أمين اتحاد المستثمرين العرب: الحديث ما زال مبكرا عن قدرة دول «الربيع العربي» على جذب استثمارات

قال لـ «الشرق الأوسط» إن تونس مهيأة أكثر لجذب رجال الأعمال إليها

تحاول دول «الربيع العربي» وضع خطط لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية (أ.ف.ب)
TT

في وقت تأمل فيه شعوب دول «الربيع العربي» في تحقيق طفرة اقتصادية، بعد خطوات قطعوها على طريق الإصلاح السياسي في البلاد التي تجاوزت إشكاليات أفرزها مناخ الفساد الذي قالوا إنه «وليد زواج السلطة والمال» في بلدانهم، يرى خبراء أن الوقت ما زال مبكرا لاتخاذ رجال الأعمال خطوة إلى الأمام نحو ضخ أموالهم في الدول التي لم تستقر أنظمتها حتى الآن.

وكثرت التصريحات في الآونة الأخيرة عن عزم بعض الشركات العربية والأجنبية دخول السوق الليبية لاقتناص فرص استثمارية هناك، خاصة في مجال البنية التحتية التي تقدر قيمتها الأولية بنحو 200 مليار دولار، وقبل ذلك كانت الأضواء مسلطة على مصر مع إعلان عدة دول وشركات عربية الاستثمار هناك، ولكن لم تؤخذ خطوة حتى الآن لضخ الاستثمارات التي تم الإعلان عنها.

وتحاول دول الربيع العربي وضع خطط لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، فأعلنت مصر أمس عن إجراءات جديدة لتشجيع الاستثمار وحل مشكلات الصناع بهدف تحقيق التوازن بين المصلحة العامة والتيسير على الصناع، وتضم تلك التيسيرات تخفيض قيمة خطابات الضمان على جميع الأراضي بالمناطق الصناعية بالمدن الجديدة والمحافظات وتطبيقها بأثر رجعي ومد المهلة المجانية الإضافية لكل المشروعات الصناعية بالإضافة إلى استخراج سجل صناعي دائم يراجع كل خمس سنوات وفقا للقواعد والإجراءات المتبعة.

يأتي هذا القرار في محاولة لتلبية مطالب الصناع للقضاء على المعوقات كافة التي كانت تقف حائلا أمام إقامة توسعاتهم أو إنشاء مشروعات جديدة. يشار إلى أن هذا القرار شاركت في إعداده اللجنة التي تم تشكيلها من الوزارة وممثلي اتحاد الصناعات المصرية وبما يحقق التوازن بين المصلحة العامة وحل مشكلات الصناع والمستثمرين.

ويرى جمال بيومي أمين عام اتحاد المستثمرين العرب أن الحديث عن جذب استثمارات إلى دول الربيع العربي لا يزال مبكرا، خاصة مع عدم استقرار الأوضاع السياسية في تلك الدول.

وقال بيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «تونس تعتبر من الأفضل بين دول الربيع العربي الأكثر جذبا للمستثمرين، نظرا لأن ظروفها مختلفة عن بقية الدول الأخرى، فالثورة هناك كانت على الفساد، فلم يتحدثوا مثلا عن عدم رضاهم عن الوضع الاقتصادي في البلاد»، متابعا بقوله: «تونس من أفضل الدول العربية أيضا التي أحدثت طفرة في التحول الاقتصادي، ولكن يجب أيضا أن يستقر الوضع السياسي».

ويعتقد بيومي أن «الوضع في مصر مختلف عن الوضع التونسي، رغم أن مصر من أكبر الدول العربية جذبا للاستثمارات الأجنبية، وتحتل المرتبة الثانية أو الثالثة بينها من حيث حجم الاستثمارات الخارجية المتدفقة إليها، ولكن مشكلة مصر ليست في وجود الثورة، لكنها تتمثل في عنصرين؛ الأول هو استمرار غياب الأمن مما يعرض المنشآت والأشخاص للخطر، وأما المشكلة الثانية فهي مشكلة سياسية، فلا توجد رؤية واضحة عن الخط الذي يسعى أبناء مصر أن يكون عليه الاقتصاد المصري، فنرى تصريحات لبعض السياسيين بأن بلاده لا تحتاج إلى السياحة ولا إلى قناة السويس، ويظهرون العداء للولايات المتحدة وبعض الدول العربية الأخرى التي يقولون إنها تتعاطف مع الرئيس السابق، وكل تلك إدعاءات غير حقيقية، فيما يذهب البعض الآخر ليقول إن المشكلة الأساسية هي اتفاقية الجات التي أعادت البلاد إلى الخلف وأضرت بالصناعات المحلية. وهؤلاء المتحدثون لا يعلمون أن تلك الاتفاقية أعدت في عهد عبد الناصر عام 1970».

ويضيف بيومي أن تلك التصريحات أضرت بجاذبية الاستثمار في مصر، ولم تعط إشارة واضحة على استعداد البلاد لها، وتابع: «أضف إلى ذلك، التصريحات المتضاربة للمسؤولين المصريين، فعلى سبيل المثال، ما تناولته الصحف على لسان نائبي رئيس الوزراء المصري، فأحدهما يقول إن البلاد لن تمضي في برنامج الخصخصة، أي إنها ستبتعد عن آلية السوق الحرة، ثم يخرج علينا النائب الآخر ليقول إننا متمسكون باقتصاد السوق الحرة».

ويؤثر هذا التناقض الواضح في تصريحات المسؤولين على جاذبية الاستثمار في البلاد، بحسب بيومي، «فكيف يضخ رجال الأعمال استثمارات في مصر وهم لا يعلمون إذا ما كانت الدولة تريد تأميما أم تخصيصا؟».

ويؤكد بيومي أن هناك مستثمرين من بعض الدول العربية لم تطأ أقدامهم مصر منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، بسبب خوفهم من أن تطالهم أحكام قضائية مثل التي صدرت على بعض رجال الأعمال بتهم الفساد، فهم يخشون من كثرة القضايا التي طالت رجال الأعمال في الآونة الأخيرة. فالمشكلة في مصر من وجهة نظر أمين عام اتحاد المستثمرين العرب تتمثل في «انعدام الأمن وعدم الاتفاق على الخط السياسي الذي نريد أن يكون عليه الاقتصاد المصري على المدى القصير والمتوسط والبعيد، مما أدى إلى عدم ضخ أي استثمارات جديدة في البلاد». وقال: «أعتقد أن المسؤولين بمصر يدرسون جيدا كيفية طمأنة المستثمرين العرب والمصريين والأجانب ولكنهم لم يعطوا حتى الآن أي إشارات لذلك».

أما في ليبيا، فالوضع مختلف كما يقول بيومي، فهي دولة جاذبة للاستثمارات بسبب الثروات البترولية لديها، ولكن ثورتها ستجذب شركات المقاولات العربية لإعادة الإعمار، ولكنه يعتقد أن البنية الأساسية في ليبيا لم تضار بشكل كبير بسبب الثورة.

أما في سوريا، «فلا تزال فيها الصورة غير واضحة، فالثورة هناك لا تزال مستمرة، كما أن تلك الدولة لم تتخذ قرارا بالانضمام إلى اتفاقية الجات، وعلاقتها الاقتصادية الخارجية محدودة، كما أن مناخ الاستثمار بها بطيء.. لذلك، ستحتاج إلى فترة كبيرة لكي تكون رؤيتها بعد هدوء الأوضاع هناك».