الصين تقلص أعمالها في قطاع الطاقة الإيراني استرضاء لواشنطن

بكين تسعى إلى تفادي عقوبات أميركية على شركات الطاقة الصينية الكبرى

TT

تكبح الصين استثماراتها في قطاع النفط والغاز الإيراني، مما يثير غضب طهران؛ إذ يقول مسؤولون ومديرون تنفيذيون إن هذا التراجع يعكس جهود بكين لاسترضاء واشنطن وتفادي عقوبات أميركية على شركات الطاقة الصينية الكبرى.

وبحسب «رويترز» يشكل هذا خطرا كبيرا على إيران، ثاني أكبر منتج في «أوبك»؛ إذ إن الصين هي القوة الوحيدة على الساحة السياسية الدولية التي تستطيع ضخ استثمارات بمليارات الدولارات تحتاجها طهران للمحافظة على طاقة قطاع النفط الاستراتيجي.

وتحدث 4 مسؤولين تنفيذيين في قطاع الطاقة في بكين عن هذا التراجع وعن تباطؤ المشاريع الصينية في إيران في الأشهر الأخيرة، على الرغم من أن الصين اشترت مزيدا من النفط الخام من إيران التي تعتمد على بكين للحصول على الدعم والاستثمار لمواجهة العقوبات المفروضة بسبب برنامجها النووي.

وقال مسؤولون: إن تباطؤ استثمارات الطاقة الصينية في إيران جاء مدفوعا ولو جزئيا بجهود الصين منذ أواخر 2010 لتخفيف التوتر مع إدارة أوباما والحد من خطر تعرض شركات النفط الصينية للعقوبات الأميركية التي وافق عليها الكونغرس بحماس.

وقالت كيتلين هايدن، المتحدثة باسم البيت الأبيض لـ«رويترز»: إن الرئيس باراك أوباما وأعضاء بارزين في إدارته ضغطوا على بكين لكي تفعل المزيد للمساعدة في كبح جماح الأنشطة النووية الإيرانية وإن جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي، أثار هذه المسألة خلال زيارته للصين في الآونة الأخيرة.

وأضافت هايدن أن أوباما وبايدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون «شددوا جميعا على ضرورة أن تكبح الصين باستمرار استثماراتها في قطاع الطاقة الإيراني عن طريق إبطاء الأنشطة القائمة وعدم إبرام أي اتفاقات جديدة».

وقال أحد المسؤولين التنفيذيين: إن المسؤولين الأميركيين جاءوا يطرقون أبواب مسؤولي شركات الطاقة الصينية بالمعنى الحرفي للكلمة. وقال موظف كبير في الكونغرس الأميركي، يتابع العلاقات الأميركية - الصينية عن كثب لـ«رويترز»: إن الصينيين يحصلون سرا على إشادة المسؤولين الأميركيين لتعاونهم بشأن إيران.

وقال الموظف، الذي طلب عدم كشف هويته نظرا لحساسية العلاقة الدبلوماسية مع الصين: «يعود الأمر إلى ما بين منتصف وأواخر 2010 حين بدأوا يلمحون لنا بشكل واضح للغاية لا يمكننا أن نقول ذلك علنا.. لكنكم ستلحظون أننا لا نمضي قدما في تلك العقود الجديدة».

ولاحظت طهران ذلك وحذرت الشركات الصينية بأن عليها أن تحقق تقدما في مشاريع الطاقة. ويبدو أن الضغط الأميركي ضاعف التوتر التجاري المتعلق بشروط استثمارات الطاقة الصينية في إيران. وقد زادت تلك التوترات في العام الحالي.

وليست هناك مؤشرات على أن الصين ستجازف بقطع علاقتها مع طهران، لكن هذه العلاقة قد تصبح متوترة وأصعب في إدارتها.

وسعت بكين لكي تضمن أن عقوبات الأمم المتحدة على إيران لن تعرض استثماراتها في الطاقة ومشترياتها من النفط والغاز للخطر، لكن قد يجري استخدام العقوبات الأميركية أحادية الجانب لمعاقبة الشركات الصينية التي لها عمليات في الولايات المتحدة على عملها في إيران. وقد تجنبت إدارة أوباما اتخاذ تلك الخطوة، آخذة في الحسبان أن هذا التحرك من المرجح أن يثير غضب بكين.

وذكرت وسائل إعلام إيرانية أنه منذ يونيو (حزيران) تلقت مؤسسة النفط الوطنية الصينية (سي إن بي سي)، أكبر مجموعة حكومية للنفط والغاز في الصين، تحذيرين من نظيرتها الإيرانية لتسريع العمل في حقل بارس الجنوبي العملاق للغاز الطبيعي وإلا ستفقد العقد الذي تبلغ قيمته عدة مليارات من الدولارات.

وأرجأت «سي إن بي سي» حفر آبار استكشافية منذ أن وقعت عقد تطوير المرحلة الـ11 من حقل بارس الجنوبي في 2010، الذي تبلغ قيمته 4.7 مليار دولار.

وقال مسؤولان تنفيذيان صينيان: إن التحذيرات التي تلقتها «سي إن بي سي» جاءت بعد أن سحبت الشركة الوطنية الصينية للنفط البحري (كنوك)، ثالث أكبر شركة طاقة صينية، فريقها من مشروع بارس الشمالي للغاز. وقال مسؤول إنه في أواخر 2010 أمرت الحكومة الصينية «كنوك» بإيقاف العمل في المشروع. وطلب كل مسؤولي القطاع الصينيين عدم كشف هوياتهم. ورفض متحدثون باسم الشركات الإجابة عن أسئلة متعلقة بإيران.

وأرجأت «سينوبك»، ثاني أكبر شركة صينية للنفط والغاز، التي قالت مصادر نفطية في بكين إنها أنجزت على الأرض أعمالا تفوق ما أنجزته الشركتان الأخريان موعد إطلاق مشروع حقل يادوران النفطي الذي تبلغ قيمته ملياري دولار.

وقد تعكس تلك الخطوات أيضا استياء الصين بسبب صعوبات الاستثمار في إيران.. فمنذ فترة طويلة تعتبر شركات النفط العالمية شروط العقود الإيرانية غير جذابة.

ووصف مسؤول صيني الإيرانيين بأنهم «مفاوض صعب».