الشركات المصرية قد تواجه تعنتا في مفاوضات إعادة التأمين المقبلة

مسؤولون لـ «الشرق الأوسط» : المؤسسات العالمية ستعدل تعريفها للاضطرابات حتى تقلص المخاطر

توقع مسؤولون في شركات التأمين المصرية سعي شركات الإعادة في الخارج إلى تعديل نص ملحق الشغب والاضطرابات (رويترز)
TT

بدأت شركات التأمين المصرية مفاوضاتها مع شركات إعادة التأمين المحلية والعالمية، لإسناد جزء من محفظتها التأمينية لتلك الشركات بهدف تحمل الأخيرة لجزء من التعويضات في حال استحقاقها، وتوقع خبراء في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» أن تواجه الشركات المصرية تعنتا وتشددا من قبل شركات الإعادة العالمية، خاصة ذات المستوى الأول، بسبب المنافسة الكبيرة في السوق المصرية وأحداث ثورة يناير (كانون الثاني)، وما أعقبها من انفلات أمني وأعمال عنف.

وتوقع مسؤولون في شركات التأمين المصرية سعي شركات الإعادة في الخارج إلى تعديل نص ملحق الشغب والاضطرابات، وهو ما سيؤدي إلى اختلاف تعريفات الأخطار المستحقة للتعويض.

وقال محمد عبد الجواد الرئيس التنفيذي لشركة «المشرق العربي للتأمين التكافلي» إن مفاوضات السوق المصرية مع شركات إعادة التأمين العالمية يحكمها تطور السوق نفسها وطرق الاكتتاب الخاصة بقبولها للعمليات التأمينية، وأوضح أن مصر موقفها أفضل كثيرا من دول أخرى بالمنطقة كسوريا وتونس وليبيا واليمن، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والتي ستعطي نوعا من الاستقرار السياسي للسوق المصرية.

وأوضح عبد الجواد أن الأحداث التي مرت بها مصر واستمرار الوقفات الاحتجاجية أدى إلى ارتفاع أسعار وثائق الشغب والاضطرابات، وهو ما دفع معيدي التأمين إلى وضع حدود وشروط معينة لقبول هذه المخاطر إضافة إلى وضع نسب تحمل عالية لها من جانب شركات التأمين نفسها.

واستبعد عبد الجواد خروج معيدي التأمين من السوق المصرية معتبرا ذلك نوعا من المجازفة خاصة أن إعادة الدخول للسوق المصرية مرة أخرى «ليست سهلة» خاصة مع تشابه الظروف السياسية لدى معظم الدول بالمنطقة العربية، مشيرا إلى أن الفرصة الآن سانحة أمام دخول شركات إعادة التأمين العربية إلى مصر مثل «سعودي – ري» و«الفجر – ري» الكويتية والعمانية لإعادة التأمين و«عرب – ري» بلبنان.

وأكد حامد محمود صلاح الدين مدير إدارة إعادة التأمين بـ«المصرية للتأمين التكافلي» أن الأحداث الأخيرة جعلت الأخطار السياسية مستثناة بالكامل من جميع الوثائق، موضحا أن انسحاب شركتي «ميونيخ ري» و«سويس ري» من السوق المصرية منذ 4 سنوات أثر على المنافسة وجعل باقي الشركات المتخصصة في إعادة التأمين تتحكم في السوق المصرية وتفرض شروطها، خاصة فيما يتعلق بالأسعار المرتفعة لقبول المخاطر السياسية وأخطار الشغب والاضطرابات الأهلية، وأكد أن السوق المصرية تعاني من صعوبات فيما يتعلق بملاحق الشغب والاضطرابات ويتمثل ذلك في وضع قيود في الإصدار وتغطية تأمين تلك الأفعال بنسبة معينة بحد أقصى 25% من مبلغ التأمين، إضافة إلى أن الاضطرابات الأهلية إذا زاد حجمها ووصلت إلى ثورة أو انتفاضة تعتبر مستثناة حسب شروط الوثائق.

وأضاف صلاح الدين أن معيدي التأمين بالخارج يسعون إلى تعديل نص ملحق الشغب والاضطرابات، فكل معيد تأمين يريد أن يضع تعريفا لهذا الملحق خاصا به هو فقط، وهو ما سيؤدي إلى اختلاف تعريفات الأخطار المتضمنة في الملحق لكل شركة تأمين حسب معيد التأمين الخاص بها، وطالب الاتحاد المصري للتأمين بالقيام بدور حازم للحفاظ على النصوص والتعريفات الموحدة للمخاطر.

وأشار عمر عنتر مدير إدارة التأمين المركزية بمجموعة «الخرافي» إلى أن اتفاقيات إعادة التأمين تنقسم إلى نوعين الأول «اتفاقي» وهي اتفاقيات أوتوماتيكية تعقدها شركات التأمين في بداية كل عام، لكل نوع تأمين في حدود مبالغ معينة أو في حدود طاقة استيعابية معينة، والثاني «اتفاقيات الإعادة الاختيارية» وهي تستوعب الأخطار التي لم تستوعبها الاتفاقية الأصلية.

وتوقع عنتر قيام شركات إعادة التأمين بوضع شروط منفصلة لأخطار الشغب والاضرابات في التجديدات المقبلة لاتفاقيات الإعادة خاصة في ظل حالة الانفلات الأمني وانتشار البلطجة، وهو ما يشجع شركات التأمين في قبول الأخطار الرديئة بشروط وتحميل عال، وبالتالي سيتم إعادة تأمينها اختياريا حسب كل حالة.

وأشار إلى أن بعض العملاء يفكرون في إجراء تغطيات للأخطار السياسية تصدر منفصلة في وثائق متخصصة، وتغطي أخطار الإرهاب والتخريب والشغب والثورات والإضرابات العمالية، لتفادي تخبط توصيف شركات التأمين للأحداث الأخيرة، خاصة أن معظم الفنادق والمنشآت السياحية تحتاج لمثل هذا النوع من التأمين.

في حين يري الدكتور علاء العسكري مدرس مساعد التأمين والعلوم الاكتوارية بكلية التجارة جامعة الأزهر أن أحداث الثورة والحرائق وكم التعويضات التي تكبدتها شركات التأمين ستؤثر على مركزها المالي، وبالتالي على اتفاقيات الإعادة بما يمكن أن يدفع شركات الإعادة ذات المستوى الأول إلى رفض قبول عمليات من السوق المصرية أو لجوئهم إلى رفع الأسعار ووضع شروط فنية لقبول الأخطار وهو ما سيجبر شركات التأمين على قبول أخطار معينة حسب اتفاقيات الإعادة.

وأكد أن أحداث الشغب والاعتصامات لن تؤثر على اتفاقيات الإعادة بشكل مباشر لكنها ستؤثر على حجم العمليات الواردة لشركات التأمين، مشيرا إلى أن هناك عدة عوامل تؤثر على تصنيف شركات التأمين بالنسبة لمعيدي التأمين وهي الملاءة المالية للشركة والأسعار ومعدل الخسائر والأرباح وهي عوامل يترتب عليها سعر الإعادة أيضا.