رغم أزمة المال.. أثرياء أميركا في المرتبة الأولى.. بعدهم الآسيويون

العقارات ساحرة المليونيرات.. تليها الأسهم

TT

رغم أزمة المال العالمية التي تفجرت في وول ستريت وحرقت شظاياها الكثير من أثرياء العالم، لا تزال أميركا مخزن الثروة في العالم، تليها آسيا، كما لا تزال العقارات والأسهم الأكثر جاذبية من الناحية الاستثمارية للأثرياء. وأكد تقرير الثروة في منطقة آسيا - المحيط الهادي السنوي السادس الصادر عن «ميريل لينش» لإدارة الثروات العالمية و«كابجيميني» أن أعداد أثرياء دول منطقة آسيا – المحيط الهادي ارتفعت بنسبة 9.7 في المائة لتبلغ 3.3 مليون ثريا في عام 2010، وتتجاوز للمرة الأولى أعداد أثرياء أوروبا، لتحتل منطقة آسيا - المحيط الهادي بذلك المرتبة الثانية عالميا بعد أثرياء أميركا الشمالية.

وأوضح التقرير أن قيمة ثروات أثرياء دول منطقة آسيا – المحيط الهادي، التي تجاوزت قيمة ثروات نظرائهم الأوروبيين عام 2009، ارتفعت بنسبة 12.1 في المائة لتبلغ 10.8 تريليون دولار أميركي عام 2010، مقارنة مع 10.2 تريليون دولار قيمة ثروات أثرياء أوروبا. ومع تسارع وتيرة وارتفاع معدلات النمو الاقتصادي لدول المنطقة إلى أعلى المستويات الإقليمية، ارتفع عدد كبار أثرياء دول منطقة آسيا – المحيط الهادي بنسبة 14.9 في المائة ليبلغ 23 ألفا، وارتفعت قيمة ثرواتهم بنسبة 16.8 في المائة عام 2010، مقارنة مع زيادات بلغت معدلاتها 10.2 في المائة و11.5 في المائة على التوالي في أعداد وحجم ثروات الأثرياء في سائر مناطق العالم. ومع احتلال منطقة آسيا – المحيط الهادي للمرتبة الثانية عالميا في أعداد وحجم ثروات الأثرياء، ارتفع عدد كبار أثرياء المنطقة بنسبة 18.3 في المائة عنه في عام 2007، قبيل حدوث الأزمة المالية العالمية.

وحسب تعريف «ميريل لينش» فإن الأثرياء هم الأفراد الذين لا تقل قيمة صافي أصولهم القابلة للاستثمار عن مليون دولار أميركي فأكثر، باستثناء منازلهم الرئيسية ومقتنياتهم وموادهم الاستهلاكية، وسلعهم الاستهلاكية المعمرة. كما أن كبار الأثرياء أفراد لا تقل قيمة صافي أصولهم القابلة للاستثمار عن 30 مليون دولار أميركي فأكثر، باستثناء منازلهم الرئيسية ومقتنياتهم وموادهم الاستهلاكية، وسلعهم الاستهلاكية المعمرة.

في هذا السياق، قال مايكل بنز رئيس دائرة منطقة آسيا – المحيط الهادي لإدارة الثروات في «ميريل لينش» لإدارة الثروات العالمية: «لا تزال دول منطقة آسيا – المحيط الهادي تشكل منطقة متميزة لتكوين ثروات ضخمة بقيادة الصين والهند واليابان، التي تواصل التفوق على الصعيد العالمي. ويعني تزايد تطوّر ومتطلبات أثرياء المنطقة أن شركات إدارة الثروات التي تستطيع توفير الكوادر الإضافية اللازمة من صفوف كوادر فروعها في المناطق الأخرى بأعداد تفوق غيرها تتمتع بأفضل الفرص لخدمة متطلبات هذه الفئة من زبائنها». وشكل أثرياء اليابان والصين والهند ما نسبته 74.4 في المائة من أعداد أثرياء دول منطقة آسيا – المحيط الهادي و68.2 في المائة من حجم ثروات أثريائها عام 2010. واستحوذت اليابان والصين بمفردهما على ما نسبته 68.6 في المائة من أعداد أثرياء المنطقة و62.8 في المائة من حجم ثروات أثريائها، بانخفاض عن 70.4 في المائة و64.7 في المائة على التوالي عن معدلات عام 2009.

واستحوذت اليابان بمفردها على أكبر عدد من أثرياء دول منطقة آسيا – المحيط الهادي بنسبة بلغت 52.2 في المائة و38.2 في المائة من حجم ثرواتها في نهاية عام 2010. وفي الوقت نفسه كان معدل النمو في أعداد وثروات أثرياء اليابان أدنى منه في سائر دول المنطقة، بسبب تباطؤ نمو اقتصادها الكلّي والأداء الضعيف نسبيا لأسواق الأسهم فيها. في المقابل ظلّت الصين تحتل مرتبة ثاني أكبر قاعدة لأعداد أثرياء المنطقة، والمرتبة الرابعة على الصعيد العالمي، حيث بلغ عدد الأثرياء فيها 535 ألفا عام 2010، بزيادة نسبتها 12 في المائة عن عام 2009. وارتفعت أعداد الأثرياء في أستراليا والهند بقوة عام 2010 لتدخلا نادي أكبر 12 دولة في أعداد الأثرياء عالميا. وبينما تقدمت أستراليا مرتبة واحدة لتحتل المرتبة التاسعة، احتلت الهند المرتبة الثانية عشرة لتدخل نادي أكبر 12 دولة في أعداد الأثرياء عالميا للمرة الأولى.

وقفز عدد أثرياء هونغ كونغ بنسبة 33.3 في المائة عام 2010، ليبلغ 101300 ثري ويعوّض التراجع الذي شهده خلال الأزمة المالية العالمية ويتجاوز الذروة التي سجلها عام 2007 حين بلغ 96 ألف ثري. وهذا هو العام الثاني على التوالي الذي تسجل فيه هونغ كونغ أعلى معدلات النمو السنوية العالمية في أعداد الأثرياء، بينما تواصل الاستفادة من الاقتصاد القوي فضلا عن مكاسب أسواق الأسهم والأسواق العقارية. كما كان معدل نمو حجم ثروات أثرياء هونغ كونغ الأسرع في العالم حيث بلغ 35 في المائة، وبلغت القيمة الإجمالية لتلك الثروات 511 مليار دولار أميركي.

وتوقع التقرير أن تظل دول منطقة آسيا – المحيط الهادي باستثناء اليابان، محرك نمو الاقتصاد العالمي عامي 2011 و2012، إلا أنه من المرجح أن يؤدي تزايد القيود على القدرات الاستيعابية إلى تباطؤ معدلات هذا النمو واستقرارها عند نسبة 6.9 في المائة عام 2011 و6.8 في المائة عام 2012. ورغم أن المنطقة سوف تبقى محرك نمو الاقتصاد العالمي حتى نهاية عام 2012 على الأقل فإن الإجراءات التي تتخذها حكومات دولها لكبح جماح التضخم والتحكّم بمعدلات تدفق رؤوس الأموال الأجنبية عليها وإبطال مفعول الفقاعات المحتملة في أسعار أصولها الاستثمارية، سوف تؤثر بالتأكيد في وتيرة نموها الاقتصادي.

ولاحظ التقرير، على غرار ما فعلوه عام 2009، واصل أثرياء دول منطقة آسيا – المحيط الهادي الاستثمار بقوة في الأسهم والعقارات. واختتم أولئك الأثرياء عام 2010 وهم يستثمرون 27 في المائة من أصولهم في العقارات. ورغم أن هذه النسبة لم تتغير كثيرا عن نسبة 26 في المائة التي سجلتها عام 2009، فإنها تظل أعلى بكثير من المتوسط العالمي الذي بلغ 19 في المائة. ويعزى ذلك إلى تفضيل الكثيرين من أثرياء المنطقة منذ أمد بعيد للاستثمار العقاري بما فيه المباني وغيرها من الأصول العقارية مثل صناديق الاستثمار العقارية، باعتبارها أدوات استثمارية قوية. وخصّص معظم أثرياء المنطقة الجزء الأكبر من حيازاتهم العقارية للقطاع السكني، بينما خصص أثرياء الصين 70 في المائة من حيازاتهم العقارية للقطاع السكني. وبلغت حصة الأسهم 26 في المائة من استثمارات أثرياء دول المنطقة عام 2010، منخفضة عن نسبة 27 في المائة المسجلة في عام 2009. إلا أن هذه الأرقام تخفي حقيقة إفراط أثرياء بعض دول المنطقة بالاستثمار في الأسهم. وكانت الأسهم تشكل ما نسبته 42 في المائة من أصول المستثمرين الصينيين على سبيل المثال، وهي نسبة أعلى بكثير من النسبة العالمية، مقارنة مع 19 في المائة في اليابان.

وباستشراف المستقبل يرجح التقرير أن يعزز أثرياء دول منطقة آسيا – المحيط الهادي من حصة الأسهم والاستثمارات ثابتة الدخل في أصولهم، وأن يقلصوا حصة الأصول النقدية - الودائع في تلك الأصول بحلول عام 2012. كما يتوقع أن يقوموا بتخفيض حيازاتهم العقارية إلى 20 في المائة العام المقبل، وسط مخاوف من حدوث تصحيح سعري كبير في الكثير من دول منطقة آسيا - المحيط الهادي، في أعقاب المكاسب الكبيرة التي تحققت خلال السنوات القليلة الماضية. وبينما يكوّن أغلب أثرياء دول منطقة آسيا – المحيط الهادي ثرواتهم من خلال امتلاكهم لشركاتهم وأعمالهم الخاصة، سوف تستطيع شركات إدارة الثروات القادرة على تعظيم قيمتها المؤسسية في نظر عملائها من خلال تحويل بعض طاقات فروعها في سائر أنحاء العالم، خدمة عملائها في المنطقة بشكل أفضل. ويرى عدد من أثرياء المنطقة أكثر من مناطق العالم الأخرى أنه يتوجب على شركات إدارة الثروات تعظيم قيمتها المؤسسية من خلال استغلال إمكانياتها المؤسسية والاستثمارية المصرفية، بالتزامن مع مختلف مراحل نمو أعمالها. من جانبه قال جان لاسيجناردي رئيس التسويق والمبيعات في دائرة الخدمات المالية العالمية في شركة «كابجيميني»: «يحتاج تنفيذ مقاربة مؤسسية شاملة في دول منطقة آسيا – المحيط الهادي إلى التكرار للحصول على فرص محددة في الأسواق، خصوصا في الأسواق الصاعدة سريعة النمو. ويشكل اعتماد مبدأ المساءلة والتحفيز الملائم وتكامل تكنولوجيا المعلومات على مستوى المؤسسة بأكمله، أحد العناصر الرئيسية في هذا السياق. والأهم من كل ذلك هو أن الشركات تحتاج إلى تطوير استراتيجيات خاصة بكل سوق على حدة، وتفادي فرض معايير اعتباطية مستمدة من المعايير المطبقة في الأسواق المتطورة».