تسامح قم السعودية

علي المزيد

TT

يمر العالم بأزمة اقتصادية إرهاصاتها ظهرت منذ نحو خمس سنوات، وهي أسوأ كارثة اقتصادية منذ ثلاثينات القرن الماضي، وإذا كانت الأزمة حادة على العالم فهي كارثة على العالم العربي المستشري الفساد فيه، لا سيما بين بيروقراطييه وموظفيه وحتى قطاعه الخاص، والمنقسم بين دول ريعية ودول طالبة للمعونة. ولا يبدو أن العالم العربي سيتغير رغم ربيعه المتفتح في تونس والمتنقل بين دوله، إذ إن هناك من سيقفز على هذا الربيع ويستمتع برحيقه كالعادة وسيكون من غير المضحين لأجل هذا الربيع.

أوه.. يبدو التحدث في مثل هذه المواضيع ثقيلا ومملا ومسببا للكآبة، لذلك سأنتقل منه لأحكي لكم حكاية قصيرة في مدينة بريدة، أو ما يعرف بقم السعودية، هناك إمام مسجد في حي الريان اكتشف أن جماعة المصلين جلهم من الموظفين ويخرجون الساعة الثانية والنصف ظهرا من أعمالهم، ويتناولون الغداء ويخلدون للنوم وتكون صلاة العصر ثقيلة عليهم، والتي عادة ما تكون بين الثالثة والرابعة ظهرا وفق فوارق التوقيت الصيفي والشتوي، لذلك قرر الإمام، وبالتشاور مع جماعة المسجد، أن تؤخر الصلاة حتى الخامسة عصرا لتؤديها جموع المصلين براحة ومن دون مشقة. سيقول القارئ الكريم ما دخل ذلك بالاقتصاد في السعودية؟ يحاول الجميع تحديد أوقات عمل الأسواق لجني فوائد كثيرة، منها توطين وظائف السوق، وتحديد أوقات عمل السوق، وتخفيض استهلاك الكهرباء، إضافة إلى فوائد كثيرة ليس المجال مجال حصرها، ومن ضمن العوائق عدم القدرة على تأخير صلاة العشاء حتى التاسعة مساء، لا سيما وقت الشتاء لتكون فترة العمل ممتدة ومن دون انقطاع.

لكن هذا الأمر لم يحصل على فتوى شرعية رغم أهميته وكثرة فوائده الاقتصادية، أو أن الغرف التجارية لم تجرؤ على رفعه للمفتي، لا أعلم، ولكن الذي أعلمه أن إمام قم السعودية أصبح أكثر تسامحا من غيره.

* كاتب اقتصادي