اليونان في «منطقة الجزاء».. والتخلف عن التسديد ربما في أكتوبر

صندوق النقد يحذر والمقرضون يؤجلون الدفعة الثانية من قروض الإنقاذ

TT

هرع المستثمرون لشراء السندات الأميركية التي أصبحت الملاذ الآمن بعد أن كانت خطرة قبل شهور في ظل تزايد احتمالات تخلف اليونان عن تسديد ديونها في بداية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل بعد أن فشلت في الحصول على الدفعة الثانية من أموال الإنقاذ البالغة 8 مليارات يورو. وحذر صندوق النقد الدولي بشكل واضح اليونان أمس من خطر تخلفها عن تسديد ديونها في حال تأخرت خطتها للتقشف والخصخصة من جديد. وجاء تحذير الصندوق قبل ساعات من موعد حاسم لبقائها المالي مع دائنيها وجاء التحذير من الممثل الدائم لصندوق النقد الدولي في أثينا بوب ترا خلال مؤتمر اقتصادي في العاصمة اليونانية.

وحسب وكالة الأنباء الفرنسية قال بوب ترا إن «تأخيرا» مستمرا حول برنامج للخصخصة بقيمة خمسين مليار يورو حتى 2050 لا تلتزم به اليونان يمكن أن يؤدي إلى إخفاق البلاد في دفع ديونها. وتحدث بذلك عن سيناريو يثير قلق أسواق المال. ورأى ترا الذي تحدث بعد وزير المال اليوناني ايفانغيلوس فينيتسيلوس أن عودة النمو إلى اليونان ستكون في 2013 مشيرا إلى انكماش بنسبة 5.5 في المائة في 2011 و2.5 في المائة في 2012.

وحذر من اللجوء إلى رفع الضرائب بينما اضطرت أثينا الأسبوع الماضي لفرض ضريبة استثنائية على العقارات فتضاعفت قيمتها في خلال 48 ساعة. غير أن ترا طالب بإصلاح عاجل للإدارة الضريبية من بين الإصلاحات الأساسية الموعودة لكن الحكومة الاشتراكية تؤجلها نظرا للمواجهة التي يتوقع أن تتسبب فيها مع قاعدتها الانتخابية والنقابية. ودعا إلى إجماع سياسي لإنجاح هذا المشروع معربا عن الأسف لتباطؤ واضح في الإصلاحات قال إنه بدأ منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 مقترحا أن «تأتي الترويكا كل شهر». من جهته سيخضع وزير المال اليوناني لاختبار صعب أمام دائني بلاده الذين يطالبون بمزيد من إجراءات التقشف في بداية أسبوع توقع أنه سيكون «صعبا جدا» للبلاد ومستقبل منطقة اليورو.

وقال ايفانغيلوس فينيتسيلوس لدى افتتاح منتدى مع صندوق النقد الدولي وأرباب العمل قرب اثينا إن هذا الأسبوع سيكون «صعبا جدا للبلاد ولمنطقة اليورو ولي أنا شخصيا». وأضاف «علينا اتخاذ قرارات ذات بعد تاريخي وإلا فسنضطر لاتخاذها قريبا في ظروف مؤلمة لا يمكن التحكم فيها»، مشيرا ضمنا إلى احتمال العجز عن تسديد ديون البلاد كما تلوح به دول أخرى في الخارج الأمر الذي يثير هلع الأسواق المالية.

ورأى أن الأولوية هي «احترام هدفنا لعام 2011 وهو خفض العجز إلى 1.8 مليار يورو نظرا لانحراف الحسابات ومن شأن ذلك أن يسمح للبلاد بأن تستمر في الوفاء بالتزاماتها» التي تنص على «التوصل إلى فائض في الميزانية سنة 2012». وقال الناطق المكلف الشؤون الاقتصادية اماديو التفاج «لا نطلب أكثر مما تم التوافق عليه في إطار البرنامج (الذي اتفق عليه) لليونان ليس هناك إجراءات تقشف جديدة على الطاولة، إن ما على الطاولة هو الاحترام الكامل للأهداف المحددة».

وتوقعت وسائل الإعلام اليونانية أنه يجب بذل جهد جديد بنحو أربعة مليارات يورو خلال 2011 و2012. واعتبرت أن ذلك يخص خصوصا توسيع إجراءات خفض النفقات العامة، وأشارت إلى تقليص جديد في عدد الموظفين في المؤسسات شبه العامة. وعلق رئيس بعثة الترويكا بداية الشهر عملية تفقد خطة النهوض اليونانية بسبب عدم تحقيق تقدم في البلاد ولم تمنح اليونان من حينها أي أموال من الدفعة التالية من القروض الدولية وقيمتها ثمانية مليارات يورو - تعتبر حيوية - المقررة الآن بحلول نهاية أكتوبر. غير أن الدول الأعضاء في منطقة اليورو فرضت مجددا في اجتماعها الجمعة والسبت في بولندا، شروطا مقابل مواصلة تسديد المساعدة لأثينا. وتشترط الجهات المانحة التي دعيت إلى إعداد خطة مساعدة ثانية في المقابل خفضا شاملا يتجسد في الخصخصة وتحرير سوق العمل وإصلاح الميزانية. وأدت الخلافات في منطقة اليورو والمشكلات الإجمالية للديون السيادية مجددا إلى انخفاض في البورصات الأوروبية أمس، تضررت منه المصارف بشكل خاص.

وفي أثينا قال مسؤول بارز في الحكومة اليونانية أمس الاثنين إن مفتشي الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي في اليونان يتوقعون أن تبلغ حصيلة ضريبة عقارية جديدة نصف المبلغ المستهدف وهو مليارا يورو هذا العام وربما تكون هناك حاجة لإجراءات تقشف لسد العجز. وصرح المسؤول الذي رفض نشر اسمه لـ«رويترز» أن المقرضين الدوليين لليونان يطالبون أيضا الدولة المثقلة بالدين بخفض كبير لنفقاتها في العام المقبل. وقال «تعتقد الترويكا أن حصيلة الضريبة العقارية ستقل مليار يورو عن توقعاتنا». وأضاف أن أي قرار بشأن إجراءات تقشف إضافية في العام الحالي سوف يتخذ عقب مؤتمر عبر الهاتف مقرر في وقت لاحق بين وزير مالية اليونان ايفانجلوس فينيزلوس ورئيسي فريقي تفتيش الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد في اليونان.

وعلى صعيد تلبية المطالب الخاصة بصرف أموال الإنقاذ أعلنت اليونان عن اتخاذها المزيد من الإجراءات التقشفية خاصة في القطاع العام وذلك لمواجهة أزمة الديون التي تهدد بإفلاسها وربما بخروجها من اتحاد دول اليورو. ومن بين الإجراءات المعلنة إغلاق العديد من الشركات التي تعتمد في جزء كبير من استمرارها على المساعدات التي تقدمها الدولة وذلك بحلول شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل حسبما أعلن وزير المالية اليوناني ايفانجيلوس فينيزيلوس في التلفزيوني الرسمي اليوناني أمس الاثنين دون التطرق لتفاصيل.