لماذا يدعم القطاع المالي أوباما رغم علاقتهما «الفاترة»؟

حصل على أعلى تبرعات منه تحسبا للانتخابات الرئاسية المقبلة

-سيخوض أوباما الانتخابات الرئاسية المقبلة بدعم مالي كبير («الشرق الأوسط»)
TT

على الرغم من العلاقات الفاترة مع أقطاب وول ستريت، تمكن الرئيس الأميركي باراك أوباما من الحصول على تبرعات خلال العام الحالي من القطاع المصرفي والمالي أكثر مما حصل عليه ميت رومني أو أي مرشح رئاسي جمهوري آخر، وفقا لما جاء في بيانات حديثة حول جمع التبرعات.

وتوجد ميزة مهمة لأوباما تميزه عن لاعبي الحزب الجمهوري، وتتمثل في قدرته على تجميع عدد أكبر من الشيكات لأنه يجمع المال من أجل لجنة حملته الانتخابية واللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، التي ستقدم مساعدات لسعيه لإعادة انتخابه. ونتيجة لذلك، فقد حصل أوباما على أموال من موظفي المصارف وصناديق التحوط وشركات خدمات مالية أخرى أكثر من المرشحين الجمهوريين مجتمعين، بحسب ما جاء في تحليل أجرته صحيفة «واشنطن بوست» حول بيانات التبرعات. وتظهر الأرقام أن أوباما ما زال لديه رصيد دعم مستمر بين الممولين الديمقراطيين الذين دعموه منذ أن كان مرشحا رئاسيا مستضعفا قبل أربعة أعوام.

وتبرز أفضلية أوباما في جمع التبرعات بشكل واضح في «باين كابيتال»، شركة الأسهم الخاصة في بوسطن التي شارك رومني في تأسيسها وكون داخلها ثروته. وليس مفاجئا أن رومني لديه قاعدة دعم قوية في شركته، حيث حصل على 34,000 دولار من 18 موظفا في «باين»، وذلك بحسب ما جاء في تحليل البيانات من مركز «رسبونسف بوليتكس».

ولكن تفوق أوباما على رومني في منطقته، حيث حصل على 76,600 دولار من موظفي «باين كابيتال» خلال شهر سبتمبر (أيلول)، ولم يحتج إلا إلى ثلاثة متبرعين ليحقق ذلك. وقد أصبحت المعركة على أموال وول ستريت موضوعا مهما في الحملة الانتخابية الرئاسية لعام 2012، التي تتشكل لتركز بدرجة كبيرة على الصيرفة الفيدرالية وسياسات الأسواق والاقتصاد المتعثر. وقد قام جمهوريون بارزون بمغازلة ممولين ورؤساء تنفيذيين في مصارف أميركية، قائلين إن سياسات أوباما أضرتهم، فيما يسعى ديمقراطيون لتحويل تراجع الدعم في وول ستريت إلى صالحهم.

ويمكن أن تعقد علاقات أوباما بالمتبرعين داخل وول ستريت من خطط الحزب الديمقراطي لتصوير الجمهوريين على أنهم دمى في يد القطاع المالي، ولا سيما على ضوء احتجاجات «احتلوا وول ستريت» التي زاد نطاقها خلال الأسبوع الماضي. وفي رد فعل على الاحتجاجات، قامت حملة أوباما وديمقراطيون آخرون بزيادة وتيرة هجماتهم على رومني وجمهوريين آخرين لمعارضتهم لوائح تنظيمية خاصة بوول ستريت.

وقال مسؤول مصرفي بارز يجمع المال من أجل أوباما إن التقارير حول الشعور بالسخط تجاه الرئيس «مبالغ فيها». وأضاف شريطة عدم ذكر اسمه، أن مجموعة قوية من الممولين في نيويورك وشيكاغو وكاليفورنيا ما زالوا داعمين لأوباما وسياساته الاقتصادية، على الرغم من تحول البعض ضده. ولكن أضاف هذا المتبرع: «ربما يفيد ذلك من ناحية سياسية إذا لم يعتبر على أنه أحد فتية وول ستريت».

وقالت المتحدثة باسم رومني، أندريا سول إن نجاح الحاكم السابق لماساتشوستس في القطاع المالي دليل على ثقة مجتمع الأعمال فيه وعدم شعورهم بالرضا عن أوباما.

وأضافت أن المتبرعين يدعمون رومني بسبب «حال الاقتصاد وعجز الرئيس عن خلق فرص عمل». وقالت: «الرئيس أوباما وحملته سيقولون أي شيء لصرف الناخبين عن سجله الاقتصادي الفاشل».

وعلى عكس المرشحين الجمهوريين، يمكن لأوباما جمع الأموال لرصيد حملته الانتخابية، التي يمكن أن تتلقى تبرعات تصل إلى 5000 دولار لدورة 2012، كما يمكنه جمع تبرعات من أجل اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، التي يمكنها قبول 30,800 دولار للفرد في كل عام ميلادي. وسيكون نفس المتبرعين قادرين على إعطاء 30,800 دولار أخرى للجنة الوطنية للحزب الديمقراطي العام المقبل. والنتيجة هي المزيد من المال من عدد أقل من المتبرعين في القطاع المالي.

وقد حصل أوباما على إجمالي 15.6 مليون دولار من موظفين في القطاع، بحسب ما أفاد به تحليل أجرته صحيفة «واشنطن بوست». وذهب قرابة 12 مليون دولار من هذا المبلغ إلى اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، وفق ما أظهره التحليل.

وفي المقابل جمع رومني أقل من هذا المبلغ من القطاع، فيما حصل حاكم تكساس ريك بيري على قرابة مليوني دولار. ولم يحصل أي مرشح جمهوري آخر على أكثر من 402,000 دولار من قطاع التمويل، الذي يشمل أيضا شركات عقارات وتأمين.

ومع ذلك، يواجه أوباما بشكل واضح مشكلة في التقرب من المتبرعين داخل وول ستريت، الذين ظهروا في الأعوام الأخيرة من بين المصادر الأكثر أهمية للأموال خلال الحملات الانتخابية للسياسيين البارزين على المستوى الوطني.

وإذا نحينا جانبا أموال اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، على سبيل المثال، فستبدو أرقام أوباما أسوأ كثيرا.. مجرد 3.9 مليون دولار من القطاع المالي، مقارنة بـ7.5 مليون دولار لرومني. وقد جمعت لجنة أوباما الانتخابية بشكل واضح مقدارا من الأموال أقل من شركات مصرفية مهمة مثل «غولدمان ساكس»، التي أعطى موظفوها له أكثر من مليون دولار خلال دورة 2008. وحتى الآن خلال العام الحالي، أعطى نحو 24 موظفا داخل «غولدمان ساكس» للجنة أوباما نحو 45,000 دولار، أي سدس المال الذي جمعته حملة رومني الانتخابية. وقد أعطى ستة من موظفي «غولدمان ساكس» إجمالي 92,000 دولار لحملة تبرعات اللجنة الوطنية بالحزب الديمقراطي من أجل أوباما.

ومن المؤكد أن تميز أوباما المالي سيقل خلال الأشهر المقبلة. وبمجرد اختيار المرشح عن الحزب الجمهوري، سيكون قادرا على جمع التبرعات بالشراكة مع اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري.

ويعتمد رومني بشكل خاص على الأموال القادمة من القطاع المالي، الذي يمثل نحو ربع إجمالي تبرعاته، بحسب ما تظهره البيانات. وفي المقابل فإن 5 في المائة من 90 مليون دولار جمعتها لجنة أوباما الانتخابية من شركات مصرفية ومالية. ولا يزال أوباما يحافظ على مجموعة من الداعمين في وول ستريت يعدون عنصرا محوريا في جهوده لجمع التبرعات. ويأتي نحو ثلث المتبرعين البارزين له، الذين ساعدوا على تجميع 500,000 دولار أو أكثر في شكل مساهمات، من القطاع المالي، بما في ذلك أسماء بارزة مثل الحاكم السابق لنيوجرسي، جون كورزين، من «إم إف غلوبال»، ومدير صندوق التحوط أورين كرامر، والمسؤول التنفيذي بـ«يو بي إس» روبرت وولف. وقد كان رئيس طاقم أوباما ويليما دالي نائب رئيس في «جي بي مورغان تشيز» قبل أن يأتي إلى البيت الأبيض خلال العام الحالي. ويميل دعم أوباما داخل القطاع المصرفي إلى أن يكون أكثر انتشارا من شركات وول ستريت البارزة. وعلى سبيل المثال فإن أحد المصادر الرئيسية للمال من شركة بشيكاغو تدعى «تشوبر تريدينغ»، التي تستعمل تقنية تعتمد على التداول السريع بمساعدة الكومبيوتر يعتبرها بعض الخبراء مسؤولة عن التقلب في سوق الأسهم.

وأعطى موظفو الشركة لأوباما 222,000 دولار بعد أن عقد نائب الرئيس جوزيف بايدن حملة لجمع التبرعات في منزل الرئيس التنفيذي للشركة راجيف فرناندو. ولم ترد الشركة على طلب للحصول منها على تعليق. وبصورة معتادة يشير مساعدو أوباما إلى إجمالي تبرعات مشتركة يصل إلى 155 مليون دولار مع اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي كدليل على زخم الحملة الانتخابية، ولكنهم يميلون إلى تجاهل أموال اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي عندما يناقشون وول ستريت.

وفي مذكرة صدرت يوم الثلاثاء، على سبيل المثال، قال المتحدث باسم اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي براد وودهاوس إن حملة رومني «تبدو فخورة نوعا ما بحقيقة أنها تتزعم السباق على المال للحملات الانتخابية داخل وول ستريت».

وقال متحدث باسم حملة أوباما بن لابولت في بيان إن مساهمات من القطاع المالي تظهر أن الكثير من القيادات داخل الشركات يتفقون مع أوباما في الحاجة «من أجل اقتصاد مستدام وليس على ثغرات وتعهيد».

ويقول لابولت: «توجد قيادات في الشركات عبر القطاعات المختلفة يتفقون مع الرئيس على الخطوات اللازمة لضمان أن الشعب الأميركي لن يكون مرة أخرى رهينة بفعل صفقات وول ستريت المحفوفة بالمخاطر التي تهدد الاقتصاد برمته. ويرى ميت رومني وكل المرشحين الجمهوريين عكس ذلك».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»