«بنك أوف أميركا»: المستثمرون يتوقعون ركود الاقتصاد الأوروبي خلال الشهور المقبلة

قال إن الإحجام عن المخاطر وصل إلى مستويات قياسية

TT

أظهر استطلاع لآراء عينة من مديري صناديق الاستثمار حول العالم أن المشاعر السلبية تجاه الاقتصاد الأوروبي بلغت درجة من التردي بحيث ارتفعت معها بقوة احتمالات انتقال عدوى تلك المشاعر إلى سائر أنحاء العالم، مشيرا إلى أن عددا متزايد من المستثمرين حول العالم يتوقعون ركود الاقتصاد الأوروبي خلال الشهور الاثني عشر المقبلة، فيما أشارت نتائج الاستطلاع إلى أن الاقتصاد العالمي يسجل أدنى مستوى للرغبة في تحمل المخاطر منذ أوائل عام 2009، في حين ارتفع سعي المستثمرين لتفادي المخاطر إلى مستويات قياسية لم تسبق مشاهدتها منذ مارس (آذار) 2009 في أعقاب حدوث الأزمة المالية العالمية.

وتوقع عدد متزايد من المستثمرين الذين تم استطلاع آرائهم في الاستبيان الشهري لبنك أوف أميركا ميريل لينش لآراء مديري صناديق الاستثمار لشهر سبتمبر (أيلول) 2011، دخول الاقتصاد الأوروبي مرحلة من الركود خلال الشهور الاثني عشر المقبلة، حيث توقع 55 في المائة من مديري صناديق الاستثمار الأوروبية المشاركين في الاستبيان نموا سالبا لإجمالي الناتج المحلي الحقيقي للاقتصاد الأوروبي على مدى فصلين من العام المقبل، مقارنة مع 14 في المائة فقط منهم توقعوا ذلك في استبيان شهر يوليو (تموز) الماضي.

كما توقع مسؤولو تخصيص الاستثمارات على المستوى العالمي أن تهيمن تحديات الديون السيادية والمصرفية على المخاطر التي سوف تتعرض لها منطقة اليورو خلال الفترة القادمة، في حين أكد 68 في المائة من المشاركين في الاستبيان أن أزمة الديون الأوروبية تشكل أكبر المخاطر التي يتعرض لها اقتصاد المنطقة، مقارنة بـ43 في المائة منهم توقعوا ذلك في يونيو (حزيران) الماضي و60 في المائة في أغسطس (آب) المنصرم، كما انخفضت الثقة بالبنوك الأوروبية إلى أدنى مستوياتها منذ إطلاق الاستبيان للمرة الأولى في يناير (كانون الثاني) 2003. ويشير تقرير البنك إلى أن التوقعات السلبية لآفاق الاقتصاد الأوروبي ألقت بظلالها على مواقف المستثمرين من أسهم منطقة اليورو، في الوقت الذي تحسنت فيه التوقعات الخاصة بآفاق الاقتصاد الأميركي بعض الشيء، وهذا ما يفسر وفقا للبنك اقتصار نسبة مديري صناديق الاستثمار الأميركية الذين يتوقعون المزيد من الضعف للاقتصاد الأميركي خلال العام المقبل على 9 في المائة فقط. كما أن المستثمرين العالميين عززوا من استثماراتهم في الأسهم الأميركية.

وقال جاري بيكر، رئيس دائرة استراتيجية الأسهم الأوروبية في شركة بنك أوف أميركا ميريل لينش للبحوث العالمية إن «المشاعر السلبية تجاه الاقتصاد الأوروبي بلغت درجة من التردي بحيث ارتفعت معها بقوة احتمالات انتقال عدوى تلك المشاعر إلى سائر أنحاء العالم».

بدوره قال مايكل هارنيت، كبير المحللين الاستراتيجيين للأسهم العالمية في شركة بنك أوف أميركا ميريل لينش للبحوث العالمية: «تشير المستويات المفرطة الحالية لعمليات تفادي مخاطر الأسهم الأوروبية إلى أن الوقت قد حان للسباحة عكس هذا التيار واتخاذ مواقف تتناقض معه».

وتفيد معطيات مؤشر بنك أوف أميركا ميريل لينش المركب للمخاطر والسيولة، بأن سعي المستثمرين لتفادي المخاطر ارتفع إلى مستويات قياسية لم تسبق مشاهدتها منذ مارس 2009 في أعقاب حدوث الأزمة المالية العالمية. وأظهر المؤشر أن 45 في المائة من المستثمرين يقلصون المخاطر التي قد تتعرض لها استثماراتهم إلى مستويات تقل عن معاييرهم المعتادة، بارتفاع قاربت نسبته 20 في المائة عن أغسطس المنصرم.

في المقابل، ظلَّت حيازات المستثمرين النقدية مرتفعة بشكل ملحوظ لتشكل ما نسبته 4.9 في المائة من محافظهم الاستثمارية، وسط إسراف أكثر من ثلثهم بالاستثمار في الحيازات النقدية.

ويشير التقرير الذي يستند إلى الاستبيان الشهري لبنك أوف أميركا ميريل لينش لآراء مديري صناديق الاستثمار إلى أن تجلّى العزوف عن تحمل المخاطر تمثل في مدى انكشاف صناديق التحوّط تجاهها، حيث قلَّصت معدل استثماراتها طويلة الأمد إلى 19 في المائة، بانخفاض عن 33 في المائة في أغسطس الماضي. كما تحوَّل تقييم المستثمرين لمدى سيولة السوق إلى تقييم سلبي.

من ناحية أخرى قلّص مسؤولو تخصيص الاستثمارات العالمية استثماراتهم في هذه الفئة من الأصول إلى أكثر من النصف خلال شهرين فقط، من 45 في المائة في يوليو إلى 21 في المائة في سبتمبر الجاري. كما استفادت سائر فئات الأصول الاستثمارية من الابتعاد عن الأسهم. وتقلَّصت نسبة المستثمرين العالميين الذين قلصوا الاستثمار في فئات الأصول العقارية على أساس شهري إلى النصف، لتبلغ 7 في المائة.

وتأثرت نظرة المستثمرين إلى النفط سلبا بتباطؤ النمو الاقتصادي، حيث أعرب 14 في المائة من المشاركين في الاستبيان عن اعتقادهم بأن أسعار النفط مبالغ فيها، مقارنة مع عدم إعراب أي منهم عن هذا الاعتقاد في أغسطس المنصرم.

وعلى صعيد الأسهم، لم يتجسَّد التحول في مجرد مناقلات بسيطة إلى أسهم القطاعات الدفاعية. ففي الوقت الذي استفادت فيه أسهم شركات السلع الاستهلاكية الأساسية والأدوية والمرافق العامة من موجة الهروب من أسهم البنوك، لتصل نسبة المستثمرين الذين قلصوا الاستثمار في الأسهم إلى 47 في المائة، واستفادت أسهم الشركات الصناعية والتكنولوجية من تلك الموجة أيضا.

إلى ذلك تدهورت توقعات المستثمرين لأداء الاقتصاد الياباني إلى مستويات متدنية جدا، حيث تراجعت نسبة مديري صناديق الاستثمار اليابانية الذي يتوقعون تحسن ذلك الاقتصاد من 75 في المائة في أغسطس الماضي إلى 42 في المائة في سبتمبر الحالي. وبينما توقع 58 في المائة من أولئك المديرين تحسن ربحية الشركات اليابانية في أغسطس، لم يتوقع أي منهم تحسنها في سبتمبر الحالي.

وفي سياق متصل، ارتفعت نسبة مديري صناديق الاستثمار الإقليمية الذين يتوقعون المزيد من الضعف للاقتصاد الصيني خلال الشهور الاثني عشر المقبلة، من 11 في المائة في أغسطس إلى 30 في المائة في سبتمبر الحالي، وتجسَّد هذا التحول في انخفاض حاد لإقبال مسؤولي تخصيص الاستثمارات على أسهم الشركات الصينية. وبينما اعتبر أولئك المسؤولون، على مدى الشهور الثلاثة الماضية، سوق الأسهم الصينية المفضلة لديهم بين جميع أسواق كتلة «بريك» وتضم أسواق البرازيل وروسيا والهند والصين، انخفضت نسبة الذين اعتبروها كذلك 30 في المائة في سبتمبر الحالي، لتبلغ 18 في المائة فقط، أي نفس نسبة تفضيلهم للأسهم الروسية.

يشار إلى أن الاستبيان الشهري لبنك أوف أميركا ميريل لينش لآراء مديري صناديق الاستثمار الذي أجري خلال الفترة من 1 سبتمبر إلى 8 منه، اشترك فيه ما مجموعه 286 مديرا لصناديق الاستثمار يشرفون على توظيف 831 مليار دولار أميركي، واشترك في المسح العالمي ما مجموعه 203 مديرين يستثمرون 648 مليار دولار. وشارك في المسح الإقليمي 163 مديرا لصناديق الاستثمار يشرفون على توظيف 414 مليار دولار أميركي.