اليورو يشهد يوما سيئا.. وخسائر حادة للبنوك الأوروبية

«المركزي الأوروبي» يطالب بتكثيف الإصلاحات.. وميركل تؤكد أن انسحاب أي دولة من منطقة اليورو سيؤدي إلى انهيار خطير

رجل اعمال يتابع من مكتبه اسعار البورصة في فرانكفورت أمس (إ.ب.أ)
TT

شهدت الأسهم الأوروبية أمس يوما صعبا، مددت فيه خسائرها متأثرة بالمخاوف من أن الاقتصادات الكبرى قد تكون في طريقها إلى الركود مجددا. وكانت أسهم البنوك بين أكبر الخاسرين، حيث يواجه بعضها دعوى قضائية أميركية بشأن الديون عالية المخاطر.

وانخفض مؤشر «يوروفرست 300» لأسهم كبرى الشركات الأوروبية 4.3 في المائة إلى 908 نقاط. وخسر مؤشر «ستوكس يوروب 600» للبنوك 6.3 في المائة.

وفي الوقت نفسه تراجع اليورو بشكل عام أمس ملامسا أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع أمام الدولار، نظرا لمخاوف بشأن عجز ميزانيتي اليونان وإيطاليا وهزيمة الائتلاف الحاكم في انتخابات محلية بألمانيا، مما ألقى بمزيد من الشك على قدرة منطقة اليورو على معالجة أزمة ديونها.

وهبط اليورو إلى 1.4108 دولار على منصة المعاملات الإلكترونية «اي بي اس»، مسجلا أضعف سعر منذ منتصف أغسطس (آب). وقلصت العملة الموحدة خسائرها مع تدخل مؤسسات سيادية آسيوية بالشراء حول 1.4110 دولار، ولوحظت أوامر شراء عند أقل من مستوى 1.4100 دولار.

وتراجعت عملات أخرى تعتبر عالية المخاطر مثل الدولارين الأسترالي والنيوزيلندي أمام الدولار الأميركي، حيث أذكت بيانات ضعيفة عن الوظائف في الولايات المتحدة يوم الجمعة مخاوف من احتمال عودة الاقتصاد الأميركي إلى الركود.

وأثار تعليق مهمة الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي إلى اليونان الأسبوع الماضي تساؤلات بشأن ما إذا كانت تستطيع خفض عجز ميزانيتها بما يكفي للحصول على شريحة جديدة من أموال الإنقاذ، في حين ما زال عجز إيطاليا عن تلبية التزامات ميزانيتها حتى الآن يعصف بسوق سنداتها السيادية.

وعلقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس قائلة إنها لا تعتقد أن أي دولة ستنسحب من منطقة اليورو، مضيفة أن مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى انهيار متتابع خطير. وقالت ميركل في مؤتمر صحافي: «من زاوية فنية وقانونية ليس هناك احتمال على الإطلاق، لكنني أيضا لا أفكر في هذا الاحتمال لأننا قد نبدأ انهيارا متتاليا شديد الخطورة على عملتنا». وأضافت أن من المهم بالنسبة لليونان أن تلتزم بما تعهدت به من إصلاحات اقتصادية.

وقالت المستشارة الألمانية إنها واثقة من أن حكومتها التي تنتمي إلى تيار يمين الوسط ستحقق أغلبية في اقتراع على صندوق إنقاذ منطقة اليورو في 29 سبتمبر (أيلول)، ونفت أن يكون موقفها من أزمة اليورو سببا في هزيمة حزبها الاتحاد الديمقراطي المسيحي في حملته الانتخابية في ولاية ميكلينبورغ فوربوميرن أول من أمس.

ويرى المحللون تناميا في احتمالات تراجع اليورو بعدما مُني حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بزعامة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بهزيمة في انتخابات بولاية ميكلينبورغ فوربوميرن أول من أمس، مما يسلط الضوء على تراجع شعبية المستشارة الألمانية واستياء كثير من الألمان من المساهمة في ميزانيات إنقاذ منطقة اليورو.

وقال جيفري يو، خبير العملات لدى «يو بي إس»: «لا يزال الاتجاه النزولي يهيمن على حركة اليورو، حيث إن جميع التعليقات سلبية لكن لا توجد حتى الآن محفزات كافية في الأنباء المتدفقة تدفع اليورو للخروج من نطاقه مقابل الدولار ودون 1.4000 دولار».

ودفعت خسائر اليورو الدولار للصعود إلى 75.074 أمام سلة من العملات، مسجلا أعلى مستوى منذ أوائل أغسطس رغم أن متعاملين قالوا إن عطلة عامة في الولايات المتحدة اليوم ربما حدت من تحركات العملة.

وهبط اليورو نحو واحد في المائة إلى أقل من 1.1100 فرنك سويسري مع ارتفاع الطلب على الملاذات الآمنة بفعل بواعث القلق الاقتصادية في منطقة اليورو، ومؤشرات على استمرار تباطؤ الاقتصاد الأميركي، بينما طالب رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه وخلفه ماريو دراجي أمس الحكومات الأوروبية بالإسراع في تعزيز صندوق إنقاذ إقليمي، والمضي قدما في إصلاحات واسعة النطاق.

ومع تباطؤ بعض دول منطقة اليورو في الموافقة على إصلاح آلية الاستقرار المالي الأوروبية التي جرى الاتفاق عليها في يوليو (تموز) حذر تريشيه ودراجي، الذي يشغل حاليا منصب محافظ بنك إيطاليا المركزي، من أن أي تأخير يهدد بتفاقم أزمة ديون منطقة اليورو.

وأكد دراجي الذي يحل محل تريشيه في نوفمبر (تشرين الثاني) أيضا على أن برنامج البنك المركزي الأوروبي لشراء السندات السيادية - الذي أتاح متنفسا في أسواق الديون لدول على أطراف منطقة اليورو مثل إيطاليا وإسبانيا في الأسابيع القليلة الماضية - إجراء مؤقت وليس بديلا عن تنفيذ إصلاحات مالية.

وكان رئيس حزب صغير في الائتلاف الحاكم بسلوفاكيا قال أمس الأحد إن البرلمان لن يصوت قبل ديسمبر (كانون الأول) على أقرب تقدير على تعزيز صندوق إنقاذ منطقة اليورو المشترك البالغ حجمه 440 مليار يورو، والذي اتفق عليه القادة الأوروبيون في يوليو، وهو موعد متأخر جدا عن الموعد النهائي الذي يستهدفه مسؤولو منطقة اليورو في أكتوبر (تشرين الأول).

وقال تريشيه في مؤتمر في باريس: «من الواضح أن لدينا حاجة مطلقة وكاملة إلى أن يتم تنفيذ جميع القرارات على الفور وفقا لما قرره رؤساء الدول والحكومات المختلفة». وفي نص خطابه الذي نشره الموقع الإلكتروني لبنك إيطاليا المركزي حذر دراجي من أن «التأخير أو عدم التيقن في العملية يهدد بإشعال الاضطرابات في السوق مجددا». وأضاف: «قدرة الدول ذات السيادة على السداد لم تعد مضمونة»، داعيا أعضاء منطقة اليورو للمضي قدما في إجراءات التقشف، ومحذرا من أن شراء البنك المركزي الأوروبي للسندات ظاهرة مؤقتة.