وزير المالية السعودي لـ«الشرق الأوسط»: اقتصاد المملكة محصن ضد التذبذبات العالمية

الدكتور إبراهيم العساف أكد أن نمو فرص العمل يعد أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي

د.إبراهيم العساف وزير المالية («الشرق الأوسط»)
TT

كشف وزير المالية السعودي الدكتور إبراهيم العساف عن مخاوف بدأت تتزايد مؤخرا في دخول الاقتصاد العالمي مرحلة الركود، مشيرا إلى أن مركز المخاوف يكمن في القضايا الاقتصادية في أوروبا، مشددا أنه في حال اتخذ الأوروبيون الإجراءات اللازمة والسريعة فقد يتفادى حدوث ذلك ركود.

وقال الدكتور العساف الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» على هامش الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى أنه قبل أسابيع كان هناك شبه توافق في الآراء على أن التأثير سيكون بانخفاض في النمو وليس ركودا، إلا أنه أشار إلى أن المخاوف بدأت تتزايد مؤخرا في حدوث الركود.

وأشار إلى أن التوقعات بأن الاقتصاد الأميركي سيواجه انخفاضا في النمو لا يصل إلى الركود، وفي الصين فإن النمو سيكون أقل، إلا أنه وصف ذلك بالوضع الصحي إذا بقي في الحدود الحالية بالتزامن مع انخفاض معدل التضخم، في حين أن الأوضاع تحسنت في اليابان بعد التسونامي.

وكانت أكبر اقتصادات العالم والممثلة في مجموعة العشرين، قد تعهدت بالعمل على الحيلولة دون أن تقوض أزمة الديون الأوروبية البنوك وأسواق المال، وقالت إنه يمكن تعزيز صندوق إنقاذ منطقة اليورو.

واستجابة لضغوط المستثمرين، تعهد وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في مجموعة العشرين باتخاذ كل الإجراءات الضرورية لتهدئة النظام المالي العالمي.

وقالت «المجموعة» في وقت سابق من هذا الأسبوع «نتعهد باتخاذ التدابير اللازمة للمحافظة على استقرار الأنظمة المصرفية والأسواق المالية».

وشدد وزير المالية السعودي على أن الإشكالية التي يواجها العالم في الوقت الحالي تكمن في محدودية وجود فرص العمل الجديدة مع وجود النمو في الاقتصاد العالمي، وقال «هناك نمو ولكن من دون نمو أو نمو محدود في التوظيف، وهذا هو التحدي الكبير، ولذلك نجد أن مستوى البطالة مرتفع في معظم الدول المتقدمة».

وتابع الدكتور العساف «نأمل ألا يصل الوضع إلى الركود وأن يستعيد الاقتصاد الدولي النمو من جديد، وفي مجموعة العشرين ناقشنا جميع الوسائل في اجتماعاتنا»، مشيرا إلى الحاجة لأن تتخذ مجموعة العشرين، خصوصا الدول المعنية مباشرة بالأزمة الحالية، مذكرا بالتضامن القوي بين دول المجموعة في قمة لندن على أهمية بناء الاقتصاد العالمي واتخاذ خطوات محسوسة بهذا الشأن. وبين أن اللجان المتعلقة بأعمال صندوق النقد الدولي واللجان المتعلقة بنشاطات البنك الدولي ناقشت أعمال المؤسستين والمتزامنة مع الاجتماعات السنوية، وعقد اجتماعان لمجموعة العشرين، كان الاجتماع الأول استعراضا للوضع الاقتصادي العالمي ومناقشة لهذه الأوضاع، والاجتماع الثاني هو اجتماع مشترك لمناقشة جدول أعمال التنمية والمعني بالمواضيع التي يجب أن يركز عليها المجتمع الدولي في مجال التنمية البشرية والتنمية بشكل عام.

وأضاف «هذا الاجتماع جاء بعد قمة العشرين في كوريا، التي ركزت لأول مرة في اجتماعاتها على إعطاء التنمية دورا وتركيزا أكبر في اجتماعات مجموعة العشرين». وتابع «بسبب اهتمام المملكة كما هو معروف بأمور التنمية ونشاطها، سواء على مستوى المساعدات التنموية المباشرة أو من خلال المؤسسات المالية العربية والإقليمية التي لها نشاط كبير، وبصفتها دولة من الدول النامية، فهي تملك الإحساس بهموم وتحديات التنمية. وقد عملنا مع الكوريين على وضع إطار عام لهذه المواضيع، هذا بشكل عام».

وبين أن الاجتماعات السنوية خلال العام الحالي طغى عليها وضع القضايا والتحديات المالية والاقتصادية للدول المتقدمة، وبالتحديد الوضع في أوروبا، مبينا وجود الإلحاح من بقية دول العالم، على أن على الأوروبيين التحرك لتطمين الأسواق سواء في ما يتعلق بالديون السيادية في بعض الدول التي تواجه صعوبات وحجم ديون مرتفعا أو في تقوية البنوك الأوروبية نتيجة لتعرضها للديون العالية لبعض تلك الدول واحتمالات أن تتأثر في حال ساءت الأمور.

وقال العساف «حاولت أن أوضح ماذا نفذنا في السعودية في الوضع المالي والاقتصادي، وبشكل عام ومن حيث النمو الاقتصادي فإنه نمو صحي جيد، حيث يوجد عدد قليل من الدول حول العالم التي تحقق هذه المعادلات بسبب الأوضاع الحالية».

وأكد أن وضع الميزانية وضع جيد، سواء من حيث الإيرادات والنفقات أو من حيث حجم الدين العام، الذي انخفض إلى أقل 10 في المائة، لافتا إلى أن المملكة ماضية في تخفيض الدين العام، وذلك لكون التجربة في السنوات الماضية أثبتت أنه يجب أخذ الحيطة ووضع جميع الإمكانات المتاحة لتحصين اقتصاد المملكة، وبشكل خاص مركزها المالي، عن هذا التذبذب في الاقتصاد الدولي.

وحول الأسلوب الأمثل لتحصين السعودية من تذبذبات الاقتصاد العالمي، قال وزير المالية السعودي «وضع احتياطي مناسب وأخذ في الاعتبار احتمالات التذبذب في أسعار البترول، كذلك تخفيض حجم الدين العام، حيث إنه في حال احتجنا للاقتراض - وإن شاء الله لا نحتاج - نقترض من جديد، ويكون لنا فرصة كبيرة جدا، على عكس الدول الأخرى التي تعاني حجم ديون هائلا، ولا أظن أننا نحتاج إلى اللجوء إلى هذه الوسيلة، ولكن المهم أن تكون لدينا كل الوسائل المتاحة لتحصين اقتصاد المملكة من التذبذبات في الاقتصاد الدولي». وأكد أن المملكة ماضية في برنامج الإنفاق على مشاريع البنى التحتية، وهو ما يجعل النمو الاقتصادي متواصلا، مؤكدا أن خادم الحرمين الشريفين من خلال كلمته في مجلس الشورى، يوم أول من أمس، شدد على مواصلة الإنفاق على المشاريع لحماية الاقتصاد السعودي من المتغيرات الاقتصادية العالمية، لافتا إلى أن خادم الحرمين الشريفين دائما كان يوجه الوزراء لمتابعة تنفيذ تلك المشاريع. وشدد على أن نموذج المملكة في مواصلة تحفيز النمو الاقتصادي من خلال الإنفاق على المشاريع، ساهم في تنمية اقتصادات دول، وذلك عبر تحويلات العمالة إلى دولهم، التي ساهمت في تنمية تلك الاقتصادات، بحسب ما ذكره له مسؤولو تلك الدول من أن تلك التحويلات ساهمت في تنمية اقتصاداتهم. وأكد وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف أن حجم الدعم الذي أعلن عنه بعد اجتماع «تجمع دويل» الموجه لدول الربيع العربي والبالغ 38 مليار دولار، سيكون من موارد المؤسسات المالية الدولية وبمساهمة المؤسسات المالية العربية متعددة الأطراف.