هل تواجه بنوك منطقة اليورو أزمة سيولة في الشهور المقبلة؟

انخفاض مريع في الإيداعات والمركزي الأوروبي يضخ 500 مليار يورو

المركزي الأوروبي يواجه أقسى اختبار في تاريخه
TT

يهرب المزيد من المودعين من البنوك الأوروبية، التي باتت معرضة للإفلاس، بسبب أزمة الديون التي تغرق أوروبا بأكملها، إلى مصارف الملاذات الآمنة، وعلى رأسها البنوك السويسرية. وحسب الإحصائيات التي نشرتها وكالة بلومبيرغ الاقتصادية، فإن نسبة الإيداعات الفردية وإيداعات المؤسسات في البنوك اليونانية انخفضت بمعدل 19 في المائة خلال العام الماضي، وانخفضت الإيداعات بمعدل 40 في المائة خلال الـ18 شهرا في آيرلندا الجنوبية. ويتصاحب الضعف في الإيداعات مع تناقص حجم القروض البينية بين البنوك، مما يعكس انعدام الثقة بين البنوك حول حجم انكشافها للديون في دول منطقة اليورو الضعيفة. وقالت تقارير إن الصناديق الأميركية بدأت خفض استثماراتها في المصارف الألمانية والفرنسية والإسبانية. ويسعى البنك المركزي الأوروبي إلى تخفيف أزمة السيولة عبر ضخ 500 مليار يورو (حوالي 685 مليار دولار) في البنوك الأوروبية. وتسعى بعض البنوك في منطقة اليورو الضعيفة لعرض حوافز وزيادة نسبة الفائدة على الإيداعات وحسابات الادخار، في إطار محاولة الحصول على سيولة لمقابلة التزاماتها. ويلاحظ أن الإيداعات المؤسساتية، التي تشكل نسبة 21 في المائة من إجمالي الإيداعات في البنوك اليونانية، انخفضت بمعدل 33 في المائة منذ بداية عام 2010، كما انخفضت الإيداعات ذاتها في المصارف الألمانية بمعدل 12 في المائة في الفترة ذاتها، وفي فرنسا انخفضت إيداعات المؤسسات بنسبة 6 في المائة منذ يونيو (حزيران) العام الماضي.

إلى ذلك خفضت «موديز انفستورز سيرفيس» التصنيف الائتماني لبنكي «كريدي أجريكول» و«سوسيتيه جنرال» الفرنسيين، أمس الأربعاء، وعزت ذلك لتعرض البنكين لديون اليونان، وذلك في ضربة جديدة لجهود قادة منطقة اليورو لاستعادة الثقة في المنطقة. وأبقت مؤسسة التصنيفات بنك «بي أن بي باريبا» قيد المراجعة، مع احتمال الخفض، قائلة إن ربحية البنك وقاعدة رأسماله تشكلان حماية كافية في مواجهة التعرض لليونان والبرتغال وآيرلندا.

وفي علامة على الانزعاج الدولي بشأن الأزمة، حثت الصين والولايات المتحدة زعماء أوروبا على الحيلولة دون اتساع نطاق أزمة ديون منطقة اليورو التي تهدد إيطاليا الآن.

ويتشكك المستثمرون بشكل متزايد في إمكانية حل أزمة ديون تكتل العملة الموحدة، الذي يضم 17 دولة، وحسب «رويترز» تستعد أسواق الائتمان لاحتمال بنسبة 90 في المائة أن تتخلف اليونان عن سداد ديونها، وطلبت أعلى علاوة مخاطر على سندات إيطاليا أجل خمس سنوات، في مزاد الثلاثاء منذ انضمت الدولة لمنطقة اليورو عام 1999. وخفضت «موديز» التصنيف الائتماني لديون وودائع «سوسيتيه جنرال» درجة واحدة إلى Aa3 من Aa2، مع نظرة مستقبلية سلبية لتصنيفه الائتماني طويل الأجل، وخفضت تصنيف القوة المالية لـ«كريدي أجريكول» درجة واحدة إلى Aa2، وأبقت المؤسسة على تصنيف Aa2 طويل الأجل لـ«بي أن بي باريبا» قيد المراجعة مع احتمال الخفض. وقال كريستيان نوير، محافظ البنك المركزي الفرنسي، إن تحرك «موديز» نبأ جيد نسبيا، وقال نوير لـ«رويترز»: «هذا خفض طفيف للغاية، وقد كان تصنيف (موديز) أعلى كثيرا من تصنيف الوكالات الأخرى، وهذا يضعها في المستوى نفسه أو أفضل قليلا من الآخرين». وفي باريس أعلن «بي أن بي باريبا»، أكبر بنك فرنسي، خطة لبيع أصول مرجحة بالمخاطر بقيمة 70 مليار يورو (95.7 مليار دولار)، في محاولة لتهدئة المخاوف المتزايدة لدى المستثمرين بشأن مستوى الديون والتمويل لدى البنوك الفرنسية، وذلك بعد يومين من إعلان منافسه الأصغر «سوسيتيه جنرال» خطوة مماثلة.

وتكافح البنوك الفرنسية لاستعادة الثقة بعدما كابدت أسهمها بالبورصة موجة بيع خلال الصيف، نتيجة مخاوف من أنها تعتمد أكثر من اللازم على تمويل الشركات، وغير مستعدة لمجابهة احتمال تخلف اليونان عن سداد ديون. وفي عرض تمهيدي نشره الموقع الإلكتروني لبنك «بي أن بي باريبا»، أمس الأربعاء، قال البنك إن بيع الأصول سيخفض ميزانيته العمومية نحو عشرة في المائة، وأضاف أنه سيخفض احتياجاته التمويلية بالدولار بواقع 60 مليار دولار بنهاية 2012. وارتفعت تكلفة التمويل بالدولار في الآونة الأخيرة، بينما اضطرت البنوك الأوروبية لتنويع مصادرها بفعل مخاوف في أسواق النقد الأميركية بشأن أزمة ديون منطقة اليورو. وقال «بي أن بي» إنه من خلال بيع الأصول وتحرير جزء من رأس المال، سيصبح البنك في وضع يسمح له بالوصول إلى نسبة رأس المال الأساسي من المستوى الأول عند تسعة في المائة، في أول يناير (كانون الثاني) 2013، وفق قواعد بازل 3 الجديدة، الأشد صرامة لرأسمال البنوك.