هل تعني نهاية القذافي حياة لصناعة النفط الليبية؟

خبير لـ «الشرق الأوسط»: زيادة إنتاج النفط ستأخذ وقتا.. وربما يصل إلى 600 ألف برميل بنهاية العام

TT

أغلقت ليبيا مساء أول من أمس فصلا من الفصول الدامية في تاريخها الحديث باغتيال القذافي الذي حكم ليبيا منفردا لمدة 42 عاما ودمر الاقتصاد والصناعة النفطية ولكن هل تعني نهاية القذافي حياة لصناعة النفط الليبية؟.

يقول خبراء في صناعة النفط إن الحكومة الانتقالية بدأت فعليا في إعادة الحياة إلى صناعة النفط الليبية التي توقفت تماما بعد شهر من الثورة الليبية. ولكن حركة إعادة الحياة كانت بطيئة ومترددة في ظل الغموض السياسي الذي كان يحيط بعملية التغيير، حيث لم تتمكن الثورة الليبية من القبض على القذافي رغم أنها استولت على كامل ليبيا. وحتى وقت اغتيال القذافي لم يتمكن المجلس الانتقالي الذي يدير ليبيا، إلا من استعادة الإنتاج إلى مستوى 350 ألف برميل يوميا. وذلك حسب الإعلان الرسمي للمجلس الانتقالي حول مستويات إنتاج النفط الليبي. وهو مستوى بعيد جدا عن مستويات الإنتاج الليبي قبل الثورة الذي كان يقدر بنحو 1.6-1.65 مليون برميل يوميا.

في هذا الصدد قال الخبير الاقتصادي تيرك هامزغلو في وحدة أبحاث مصرف «ميريل لينش» الأميركي لـ«الشرق الأوسط» إن حركة إعادة بناء الإنتاج الليبي ستأخذ وقتا.. ونعتقد أن الإنتاج سيتضاعف إلى 700 ألف برميل يوميا في أحسن الأحوال بنهاية العام الحالي. وأضاف في تعليقه «أعتقد أن هذا توقع متفائل ولكن الرقم الواقعي ربما يكون 600 ألف برميل يوميا بنهاية العام». وقال خبير «ميريل لينش» لـ«الشرق الأوسط»، أعتقد أن العقبات التي تواجه الحكومة الليبية الجديدة في استعادة مستويات النفط الليبي ليست فقط هي عقبات لوجستية متعلقة بالآبار والمعدات والنواحي الفنية الخاصة بمنشآت النفط ولكنها عقبات تتعلق بالخلافات بين شركات النفط العالمية والحكومة الجديدة حول العقود والتشريعات.

وكان المسؤول النفطي الليبي السابق شكري غانم قد قال إن الحكومة الجدية لن تكون سخية في تعاملاتها مع شركات النفط العالمية، مثلما كانت حكومة القذافي. ومنحت حكومة القذافي مزايا كبرى لشركات النفط العالمية مقابل فك الحظر وتسويات عملية لوكربي.

ويذكر ان المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا شركة «غازبروم» الروسية استدعت إلى اجتماع في طرابلس لبحث ما تصفه المؤسسة بمخالفة للالتزامات الاستثمارية في أول مؤشر على أن الحكام الجدد لليبيا مستعدون لإعادة التفاوض بشأن العقود المبرمة في عهد معمر القذافي. ورغم أن المزاعم الليبية تدور حول قضية بسيطة نسبيا وهي تقاعس «غازبروم» عن دفع تكلفة تعليم طلاب، فإنها تبرز الصعوبات التي تنتظر شركات الطاقة العالمية بعد الحرب. وفي حين أوضحت المؤسسة الوطنية للنفط أنها ستتقبل مقترحات لدفع تعويضات إلا أن الخطوة الليبية تسلط الضوء على استعداد الحكام الجدد للبلاد للتحرك بخصوص أي هفوة في تنفيذ الالتزامات. وأبلغ نوري بالروين رئيس المؤسسة «رويترز»: «كان عليهم أن يفوا بالتزاماتهم وسوف نستمع إلى سبب عدم وفائهم بها».

وفي ذات السياق قال جيم أونيل من مصرف «غولدمان ساكس» ما أسمعه أن عمليات إعادة إنتاج النفط في ليبيا أسرع مما يعتقده الناس. أما جون كيلدوف المحلل بشركة «أغين كابيتال» فقال «أعتقد أن الحكومة الجديدة تستطيع تصدير 500 ألف برميل يوميا بحلول يناير المقبل». من جانبه قال لورانس إيغلز من «جي بي مورغان» في مذكرة حول أسعار النفط «إن نهاية القذافي ستعني القليل لحركة سعر النفط الحالية ولكنها أزاحت بعض المخاطر حول مستويات الإنتاج». وفي الواقع فإن العديد من المصافي الأوروبية، خاصة في فرنسا وإيطاليا وبلجيكا تعتمد على الخام الليبي الخفيف وقد واجهت اختناقات في الإمداد خلال الصيف الماضي. وبالتالي ستكون نهاية القذافي مهمة لاستمرار إمدادات النفط الخفيف إلى أوروبا.

من جانبه قال عبد الله سليم البدري، أمين عام منظمة الأوبك (الدول المصدرة للنفط) على هامش مؤتمر نفطي في لندن عقد قبل أسابيع، إن إنتاج ليبيا من النفط قد يصل إلى معدلات ما قبل الحرب قبل نهاية العام القادم. وفي ذات المؤتمر ذكر شكري غانم، الرئيس السابق لشركة النفط الليبية التي تديرها الدولة، أن العودة إلى الإنتاج الكامل للنفط قد تمتد حتى نهاية عام 2013. وقال غانم، مشيرا إلى المخاطر التي تتهدد الإمدادات النفطية عقب الثورات التي اجتاحت شمال أفريقيا والشرق الأوسط: «السؤال هو ما إذا كانت الحرب قد انتهت أم لا». وقال غانم «لن يكون سهلا إعادة الإنتاج الليبي إلى مستوياته السابقة». وعزا ذلك إلى أن منشآت النفط ربما تكون تعرضت لبعض الأضرار لأن بعض العاملين غادروها في حال ذعر ولم يغلقوا الآبار بشكل صحيح. وقد أدلى كل من شكري غانم والبدري بتعليقاتهما في مؤتمر «النفط والمال»، الذي نظمته صحيفة «إنترناشونال هيرالد تريبيون» ونشرة «أويل أنتجيلينس» في لندن. وذكر غانم، الذي كان أبرز مسؤول عن النفط في ليبيا حتى أوائل هذا العام، أن بلاده قد تتمكن من إنتاج 550.000 برميل من النفط يوميا قبل نهاية هذا العام ومليون برميل يوميا بحلول يونيو (حزيران) القادم. لكنه ذكر أن ليبيا قد تحتاج إلى مدة قد تصل إلى عامين حتى تتمكن من الوصول إلى معدلات إنتاج ما قبل الحرب وهي 1.6 مليون برميل يوميا، فقط بشرط إذا ما كانت حقول النفط مؤمنة بدرجة كافية. وتعد ليبيا دولة صغيرة نسبيا في إنتاج النفط مقارنة بدول الخليج، ولكنها من أهم المنتجين للخام الخفيف الذي تعتمد عليه العديد من معامل تكرير النفط في العالم. ومن بين الشركات التي لها حصص بارزة في النفط الليبي شركة «توتال» الفرنسية و«إيني» الإيطالية و«ريبسول» الإسبانية. وذكر غانم أنه سيكون من الصعب أن تقدم السلطات الجديدة عروضا أكثر سخاء من الحكومة السابقة للمستثمرين الأجانب، لكنه ذكر أنه قد يحدث «إعادة تفاوض». كما ذكر أن البريقة ورأس لانوف كانتا من بين المدن التي تأذت بدرجة كبيرة، وذلك يرجع بصورة جزئية إلى عمليات السرقة المنتشرة.