قطر تبدي ثقتها في أوروبا رغم أزمة الديون السيادية

قرارها ضخ 500 مليون يورو في مصرف يوناني هو آخر استثماراتها في منطقة اليورو

TT

القرار الذي اتخذه مستثمرون قطريون في نهاية أغسطس (آب) بضخ 500 مليون يورو في مصرف «إي إف جي يورو بنك» في اليونان كان هو الأخير ضمن سلسلة من قرارات خاصة باستثمارات دولة قطر في أصول منطقة دول اليورو خلال العام الحالي. إضافة إلى الاستثمار الذي تبلغ قيمته 685 مليون دولار في دمج المصرفين اليونانيين المتعثرين «ألفا بنك» و«يورو بنك» في مصرف هو الأكبر في جنوب شرقي أوروبا من حيث الرسملة السوقية، تمتلك هيئة الاستثمار القطرية حصة نسبتها 7% في مصرف «ألفا بنك».

ويقول يازان عابدين، مدير صندوق في مؤسسة «آي إن جي إنفيستمينت ماندجمينت» لإدارة الاستثمار في دبي: «لدى قطر بالفعل التزامات هائلة في أوروبا ويتضمن جزء من استراتيجيتها السياسة، بينما يتضمن جزء آخر زيادة الالتزام خاصة فيما يعتقدون أنه صفقة رابحة».

ويضيف عابدين: «إذا كانوا يصدقون سيناريو انهيار اقتصاد الدول الأوروبية بسبب أزمة الديون، لم يكن لينظروا إلى هذه الاستثمارات باعتبارها صفقة رابحة وكانوا سيحاولون التخلص من حصصهم، لكنهم يعملون عوضا عن ذلك بحسب عقلية ترى أن اقتصاد الدول الأوروبية سوف يتعافى وبالتالي يزيدون من التزاماتهم تجاه أوروبا». إن الاستثمارات القطرية في منطقة دول اليورو يعد جزءا من استراتيجية أكبر تستهدف ربط التنوع في الأصول الخارجية بدعم مبادرات السياسة الأجنبية على حد قول محللين». ويقول نيك تولتشارد، رئيس عمليات الشرق الأوسط في شركة «إنفسكو» لإدارة الاستثمارات: «في حالة قطر قد يؤدي زيادة رأس المال بفضل المبيعات التي يتم تحقيقها من تصدير الغاز الطبيعي المسال إلى تضخم في البلاد، لذا من الضروري أن يتم توجيه رأس المال إلى الخارج». ويوضح تولتشارد قائلا: «إنها مثال على تعدد البدائل التي يمكن من خلالها توجيه رأس المال إلى الخارج. إن ذلك هو الهدف الأساسي لا الحصول على حصص استراتيجية في دول بعينها».

وأنفقت الشركات القطرية الاستثمارية الأساسية مثل «قطر هولدينغ»، الذراع الاستثمارية لهيئة الاستثمار القطرية، وكذلك صندوق الثروة السيادية، مبالغ ضخمة في قطاعات متعددة في فرنسا وإسبانيا وبريطانيا واليونان خلال العام الماضي. إضافة إلى ذلك امتلكت قطر حصصا طويلة المدى خلال الأربعة أعوام الماضية في مصارف مثل «باركليز» ومصرف «كريديه سويس» ومتجر «هارودز» وشركة «فولكس فاغن» وبورصة لندن.

وتستثمر دول الخليج الأخرى في أوروبا أيضا، لكن تمثل قطر مستوى متقدما من الاستثمارات في عدة قطاعات خلال العام الحالي. وبعيدا عن الاستثمار في دمج المصارف اليونانية عبر شركة «باراماونت» التي توصف بأنها ذراع العائلة المالكة القطرية، حصل الصندوق السيادي القطري على حصة نسبتها 2% من شركة «إنيرغياس دي برتغال» للكهرباء في نهاية أغسطس الماضي. وبلغت قيمة الصفقة نحو 160 مليون يورو بسعر شراء 2.16 يورو للسهم.

وللإمارات عدد من الاستثمارات الأخرى تقدر قيمتها بنحو 2.8 مليار دولار في مارس (آذار) الماضي في قطاع المرافق في دول أوروبا الغربية من ضمنها الاستحواذ على حصة قدرها 6% من شركة «إبيردرولا» الإسبانية للكهرباء عبر «قطر هولدينغ». وتغطي الاستثمارات مختلف القطاعات، حيث تمتد إلى مجال الشحن مع وجود خطط وضعت في مايو (أيار) الماضي خاصة بقيام الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني، أحد أفراد العائلة المالكة، باستثمار قيمته 400 مليون يورو في ميناء باجاديلا بمربلة. كذلك أنفق الشيخ عبد الله 36 مليون يورو في شراء نادي مالاغا الإسباني لكرة القدم في نهاية يونيو (حزيران) الماضي ودفع ديون متراكمة على النادي قيمتها 14 مليون يورو.

على الجانب الآخر حصلت هيئة الاستثمار القطرية على 70% من فريق باريس سان جيرمان لكرة القدم في مايو الماضي، بينما وقع نادي برشلونة على اتفاق رعاية مع مؤسسة قطر بقيمة 170 مليون يورو لمدة 5 سنوات بدءا من يوليو (تموز).

ويقول فيليب دوبا بانتانكس، خبير الاقتصاد البارز لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مصرف «دبي فور ستاندرد تشارترد»: «الدافع وراء شراء مستثمرين في الشرق الأوسط خاصة في قطر لفرق كرة القدم والأصول المشابهة اقتصادي، لكن هذه الاستثمارات تعد أيضا نوعا من الحوافز المتعلقة بالسياسة الخارجية. هناك انعكاس في دوران عجلة التاريخ، حيث باتت الدول المتقدمة مثل الدول الأوروبية تشجع استثمارات دول مثل الصين ودول الشرق الأوسط». وتتجه الصناديق السيادية في الخليج العربي إلى إقامة استثمارات طويلة الأجل لا لتحقيق أرباح مالية على المدى القصير على حد قول تولتشارد. مع ذلك تتضمن استراتيجية الاستثمار بعض المشروعات قصيرة الأجل، ففي أكتوبر (تشرين الأول) 2009، حقق الصندوق السيادي القطري أرباحا تقدر بـ103 مليارات دولار من خلال بيع أسهم بقيمة 379 مليون دولار من حصته في مصرف «باركليز». لكن احتفظ الصندوق بحصة من الأسهم قيمتها 7% من المصرف البريطاني كجزء من خطة استثمار طويل الأمد. ويوضح تولتشارد قائلا: «في بعض الحالات، تم شراء أسهم ثم الاحتفاظ بها لفترة قصيرة لتحقيق أقصى حد من الأرباح. لكن الفكرة السائدة هي القيام باستثمارات طويلة المدى ذات قيمة». ويبدو أن الاستثمارات في منطقة دول اليورو من هذه النوعية.

* خدمة «نيويورك تايمز»