وسط محيط من التشاؤم.. أوروبا تتجه نحو خيار السندات الأوروبية لإنقاذ اليونان

غرينسبان: منطقة اليورو تتجه نحو التفكك.. وستيغلتز يقول إن السندات الأوروبية توفر الحل

TT

وسط محيط من التشاؤم حول مستقبل منطقة اليورو يتجه المسؤولون الأوروبيون لطرح سندات أوروبية مشتركة لإنقاذ اليونان من الإفلاس. جاء ذلك في الخطاب الذي ألقاه أمس رئيس المفوضية الأوروبية أمام أعضاء البرلمان الأوروبي في بروكسل. وطرحت الفكرة في أعقاب تشكيك واسع في مستقبل استمرارية اليورو، حيث قال رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي السابق آلان غرينسبان إن منطقة اليورو تتفكك وبهذا التفكك تخلق وضعا خطيرا جدا في أوروبا والعالم. وقال على هامش مؤتمر مالي في واشنطن إن التباين في اقتصاديات منطقة اليورو يعد أحد الأسباب الرئيسية في حدوث التفكك، مشيرا في هذا الصدد إلى أن اقتصاديات دول اليورو الشمالية مثل ألمانيا وفنلندا اقتصاديات عالية الانضباط من الناحية المالية ومن ناحية سياسات الميزانية، فيما تعاني اقتصاديات جنوب منطقة اليورو مثل اليونان من أعباء المديونية الباهظة بسبب تركيبتها الاقتصادية القائمة على الاستهلاك. وتساءل غرينسبان عن جدوى الوحدة النقدية في ظل هذا التباين بين الدول الأعضاء وعما إذا كانت منطقة اليورو ستستمر. وقال إن ما يحدث حتى الآن هو «الهدوء الذي يسبق العاصفة». وأشار إلى أن منطقة اليورو لا يمكن أن تستمر تحت ظل الظروف الحالية. من جانبه قال البروفسور نوريل روبيني الاقتصادي الأميركي الشهير إن منطقة اليورو تتجه نحو التفكك، مشيرا إلى أن تعامل صناع السياسة في أوروبا مع أزمة الديون لم ولن يحل المشاكل الجذرية التي تعاني منها اقتصاديات اليورو. وقال إن أزمة الديون ستقود تلقائيا إلى سقوط الأعضاء الضعفاء من الوحدة النقدية. وقال روبيني إن الشروط الكافية لإنشاء وحدة نقدية بين الأعضاء ليست متوفرة. وسبق أن قدم رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو أمس تقييما قاسيا لشدة أزمة ديون منطقة اليورو أمس (الأربعاء) واصفا إياها بأنها معركة من أجل المستقبل الاقتصادي والسياسي لأوروبا. وفي كلمة له أمام البرلمان الأوروبي قال باروسو لأن المنطقة تواجه أخطر تحد منذ نحو ثلاثين عاما. وكان البروفسور جوزيف ستيغلتز الحائز جائزة نوبل للاقتصاد قد قال في الإطار نفسه إن منطقة اليورو لن تتمكن من البقاء دون إنشاء آلية مشتركة للسندات الأوروبية. وجاءت تعليقات ستيغلتز في برنامج «نيوز نايت» الذي تبثه قناة «بي بي سي» البريطانية. وقال ستيغلتز إن غياب آلية مشتركة لسياسات الميزانية بين الأعضاء سيعمق الأزمة، ودعا إلى إنشاء آلية السندات الأوروبية بشروط محددة ولزمن محدد لمجابهة الفشل الحالي في نظام الاستدانة الذي يعيق تمويل دول منطقة اليورو الضعيفة. ويعد التمويل من بين المشاكل التي تعيق النمو في دول أوروبا الضعيفة التي يطالب المستثمرون بنسب فوائد عالية على سنداتها السيادية مما يؤدي إلى ذهاب جزء كبير من أموال الإنقاذ التي يدفعها البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد لتسديد خدمة الديون. وحتى الآن تتبع دول منطقة اليورو أسلوب إصدار سندات تمويل عبر البنوك المحلية ويقوم بتسويتها البنك المركزي الأوروبي.

وقال مانويل باروسو إن منطقة اليورو تواجه معركة من أجل مستقبلها، وأعلن أن المفوضية ستقترح طرح سندات باليورو قريبا للمساعدة في حل أزمة الديون. وقال باروسو «نحن نواجه أخطر تحد في جيل. هذه معركة من أجل الوظائف ورخاء الأسر في كل دولنا الأعضاء. هذه معركة من أجل المستقبل الاقتصادي والسياسي لأوروبا. هذه معركة من أجل ما تمثله أوروبا في العالم. هذه معركة من أجل التكامل الأوروبي نفسه».

وأضاف «ما نحتاجه الآن هو قوة دافعة جديدة تبعث على الوحدة.. دعونا ألا نخاف من العالم. لحظة توحيد جديدة.. هذا أمر لا غنى عنه». وقال إن «طريق التعافي طويل ومؤلم بالنسبة للملايين من مواطنينا وبالنسبة لأعمالنا. لكنه لن يكون أقل إيلاما بمواصلة المماطلة أو بتقديم أفكار سريعة للإصلاح ستستغرق بالضرورة وقتا. بل لقد أصبح واضحا أننا نحتاج إلى تكامل أكبر لسياساتنا الاقتصادية وتلك الخاصة بالميزانية». وقال «اليوم أريد أن أؤكد أن المفوضية ستقدم قريبا خيارات لطرح سندات باليورو. بعض هذه الخيارات قد ينفذ في إطار شروط المعاهدة الحالية وقد يتطلب البعض الآخر تغييرات في المعاهدة. ولكن علينا أن نكون صادقين إن طرح سندات اليورو لن يجلب حلا فوريا لجميع المشكلات التي نواجهها بل سيكون أحد عناصر نهج شامل لمزيد من التكامل الاقتصادي والسياسي».

وفي مطلع الأسبوع اتخذت الحكومة اليونانية خطوات مهمة للوفاء بالتزاماتها. وحث المسؤول الأوروبي اليونانيين على وضع اللمسات الأخيرة على هذه الجهود مع الترويكا التي تتكون من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي. وقال يجب جعل منظور التعافي والنمو قضية وطنية.