل إنتاج الغاز الطبيعي المسال بأسعار السوق وسيحق لها بيعه في أي مكان تختاره لمدة 20 عاما على الأقل شريطة ألا تبيعه لبلد يخضع لعقوبات من الحكومة العراقية في ذلك الوقت.

وأشار اتفاق رسمي مبسط تم تقديمه للبرلمان العراقي وحصلت «رويترز» على نسخة منه في أوائل أغسطس (آب) الحالي أن شركة «غاز البصرة» ستعيد بيع الغاز الجاف لشركة «غاز الجنوب» بطريقة تسعير مرتبطة بزيت الوقود.

وتظهر المسودة النهائية للاتفاق أنه حالما تبلغ استثمارات المساهمين من القطاع الخاص نفس قيمة الأصول المنقولة من شركة «غاز الجنوب» فإن شركة «غاز البصرة» ستعيد بيع الغاز الجاف لشركة «غاز الجنوب» بسعر محسوب على أساس متوسط الأسعار اليومية لوكالة بلاتس لزيت الوقود عالي الكبريت في السوق الفورية بنظام تسليم ظهر السفينة في منطقة الخليج العربية في الربع السابق.

ووفقا لحسابات «رويترز» بناء على المتوسط اليومي لسعر إغلاق زيت الوقود عالي الكبريت بنظام تسليم ظهر السفينة في منطقة الخليج العربية في الربع الثاني من العام الحالي والبالغ 647.77 للطن فإن سعر الغاز المبيع لشركة «غاز الجنوب» سيكون 5.78 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في الربع الحالي.

وفي المقابل، تبلغ أسعار الغاز الأميركي في عقود أقرب استحقاق نحو 4.4 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية وأسعار الغاز البريطاني نحو 9.2 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

وقررت الحكومة العراقية أن شركة «غاز الجنوب» ستقوم بعد ذلك ببيع الغاز الجاف للصناعة العراقية بسعر 1.04 دولار فقط لكل مليون وحدة حرارية بريطانية بحسب الموجز الذي تم تقديمه لأعضاء البرلمان العراقي لضمان حصول العراق بتكلفة زهيدة على الوقود الذي يحتاجه لتعزيز قدراته التنافسية في منطقة تشتهر بإمدادات الغاز المدعمة.

وبنفس الطريقة سيتم تحديد سعر أي مكثفات تبيعها شركة «غاز البصرة» لشركة «غاز الجنوب» بناء على تقييمات وكالة التسعير بلاتس لخام دبي في السوق الفورية بينما سيتم تحديد أسعار غاز البترول المسال بناء على مؤشرات أرجوس لمنطقة الشرق الأقصى الآسيوية لغازي البروبان والبوتان.