مخاوف بشأن إيطاليا واليونان تهز منطقة اليورو

استراتيجية القادة تكاد تنهار مع تنامي رفض التقشف في جنوب القارة وتصاعد الاستياء بدول القلب

مظاهرة لعمال إيطاليين ضد الخطط التقشفية الحكومية
TT

بدت أزمة ديون منطقة اليورو على وشك الخروج عن السيطرة أمس وسط شكوك بشأن استعداد إيطاليا واليونان للمضي قدما في تقشف يطالب به شركاؤهما إضافة إلى تصاعد المعارضة لتقديم مزيد من المساعدة في ألمانيا أكبر ممول.

وفي ظل إضرابات على مستوى البلاد، سارعت حكومة رئيس الوزراء الإيطالي المحاصر بالانتقادات سيلفيو برلسكوني للحصول على موافقة البرلمان على حزمة إصلاحات نالت من مصداقية روما في الأسواق المالية بسبب الطريقة الفوضوية التي جرت بها معالجتها.

وفي غضون ذلك، يضع تراجع مالي في اليونان دفعة مساعدة جديدة من المقرضين الدوليين على المحك، وقد دفع بعض المشرعين في حزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى سؤالها لماذا لا تطرد أثينا ببساطة من نادي العملة التي يستخدمها 17 بلدا.

وبعد ستة أسابيع فحسب من اجتماع قادة منطقة اليورو في بروكسل للاتفاق على إجراءات جديدة لمكافحة الأزمة تكاد استراتيجيتهم تنهار مع تنامي رفض التقشف في دول جنوب أوروبا وتصاعد مشاعر الاستياء في دول القلب مثل ألمانيا إلى أوجها.

وقال ديفيد ماكي الاقتصادي لدى «جيه بي مورغان» في لندن: «حالما تقول لإيطاليا لن نترككم تسقطون تصبح لهم اليد العليا.. ثمة مشكلة خطر أخلاقي بخصوص اليونان منذ فترة. والآن لدينا مشكلة في إيطاليا أيضا».

وانحدر اليورو إلى أدنى مستوى في ستة أشهر مقابل الين وإلى أدنى مستوى في سبعة أسابيع مقابل الدولار في المعاملات المبكرة أمس مع تنامي مخاوف السوق بشأن الأزمة.

وارتفعت السندات الإيطالية أمس بعد تراجع حاد، وهو ما عزاه متعاملون إلى تدخل من البنك المركزي الأوروبي. وكان الرئيس القادم للبنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي قال الاثنين إنه لا يمكن التعويل على البنك لشراء سندات أعضاء منطقة اليورو الضعاف إلى أجل غير مسمى، مما اعتبر على نطاق واسع تحذيرا إلى بلده إيطاليا.

كان «المركزي الأوروبي» وافق الشهر الماضي على شراء السندات الإيطالية والإسبانية في السوق المفتوحة للحيلولة دون تصاعد تكاليف الاقتراض الذي يهدد بتمزيق عملة أوروبا الموحدة بعد 12 عاما من بدء العمل بها.

لكنه لم يقم بذلك إلا بعد الحصول على تعهدات جديدة بالإصلاح من روما، وهي التعهدات التي تلاعبت بها حكومة برلسكوني منذ ذلك الحين تحت ضغط من الاتحادات العمالية.

ويعول «المركزي الأوروبي» أيضا على الحكومات الأوروبية للتدخل والاضطلاع بدور مشتري الملاذ الأخير للسندات فور حصول آلية الإنقاذ - آلية الاستقرار المالي الأوروبي - على صلاحيات جديدة.

ويتطلب هذا موافقة البرلمانات الوطنية على تعديلات أدخلت على الآلية وهي عقبة كبيرة في الدول الأعضاء التي تشهد رفضا شعبيا لمساعدة الأعضاء الذين يمرون بأزمة.

وترفض سلوفاكيا الاقتراع قبل أن يؤيد كل أعضاء اليورو الآخرين التعديلات. وفي ألمانيا يتعرض موقف ميركل نفسها للخطر إذا تمرد عدد كاف من حلفائها المحافظين في تصويت للبرلمان الألماني مقرر له يوم 29 سبتمبر (أيلول) الحالي.

وفي اجتماع لحزبها يوم الاثنين، سئلت ميركل مرارا إن كان من الأفضل طرد اليونان من منطقة اليورو. لكنها حذرت من ذلك قائلة إن خطوة كهذه قد تطلق تأثيرا متتابعا خطيرا.

وتواجه ميركل ضغوطا مكثفة من بعض الدول الأخرى في أوروبا للموافقة على إصدار سندات مشتركة لمنطقة اليورو كطريقة لحل الأزمة لكنها استبعدت الخطوة مرارا قائلة إنها ستقلص الحافز لدى دول مثل اليونان وإيطاليا لإصلاح أوضاعها المالية.

وقال وزير المالية الألماني فولفغانغ شيوبله أمس إن إصدار سندات لمنطقة اليورو سيكون «حالة مثالية من التضامن الخاطئ»، وقال: «سيفقد اليورو مصداقيته كعملة مستقرة».

لكن مع تفاقم الأزمة بعد عامين من تفجرها في أثينا، قد تواجه ألمانيا قريبا اختيارا بين الموافقة على بعض الإجراءات الجذرية التي ترفضها، أو ترك منطقة العملة تتفتت، وهو ما قد يصبح انتكاسة مهينة لأوروبا.

وقال ماكي من «جيه بي مورغان»: «من المحتمل أن تجبر تطورات السوق في الأسابيع المقبلة صناع السياسات على القيام بشيء لا يريدون القيام به مثل تجميع أكثر صرامة للالتزامات المالية.. إذا تصاعدت ضغوط السوق لهذا الحد، فأعتقد أنهم لن يتركوا اليورو ينهار».