«المركزي الأوروبي» يطالب بنفوذ أكبر لصندوق إنقاذ اليورو

بيانات تظهر تدهور المعنويات الاقتصادية

البنك المركزي الأوروبي (رويترز)
TT

بعد ساعات من إعلان رئيس البنك المركزي الأوروبي أمام البرلمان الأوروبي عن توقعاته بأن يتواصل النمو في منطقة اليورو، لكن بشكل متواضع، أظهرت البيانات الأوروبية التي صدرت أمس (الثلاثاء) أن المعنويات الاقتصادية في منطقة اليورو تدهورت أكثر من المتوقع في أغسطس (آب)، مما يبرز احتمالات تفاقم التباطؤ الاقتصادي في النصف الثاني من العام.

وخلال مداخلته أمام أعضاء البرلمان الأوروبي في جلسة خصصت لمناقشة أزمة منطقة اليورو، طالب جان كلود تريشيه بإلحاح من حكومات دول منطقة اليورو، أن تسرع في بلورة الاتفاق الذي توصل إليه الرؤساء الأوروبيون الشهر الماضي، بشأن تقديم حزمة إنقاذ ثانية لليونان وإعطاء نفوذ أكبر لصندوق إنقاذ اليورو.

ونقلت تقارير إعلامية أوروبية في بروكسل عن حاكم البنك المركزي الأوروبي قوله: «نعيش مرحلة دقيقة تاريخيا تتجلى فيها أخطر أزمة مالية اقتصادية عالمية منذ الحرب العالمية الثانية، وهذا أمر كبير بخطورته في أوروبا والولايات المتحدة واليابان وكل أنحاء العالم, يجب أن نستخلص العبر من هذه الأزمة في كافة المجالات، وخاصة تلك المتعلقة بالأسواق المالية والقطاع المصرفي، حيث يجب القيام بالكثير من الإصلاحات، خاصة في أوروبا، حيث يجب أن نطور عملنا وحيث نعاني من مسألة تطوير الإدارة المالية المشتركة في منطقة اليورو، وتوقع تريشيه أن يتواصل النمو في منطقة اليورو، لكن بشكل «متواضع» في أجواء من القلق «الكبير»، بشأن خطة الميزانية.

وبعد ساعات من تلك التصريحات، أظهرت بيانات، صدرت أمس، أن المعنويات الاقتصادية في منطقة اليورو تدهورت أكثر من المتوقع في أغسطس، مما يبرز احتمالات تفاقم التباطؤ الاقتصادي في النصف الثاني من العام. وأظهر مسح شهري من المفوضية الأوروبية أن المعنويات الاقتصادية في الدول الـ17 التي تستخدم اليورو، وهي مؤشر جيد للنشاط الاقتصادي في المستقبل، هبطت إلى 98.3 نقطة في أغسطس من 103 نقاط في يوليو (تموز)، مع تراجع التفاؤل في كل القطاعات.

وتراجعت المعنويات في قطاع الصناعة إلى مستوى سلبي عند 2.9 نقطة للمرة الأولى منذ سبتمبر (أيلول) 2010، بينما كان الاقتصاديون يتوقعون تراجعها إلى 1.5 نقطة من 0.9 نقطة في يوليو. وتراجعت المعنويات في قطاع الخدمات بمقدار النصف إلى 3.7 نقطة على الرغم من توقعات بتراجعها إلى 6.3 نقطة من 7.9 نقطة. وتراجعت معنويات المستهلكين أكثر من المتوقع أيضا إلى - 16.5 نقطة من - 11.2 نقطة.

وحسب الكثير من المختصين والخبراء الاقتصاديين، بيانات الثلاثاء بالتأكيد لم تفاجئ المستثمرين، مما ترك لهم المجال للاستمرار في العدول عن التشاؤم. حيث كان متوقعا تراجع الثقة في شهر أغسطس، وقالت وسائل الإعلام الأوروبية، إن مناخ الأعمال في أوروبا تراجع إلى 0.07 في أغسطس، مقابل المتوقع 0.17، أما ثقة المستهلكين فقد تحسنت بشكل ملحوظ، في حين تراجعت الثقة في الخدمات إلى 3.7 مقابل السابق 7.9 والمتوقع 6.3. بالنسبة للثقة بالاقتصاد فقد تراجعت إلى 98.3 مقابل المتوقع 101.10، أما الثقة الصناعية فقد تراجعت إلى 2.9 في آب مقابل المتوقع 1.4.

وحسب البعض من المراقبين، فإن الحذر ما زال بالتأكيد مسيطرا على الأسواق، إذ إن القلق حيال تعافي الاقتصاد العالمي والأوضاع في أوروبا، خاصة فيما يتعلق بأزمة الديون، ما زال يقلق المستثمرين.

تدهور وضع الديون في بعض الدول الأوروبية وتباطؤ تعافي بعض الاقتصاديات في المنطقة، كان له تأثير سلبي رئيسي على مستويات الثقة التي تعود للتراجع في الربع الثالث؛ ففي الربع الثالث من هذا العام، نجد أن أزمة الديون تعمقت، مما أجبر بعض الحكومات لتبني المزيد من السياسات التي تهدف إلى تحقيق استقرار في منطقة اليورو.

تدخل البنك المركزي الأوروبي في سوق السندات يقوم بحماية كل من إسبانيا وإيطاليا، أما اليونان فتوشك على الحصول على خطة إنقاذ جديدة بعد الأزمة السياسية والاقتصادية التي مرت بها.

هنالك تكهنات حول من ستكون الضحية المقبلة، فالضغوطات تتزايد على إيطاليا وإسبانيا وحتى فرنسا، التي من المرجح أن تفقد تصنيفها الائتماني، ويقول البعض إن تباطؤ النمو وتزايد المشكلات المالية يضفيان ضغطا كبيرا على اليورو وأسواق الأسهم، مما يبقي كذلك الضغوطات نحو الأعلى على العوائد وتكاليف الاقتراض بالنسبة للدول.

النمو في منطقة اليورو تباطأ بشكل ملحوظ إلى 0.2 في المائة في الربع الثاني من 0.8 في المائة في الربع الأول. حيث كان تباطؤ كبرى الاقتصاديات في المنطقة هي التي قادت هذا الهبوط.. إذ تباطأ الاقتصاد الألماني إلى 0.1 في المائة، بينما لم يحقق الاقتصاد الفرنسي أي نمو.

وفي مدريد انخفض معدل التضخم السنوي في إسبانيا للشهر الرابع على التوالي، مسجلا 2.9 في المائة في أغسطس، بما يقل 0.2 في المائة عن نسبته في يوليو، وفقا لبيانات أولية لمؤشر أسعار الاستهلاك، صادرة اليوم عن المعهد الوطني للإحصائيات.

ويشار إلى أن أسعار المحروقات وزيوت التشحيم والأغذية والمشروبات غير الكحولية هي أكثر ما أثر على معدل أسعار الاستهلاك خلال الشهر الجاري. ومن المقرر أن يتم الإعلان عن البيانات النهائية لمؤشر أسعار الاستهلاك في 13 من سبتمبر (أيلول) المقبل.

وكانت الأسعار بإسبانيا قد ارتفعت بشكل مطرد منذ سبتمبر 2010، إلى أن بلغت أعلى مستوى لها في أبريل (نيسان) الماضي، حيث سجلت 3.8 في المائة، وبدأت في الانخفاض اعتبارا من مايو (أيار) الماضي (3.5 في المائة).

ويأتي ذلك بعد أن صدق مجلس النواب الإسباني الثلاثاء على بحث المبادرة التي قدمها الحزب الاشتراكي الحاكم والحزب الشعبي المعارض، لإجراء إصلاح دستوري يتضمن إدراج ضوابط ميزانية بهدف ضبط العجز في موازنة البلاد. هذا وقد صوت لصالح بحث المبادرة 318 نائبا من الحزب الاشتراكي والشعبي واتحاد شعب نابارا، مقابل 16 نائبا ضدها وامتناع اثنين آخرين، وذلك خلال جلسة طارئة بمجلس النواب.كما صدق مجلس النواب بالأغلبية المطلقة على البدء في بحث الدستور بشكل عاجل على أن يقدم النواب كافة مقترحاتهم حوله قبل حلول ظهر الخميس المقبل، ويتوقع أن يتم الموافقة على إجرائه يوم الجمعة المقبل. ويرى الحزب الحاكم في إسبانيا أن الإصلاح الدستوري يعد ضروريا نظرا لعدم استقرار الوضع المالي العالمي، كما أعرب رئيس الحكومة الإسبانية خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو عن رضاه بعد التصديق على بحث الإصلاحات «التي تشكل أهمية بالغة لإسبانيا في الوقت الراهن».

وفي روما، توقع المصرف المركزي الإيطالي الثلاثاء نموا لاقتصاد البلاد العام الحالي، لا يتجاوز سقف الواحد في المائة، بينما رجح نموا أضعف في العام المقبل، وحذر تقرير للمصرف حمل توقيع نائب المحافظ انياتسيو فيسكو من أن ضعف النمو قد يجعل هدف تحقيق التوازن في الميزانية أكثر صعوبة، كما أنه قد يبطئ خطوات تخفيض الدين العام، وكانت حكومة يمين الوسط بقيادة سيلفيو برلسكوني أعلنت عن خطة تقشف صارمة تهدف لاستقطاعات على مدى سنتين يبلغ حجمها 45 مليار يورو، وذلك بغية تحقيق التوازن في ميزانية عام 2013.

وذلك تجاوبا مع مطالب تقدم بها في وقت سابق المصرف المركزي الأوروبي لتفادي خطر انتقال عدوى أزمة الديون السيادية اليونانية لإيطاليا، وطرحت إيطاليا الثلاثاء سندات مستحقة السداد على ثلاثة وعشرة أعوام، بقيمة إجمالية وصلت إلى ستة مليارات و739 مليون يورو، وبسعري فائدة بلغا 3.87 في المائة و5.22 في المائة على الترتيب، بما يقل عن آخر عملية طرح مماثلة للدين العام.

وذكر البنك المركزي الإيطالي في بيان أن السلطات طرحت سندات بقيمة ثلاثة مليارات و750 مليون يورو لأجل عشرة أعوام بمعدل فائدة بقدر 5.22 في المائة، بما يقل بقدر 0.55 في المائة عن عملية الطرح السابقة. وأشار إلى أن معدلات الطلب تجاوزت العرض، وبلغت أربعة مليارات و759 مليون يورو.

وتم أيضا طرح مليارين و989 مليون عبر سندات لأجل ثلاثة أعوام، بمعدل فائدة بنسبة 3.87 في المائة، أي أقل 0.92 في المائة عن عملية الطرح السابقة. وتجاوزت أيضا معدلات الطلب في المجموعة الثانية من السندات العرض، إذ إنها وصلت إلى ثلاثة مليارات و933 مليون يورو، كما تمكنت السلطات الإيطالية من طرح سندات لأجل سبع سنوات بقيمة 994 مليون يورو، ووصل معدل الفائدة إلى 4.25 في المائة.

وعقب الإعلان عن عملية الطرح، ارتفع العائد على السندات الإيطالية إلى 297 نقطة، بمعدل فائدة بنسبة 5.14 في المائة للسندات مستحقة السداد على عشرة أعوام.