أميركا: الحكومة تقاضي 12 مصرفا كبيرا بشأن الرهن العقاري

تسعى إلى الحصول على تعويضات بمليارات الدولارات

TT

من المقرر أن تقوم الهيئة الفيدرالية المشرفة على عملاقي الرهن العقاري «فاني ماي» و«فريدي ماك» برفع دعاوى قضائية ضد أكثر من 12 مصرفا كبيرا لتتهمها بسوء عرض جودة أوراق الرهن العقاري المالي التي جمعتها وباعتها في ذروة فقاعة الإسكان، مع السعي إلى الحصول على مليارات الدولارات تعويضا لذلك.

وتستهدف دعاوى هيئة تمويل الإسكان الفيدرالية، المتوقع رفعها خلال الأيام المقبلة أمام محكمة فيدرالية، عدة مصارف، منها: «بنك أوف أميركا» و«جي بي مورغان تشيس» و«غولدمان ساكس» و«دويتشه بنك»، بحسب ما أفادت مصادر على اطلاع بالأمر.

تأتي هذه الدعاوى بعد مذكرات استدعاء أصدرتها الهيئة الفيدرالية للمصارف قبل عام. تقول المصادر: إنه إذا لم يتم رفع القضية يوم الجمعة، سيتم رفعها يوم الثلاثاء، أي قبيل انتهاء المدة المسموح لهيئة الإسكان برفع دعاوى فيها.

وستقول الدعاوى: إن المصارف، التي جمعت الرهون العقارية وسوقتها كأوراق مالية إلى مستثمرين، فشلت في القيام بإجراءات الفحص النافي للجهالة اللازمة بموجب قوانين الأوراق المالية وتجاهلت أدلة على أن مداخيل مقترضين كانت مبالغا فيها أو غير حقيقية. وعندما كان الكثير من المقترضين غير قادرين على دفع رهونهم العقارية فقدت الأوراق المالية المدعومة بالرهون العقارية قيمتها سريعا.

وخسرت «فاني» و«فريدي» أكثر من 30 مليار دولار، ويرجع ذلك بصورة جزئية إلى الصفقات، وهي الخسائر التي تحملها دافعو الضرائب.

وفي يوليو (تموز)، قامت الهيئة برفع دعوى قضائية ضد «يو بي إس»، شركة أوراق مالية كبرى، في سعي إلى استعادة 900 مليون دولار، على الأقل، وتقول المصادر المطلعة إن الدعوى الجديدة ستكون في نطاق مماثل.

ويحاول ملاك أوراق الرهن العقاري من القطاع الخاص إجبار المصارف الكبرى على شراء عشرات المليارات في صورة سندات متعثرة مدعومة بالرهن العقاري، لكن هذا الجهد الفيدرالي يمثل محاولة جديدة في معركة قانونية ضخمة كانت بمثابة إنذار لمستثمرين في أسهم المصارف. وفي هذه الحالة، فإنه بدلا من مطالبة المصارف بشراء القروض الأصلية، تسعى هيئة التمويل إلى الحصول على تعويض مقابل الخسائر على الأوراق المالية لدى «فاني» و«فريدي».

وتظهر الدعوى القضائية المحتملة كيف أنه بعد 3 أعوام من انهيار «ليمان براذرز» وبدء أزمة مالية تعود بدرجة كبيرة إلى إقراض محفوف بالمخاطر، تتزايد التداعيات القانونية.

وإلى جانب المستثمرين الغاضبين، وصل 50 محاميا عاما في الولايات إلى المراحل الأخيرة من التفاوض بشأن تسوية لمعالجة انتهاكات من جانب خدمات الرهن العقاري الأكبر، بما في ذلك «بنك أوف أميركا» و«جي بي مورغان» و«سيتي غروب». ويضغط المحامون العامون، ومعهم مسؤولون فيدراليون، على المصارف لدفع 20 مليار دولار، على الأقل، في تلك القضية، مع تخصيص الكثير من المال لتقليل الرهون العقارية لملاك المنازل المواجهين لإجراءات نزع الملكية.

وفي الشهر الماضي، قام عملاق التأمين «أميركان إنترناشيونال غروب» برفع دعوى قضائية ضد «بنك أوف أميركا» والمطالبة بـ10 مليارات دولار. وتتهم المجموعة المصرف ووحدات «كنتري وايد فاينانشيال» و«ميريل لينتش»، التابعة له، بسوء عرض جودة رهون عقارية دعمت الأوراق المالية التي اشتراها عملاق التأمين.

وقد رفض «بنك أوف أميركا» و«غولدمان ساكس» و«جي بي مورغان» التعليق. ويقول فرانك كيلي، المتحدث باسم «دويتشه بنك»: «لا يمكننا التعليق على دعوى قضائية لم نرها ولم ترفع بعد».

لكن يقول مسؤولون تنفيذيون في قطاع الخدمات المالية: إن الخسائر في الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري تسببت فيها حالة أوسع من الركود داخل الاقتصاد وسوق الإسكان، وليست الطريقة التي ظهرت بها الرهون العقارية في شكل أوراق مالية. ويقولون إن مستثمرين مثل «أميركان إنترناشيونال غروب» و«فاني» و«فريدي» كانوا أذكياء ويعرفون أن الأوراق المالية لم تكن بلا مخاطر.

ويخشى مستثمرون من أنه إذا أجبرت المصارف على دفع مليارات الدولارات مقابل رهون عقارية تعثرت بعد ذلك، فإن ذلك قد يستنزف أرباحا لأعوام ويسهم في خسائر أخرى داخل قطاع الخدمات المالية، الذي بدأ مؤخرا يستعيد وضعه.

ويقول مسؤولون مصرفيون: إن الهجمات القضائية الأخرى سترجئ التعافي في قطاع الإسكان، الذي ما زال في بدايته، وسيضر ذلك الاقتصاد بشكل عام. وحذر خبراء آخرون من أن سلسلة من التسويات العكسية تكلف المصارف مليارات الدولارات وتطرح مخاطر أخرى، حتى لو كانت الدعاوى لها صفة قانونية.

وقد أنشئت هيئة تمويل الإسكان الفيدرالية عام 2008 وكلفت بالإشراف على شركات الرهن العقاري المدعومة من الحكومة المتعثرة، في عملية عرفت باسم «الوصاية».

ويقول تيم رود، الذي عمل لدى «فاني ماي» حتى 2006 الشريك بـ«كولينغ وود غروب» التي تقدم استشارات للمصارف وشركات أخرى في قطاع الإسكان: «على الرغم من أنني أعتقد أن هيئة تمويل الإسكان الفيدرالية تعمل بصورة مسؤولة في دورها كوصي، أخشى من أننا نخاطر بدفع هؤلاء من أعلى تل، وسيكون علينا إنقاذ المصارف مرة أخرى».

وسيتم رفع الدعاوى القضائية حاليا لأن المنظمين يخشون من أنه سيكون من الصعب المطالبة بالحق بعد انتهاء الوقت المحدد لرفع الدعوى القضائية يوم الأربعاء، الذي يوافق الذكرى الثالثة للاستحواذ الفيدرالي على «فاني ماي» و«فريدي ماك».

وعلى الرغم من أن المصارف تضم عشرات المليارات من الدولارات في أوراق مالية في الرهون العقارية مدعومة بقروض محفوفة بالمخاطر، لا تسعى هيئة تمويل الإسكان الفيدرالية إلى الحصول على الكمية الكاملة كتعويض؛ لأن بعض الرهون العقارية ما زالت جيدة وما زالت الاستثمارات لها بعض القيمة. وفي دعوى «يو بي إس»، قالت الهيئة إنها تمتلك رهونا عقارية قيمتها 4.5 مليار دولار، وتبلغ إجمالي الخسائر 900 مليون دولار. ولم تحقق المفاوضات بين الهيئة و«يو بي إس» تقدما يذكر.

وقد استحوذ عملاقا الرهون العقارية على الأوراق المالية في الأعوام التي سبقت انهيار سوق الإسكان؛ حيث كانا يتوسعان سريعا ويبحثان عن استثمارات جديدة بدت آمنة. ومن الأشياء الموجودة في هذه القضية أوراق مالية تدعى خاصة كانت مدعومة بقروض محفوفة بالمخاطر، لكنها صنفت على أنها استثمارات آمنة (AAA) من جانب هيئات التصنيف.

ويقول ديفيد فلت، وهو محامٍ كان نائب المستشار العام لهيئة التمويل حتى يناير (كانون الثاني) 2010: إنه في الأعوام السابقة لـ2007 «كانت السوق مندفعة، وبعد ذلك كان من الصعب الحصول على قروض عالية الجودة لتوريقها أو إبقائها في محفظتك». وأضاف: «حسبت (فاني) و(فريدي) فإنهما كانتا تأخذان أوراقا مالية AAA، وكما الحال مع الكثير من المستثمرين فوجئتا عندما تبين أنها ليست استثمارات على هذا القدر من الجودة».

وأشار رود إلى أن «فاني» و«فريدي» لديهما أسباب أخرى لشراء الأوراق المالية. وقد كانت لها عوائد أكبر في وقت كان فيه عملاقا الرهون العقارية يستطيعان شراءها باستخدام أموال مقترضة بمعدلات فائدة منخفضة، بفضل الضمان الفيدرالي الضمني الذي كانا يتمتعان به.

علاوة على ذلك، فإنه بموجب القانون كان مطلوبا من «فاني» و«فريدي» دعم قروض إلى مقترضين دخولهم منخفضة ومعتدلة، وكان ينظر إلى الأوراق المالية الخاصة على أنها تخدم هذه الأهداف.

ويقول رود: «ضغوط المنافسة ومستهدفات الإسكان الكبيرة أجبرتهم على العمل مثل صناديق تحوط أكثر منهم ضامنين ترعاهم الحكومة».

وفي الواقع حذر منظمون «فريدي» عام 2006 من أن شراءها لأوراق مالية محفوفة بالمخاطر يتجاوز قدراتها لإدارة المخاطر، لكن الشركة استمرت في ذلك.

ومنذ 30 يونيو (حزيران) تحوز «فريدي ماك» 80 مليار دولار في صورة أوراق مالية بقطاع الرهن العقاري مدعومة بقروض منازل مثل رهون عقارية محفوفة بالمخاطر وقرض بديل الفئة (أ). وتقدر «فريدي» أن إجمالي خسائرها يقف عند قرابة 19 مليار دولار. وتحوز «فاني ماي» 38 مليار دولار في صورة أوراق مالية مدعومة بقرض بديل الفئة (أ) وقروض محفوفة بالمخاطر؛ حيث تقف الخسائر عند قرابة 14 مليار دولار.

* خدمة «نيويورك تايمز»