العراق يعدل مشروع قانون النفط لـ«تقليص» صلاحيات الأكراد

يمنح الحكومة المركزية في بغداد مزيدا من الصلاحيات

أحد حقول النفط العراقية («الشرق الأوسط»)
TT

عدلت القيادة العراقية مشروع قانون النفط والغاز الذي طال انتظاره بطريقة ستمنح الحكومة المركزية المزيد من السيطرة على احتياطيات النفط الضخمة في البلاد، وقد تثير خلافات مع حكومة إقليم كردستان شبه المستقل.

ويمنح القانون، الذي قالت «رويترز» إنها حصلت على نسخة منه، بغداد مزيدا من الصلاحيات في إدارة وتطوير الموارد النفطية للدولة العضو في «أوبك».

وعدلت القيادة العراقية مسودة اتفقت عليها الكتل السياسية عام 2007 تمنح سلطات الأقاليم سيطرة جزئية على احتياطياتها.

ومن المتوقع أن تثير التعديلات خلافا سياسيا بين حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي والأكراد الذين يشاركون في حكومته الائتلافية ويتمتعون بنفوذ كبير في البرلمان العراقي.

ويثور نزاع، منذ سنوات، بين الحكومة المركزية التي يهيمن عليها العرب ويقودها المالكي، وإقليم كردستان، حول السيطرة على حقول النفط الكردية. وعطل الخلاف الصادرات من كردستان العراق في الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) 2009 حتى فبراير (شباط) هذا العام.

وقال عضو كردي بارز بالبرلمان طلب عدم نشر اسمه لـ«رويترز»: «نحن ما زلنا في مرحلة النقاش.. نريد أن نعطي للحوار فرصة ولم نصل إلى مرحلة أن نفتح النار على الحكومة».

وأحيل القانون المعدل، الذي أقرته الحكومة في أواخر أغسطس (آب)، إلى البرلمان للموافقة النهائية، لكن أسامة النجيفي، رئيس البرلمان العراقي، قال: إن المحادثات لحل النزاع قد تستغرق وقتا طويلا.

وقال النجيفي لـ«رويترز»: «النسخة المعدلة تركز على أن الصلاحيات لتوقيع العقود النفطية تكون بيد الحكومة المركزية ووزارة النفط (الاتحادية)، بينما الإقليم الكردي يسعى للحصول على صلاحيات أكبر في عملية توقيع العقود». وأضاف: «الحل الوحيد لحل هذه الإشكالات هو عن طريق الحوار المباشر.. الموضوع معقد جدا».

وستمنح التعديلات وزارة النفط صلاحية إجراء المزادات لمعظم حقول النفط والغاز وتترك أمر الحقول المنتجة الحالية والحقول المكتشفة غير المطورة القريبة في أيدي شركة «النفط الوطنية العراقية»، التي تأسست مؤخرا.

وشملت مسودة 2007 قيودا على إجراء الحكومة مزادات للحقول غير المكتشفة وتلك التي تحتاج إلى تطوير.

وقد تؤدي التعديلات إلى إدراج الحقول الكردية في المزادات المستقبلية، وهو ما يقول الأكراد إنهم لن يقبلونه.

وقال بايزيد حسن، النائب الكردي عضو لجنة الطاقة بالبرلمان «التعديلات التي تم إجراؤها على القانون تنتهك الدستور الذي نص على أن الحكومة المركزية وحكومة الإقليم يجب أن تقوما معا بإدارة حقول النفط».

وذكر مسؤولون أن الأكراد ومسؤولين من الحكومة المركزية يبحثون مشروع القانون على مستويات عالية وأن الجانب الكردي أوضح أنه قد يعيد النظر في تأييده لحكومة المالكي ما لم يتم التوصل لحل.

وينظر إلى قانون النفط والغاز، منذ فترة طويلة، على أنه حيوي لتدفق الاستثمارات الأجنبية الضرورية لتعزيز إنتاج العراق من النفط الذي يبلغ حاليا 2.75 مليون برميل يوميا، ولإعادة بناء الاقتصاد المتداعي. وتريد شركات الطاقة العالمية إطارا قانونيا مستقرا لصفقات النفط والغاز.

وقال مسؤولون عراقيون: إن الموارد النفطية ملك لكافة الطوائف والعرقيات في العراق، ومن المنطقي أن تديرها الحكومة. ويطالب إقليم كردستان والمحافظات، لا سيما البصرة الغنية بالنفط والأنبار التي تسكنها غالبية من السنة، بمزيد من السيطرة المحلية.

وقال عاصم جهاد، المتحدث باسم وزارة النفط: إن سن قانون جديد للنفط أمر ضروري لتطوير قطاع الطاقة في البلاد، وإن الحكومة تسعى لإصدار قانون جديد بعيدا عن الخلافات السياسية. وأضاف أن أي تفاصيل خلافية في مشروع القانون ستحال إلى فرق فنية لحلها وليس إلى الساسة.

وتدعو المسودة الجديدة إلى سيطرة شركة «النفط الوطنية العراقية» على حقول منتجة بالفعل، من بينها، على سبيل المثال، حقل باي حسن، الذي يبلغ حجم احتياطياته 2.3 مليار برميل، وحقل نهر بن عمر الذي تبلغ احتياطياته 6 مليارات برميل.

وسينشئ القانون مجلسا اتحاديا للنفط والغاز كهيئة عليا لوضع السياسات. وسيمنح المجلس صلاحيات تعديل السياسات التي تقترحها وزارة النفط والموافقة على إجراءات التفاوض والتعاقد خلال جولات ترسية العقود والتصديق على عقود التنقيب والتطوير والإنتاج.

وبموجب المسودة القديمة لا يسمح للمجلس الاتحادي إلا برسم السياسات وإصدار التوجيهات.

ويلغي المشروع الجديد مادة تتطلب أن يضم المجلس ممثلين عن الشيعة والسنة والأكراد، ويضيف مادة تخصص مقعدا في المجلس لنائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة الذي يشغله حاليا وزير النفط السابق حسين الشهرستاني.

ويعتبر المسؤولون الأكراد الشهرستاني عقبة رئيسية في العلاقات المتوترة بين بغداد وإقليم كردستان بشأن قضايا الطاقة. وكان قد دعا إلى أن تراجع بغداد عقود النفط التي أبرمها الأكراد وتحويلها إلى عقود خدمات.

وأقرت حكومة كردستان العراق قانونها الخاص للنفط والغاز عام 2007 ووقعت أكثر من 40 عقدا للمشاركة في الإنتاج مع شركات أجنبية وهي عقود تعتبرها بغداد غير قانونية.