لندن «ملاذا آمنا» لأثرياء أوروبا من جحيم اليورو

المساكن الفاخرة في أحياء العاصمة البريطانية كسبت 11% في 9 شهور

أزمات اليورو مكاسب بالنسبة لحي المال في لندن والعقارات
TT

بينما تتراكم السحب السوداء في سماء منطقة اليورو وتتوارد نذر الشؤم على اليونان وأكثر من 4 دول أوروبية أخرى يهرب المستثمرون، خاصة الأثرياء، من جحيم دول منطقة اليورو المكبلة بالديون إلى أحياء لندن المنعمة مثل «ماي فيير» وتشيلسي وكينزنغتون لحماية ثرواتهم من «توسنامي الديون». وسط هذا الزلزال العنيف الذي يضرب «أوروبا اليورو» تترسخ مكانة لندن كعاصمة للمال على حساب فرانكفورت وباريس وروما. وفي الوقت الذي تبذل فيه سويسرا كل ما في وسعها لإبعاد تدفقات اليورو الضخمة من بنوكها عبر مجموعة إجراءات تفتح لندن زراعيها للمستثمرين كعادتها في لحظات الأزمات.

وأصبح الإسترليني أحد «الملاذات الآمنة» الرئيسية خلال أكبر المستفيدين طوال الشهور الماضية إلى جانب الفرنك السويسري خلال فترة الاضطراب في أسواق الصرف التي لم تنته بعد. ومخاوف المستثمرين لا تنصب فقط على موجودات اليورو والتذبذبات الحادة في أسعاره ولكن المخاوف تطال كذلك البنوك التجارية في أوروبا التي تعيش أزمة سيولة حادة وتحمل التزامات ديون سيادية قد تؤدي إلى إفلاس بعضها. وهنالك شكوك بدأت تثار حول أن 6 دول في منطقة اليورو قد لا تكون قادرة على دعم بنوكها إذا ما واجه بعضها احتمالات الإفلاس. وتشير إحصائيات غير رسمية إلى أن الكثير من الأثرياء بدأوا فعلا في سحب بعض حساباتهم من بعض بنوك اليورو إلى بنوك بريطانية وسويسرية وسط الشكوك المحيطة بمستقبل العملة الأوروبية الموحدة. وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد ذكرت الأسبوع الماضي أن عدة مؤسسات تجارية وصناديق استثمار قد سحبت إيداعاتها من بنوك منطقة اليورو، مما اضطر البنك المركزي الأوروبي إلى طلب النجدة من 4 بنوك مركزية لتوفير السيولة بالدولارات للبنوك التجارية في أوروبا.

وفي هذا الصدد قامت شركة «سيمنز» الألمانية العملاقة بسحب نحو نصف مليار يورو من حسابها في بنك فرنسي وأودعت الأموال في حساب بالبنك المركزي الأوروبي. فيما قالت مؤسسة «لويدز أوف لندن» العريقة الأسبوع الماضي إنها أوقفت عمليات الإيداع في بعض بنوك منطقة اليورو. وقال مصرفيون في حي السيتي بلندن إن المخاوف تدفع الكثير من الأثرياء والمؤسسات التجارية الكبرى نحو لندن وسط إحساس عميق بأن الحكومات الأوروبية باتت غير قادرة على معالجة أزمة اليورو ولن تكون قادرة على دعم مصارفها في حال انهيار اليورو أو حدوث عملية تفكك في المستقبل.

وفي هذا الصدد قالت «وكالة نايت فرانك» العقارية في لندن أمس إن المساكن الفاخرة في لندن ارتفعت بنسبة 11% حتى شهر سبتمبر (أيلول) الحالي بسبب هروب المستثمرين في دول منطقة اليورو المثقلة بالديون إلى لندن بحثا عن ملاذ آمن لأموالهم. وقالت الوكالة المتخصصة في العقارات الفاخرة إن قيمة المنازل والشقق التي كانت أسعارها 3.7 مليون جنيه إسترليني (5.7 مليون دولار) في بداية العام ارتفعت بمعدل 11.4% خلال الشهور التسعة الماضية. وقالت الوكالة في تقريرها الصادر أمس وحصلت«الشرق الأوسط» على نسخة منه إن عدد الباحثين عن شراء عقارات فاخرة في الأحياء الراقية في لندن ارتفع بمعدل 25%، وهو أعلى ارتفاع تشهده لندن منذ مارس (آذار) من عام 2008. ورغم الارتفاع الكبير الذي شهده قطاع المساكن الفاخرة وسط لندن، فإن متوسط أسعار المساكن في العاصمة شهد أدنى معدل ارتفاع منذ أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2010.

وقال التقرير إن التباطؤ في نمو أسعار المساكن في أحياء الأطراف بلندن يحدث لأن المشترين يؤجلون صفقات الشراء في أعقاب الشغب الذي شهدته لندن في بداية الشهر الماضي. وقال ليام بيلي رئيس وحدة الدراسات في وكالة «نايت فرانك» أن أزمة اليورو ربما تكون ذات التأثير الأكبر على الأسعار، وذلك لأن الأثرياء تساورهم الشكوك حول المستقبل وعما سيفعلونه إذا تفكك اليورو. وقال إن هذه الشكوك حول مستقبل اليورو جعلت بريطانيا سوقا جذابة، خاصة أن موجوداتها بالجنيه الإسترليني.