70 مليار يورو قيمة خسائر 3 بنوك فرنسية رئيسية في الأسابيع الأخيرة

وكالة «موديز» تخفض تصنيف مصرفين فرنسيين

TT

خسرت البنوك الفرنسية الرئيسة الثلاثة «بي إن بي باريبا»، «سوسيتيه جنرال» و«كريدي أغريكول» ما بين الأول من يوليو (تموز) والثاني عشر من سبتمبر (أيلول) 69.66 مليار يورو، في سابقة استثنائية تكاد تطيح بالقطاع المصرفي الفرنسي. وما زاد الطين بلة يوم أمس، أن وكالة التصنيف الأميركية «موديز» قامت بتخفيض تصنيف المصرفين الثاني والثالث وفق ما كانت قد مهدت له منذ أواسط الصيف في حين أبقت بنك «بي إن بي باريبا» قيد المراقبة، مما يعني عمليا احتمال أن يلقى المصير نفسه.

وبسبب هذا الهبوط الحاد في قيمة أسهم البنوك الثلاثة، فقد تراجعت قيمتها البورصة من نحو 126 مليار يورو إلى 56 مليار يورو في الفترة المشار إليها.

ومني مصرف «سوسيتيه جنرال» بأفدح الخسائر، إذ تراجعت قيمته من 33 مليار يورو إلى 12.33 مليار يورو، أي إنه خسر عمليا ثلثي قيمته في حين خسر «بي إن بي باريبا» أكثر من نصف قيمته، وهو حال بنك «كريدي أغريكول».

وترى الأوساط المالية في باريس أن الأمور لن تتوقف عند هذا الحد بسبب التزامات المصارف الثلاثة في سوق سندات الخزينة اليونانية والإيطالية (الديون السيادية)، مما يعني أنها ستكون في مهب الرياح إذا وقعت اليونان أو إيطاليا في حال الإفلاس أو تراجعت أكثر فأكثر قيمة ما اختزنته هذه المصارف من السندات.

وتعاني المصارف الفرنسية من هذه المشكلة أكثر من بقية المصارف الأوروبية. فعلى سبيل المثال، فإن محفظة بنك «بي إن بي باريبا» من الديون اليونانية تصل إلى نحو 5 مليارات يورو، بينما محفظة «دوتش بنك» لا تتخطى عتبة 1.5 مليون يورو. ويعاني المصرفان الفرنسيان الآخران من النتائج المؤسفة لفرعيهما في أثينا، مما يطأ بثقله على صلابتهما وعلى قدرتهما على مواجهة الاستحقاقات القادمة وتحديدا قدراتهما التمويلية الخاصة.

وإزاء هذا الوضع وتكاثر الحديث عن عجز الحكومة اليونانية على مواجهة مشكلة مديونيتها، لم يكن من المستغرب أن تنهار قيمة أسهم المصارف الفرنسية. فيوم الاثنين على سبيل المثال، خسر بنك «بي إن بي باريبا» 12.35 في المائة من قيمة أسهمه، بينما خسائر البنكان الآخران تراوحت ما بين 10 و11 في المائة.

وسعت السلطات المالية الفرنسية ومسؤولو المصارف المذكورة، أمس، إلى التخفيف من وقع قرار مؤسسة «موديز» خفض تصنيف مصرفين من المصارف الثلاثة بالتأكيد على «صلابة» المصارف المعنية وعلى أن السوق المالية «هضمت» سلفا قرارا كان منتظرا. لكن التعاملات الأولى دلت على استمرار تراجع قيمة الأسهم بعد «وثبة» صباحية تبين سريعا أنها مؤقتة.

ويحار المسؤولون إزاء الطريق الواجب سلوكه من أجل وقف حركة التراجع وإزاء التدابير الواجب اتخاذها لإنقاذ القطاع المصرفي، وخصوصا أن أصواتا ارتفعت تحذر من «تبخر» مدخرات الأفراد إذا انهار هذا القطاع.

وطلبت إدارة بنك «بي إن بي باريبا» من سلطة الرقابة المالية، أمس، فتح تحقيق رسمي بشأن مقال ظهر في صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، والذي ترى فيه نية للإساءة للمصرف بسبب تضمينه معلومات خاطئة عن ودائع المصرف بالدولار. وتعزو إدارة المصرف المذكور استمرار هبوط أسهمه إلى التأثير السيئ لهذا المقال على المستثمرين والمتعاملين بأسهم البنك. وعمدت الإدارة إلى الإعلان أمس عن سلسلة من التدابير يراد منها «طمأنة» السوق لجهة صلابتها ووفرة قدراتها التمويلية الخاصة. ومن أبرز المقررات مراكمة الأرباح لزيادة القدرة المالية الضاربة للمصرف.

هل ستكفي هذه التدابير؟ الخبراء الماليون يظهرون التشاؤم ويربطون بين مصير البنوك الفرنسية وغير الفرنسية بقدرة الاتحاد الأوروبي على مواجهة أزمة الديون السيادية في كثير من بلدانه، وبقدرته أيضا على الخروج من الأزمة الاقتصادية التي تطأ أيضا على قيمة العملة الأوروبية الموحدة التي خسرت 8 سنتات إزاء الدولار في الأيام الأخيرة.