«خيبة الأمل» تسيطر على أوساط المستثمرين والأسواق الأوروبية

بسبب تأجيل اتخاذ قرارات حاسمة لمواجهة أزمة منطقة اليورو

TT

انطلقت ببروكسل اجتماعات أوروبية لوزراء المال والاقتصاد في مجموعة اليورو، التي تضم الدول الـ17 التي تتعامل بالعملة الأوروبية الموحدة، وذلك في بداية لسلسلة اجتماعات واتصالات على مستويات مختلفة تستمر حتى الأربعاء القادم، لإيجاد موقف أوروبي موحد بشأن مقترحات لمواجهة أزمة الديون السيادية وطمأنة الأسواق الأوروبية والعالمية، ورغم محاولة المسؤولين في المؤسسات الاتحادية ببروكسل من خلال تصريحات الجمعة على أن الاجتماعات تهدف إلى تسهيل مهمة القادة في اتخاذ قرارات هامة، وتعمل على تقريب وجهات النظر بين الاقتصادية الكبرى في التكتل الموحد، وأن الهدف مشترك وهو مواجهة الأزمة وإيجاد الحلول، إلا أن حالة من خيبة الأمل سادت صباح الجمعة أوساط المستثمرين والأسواق الأوروبية بعد الإعلان في بيان مشترك ألماني فرنسي عن عدم إمكانية اتخاذ قرارات حاسمة قبل الأربعاء القادم، رغم انعقاد اجتماع آخر السبت على مستوى وزراء المال والاقتصاد في كل الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي يسبق القمة المرتقبة الأحد لقادة التكتل الموحد وبعدها قمة لقادة كمنطقة اليورو.

وفي الوقت نفسه تجددت المخاوف في الأسواق من انتشار الأزمة إلى بلدان أوروبية عملاقة، خاصة مع قيام ستاندرد أند بورز بتصريح عن احتمالية تخفيض التصنيف الائتماني للديون السيادية الفرنسية، وبعد البيانات البريطانية التي أكدت استمرار العجز في الميزانية العامة. وغداة خفض وكالة موديز التصنيف الائتماني لإسبانيا درجتين، تصاعد التوتر في منطقة اليورو، بعد أن خفضت موديز علامة الديون السيادية لإسبانيا من «إيه إيه 2» إلى «إيه1»، لتحرم بذلك إسبانيا من صفة الدولة ذات الإصدارات العالية الجودة، ما يضع إصداراتها في خانة السندات المتينة، ولكن المهددة بالتأثر بتحولات الأوضاع الاقتصادية. وبررت الوكالة قرارها بأنه بحسب قراءتها للأوضاع فإن إسبانيا لا تزال هشة في مواجهة توترات الأسواق، ونموها الاقتصادي لن يزيد في أفضل الأحوال عن 1% في عام 2012. وبخطوتها هذه تكون موديز قد تعاملت مع إسبانيا بقسوة أكبر من منافستيها الباقيتين «ستاندرد أند بورز» و«فيتش» اللتين خفضتا خلال الأسبوعين الماضيين علامة الديون السيادية لإسبانيا درجة واحدة. وقرر قادة الاتحاد الأوروبي تأجيل البت بقرار نهائي بشأن أزمة الديون حتى على الأقل 26 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، وهذا مع استمرار الخلاف بين فرنسا وألمانيا حول كيفية عمل صندوق الاستقرار المالي الأوروبي، ودور البنك المركزي الأوروبي في ذلك، وكان من المقرر أن تسلم في 23 من الشهر الجاري خطة نهائية شاملة لاحتواء أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو مع تزايد الضغوط الدولية، إلا أن فرنسا وألمانيا قد أكدتا أنهما بحاجة لمزيد من الوقت للتوصل لاتفاق حول خطة الإنقاذ.

وتدور تكهنات كثيرة في الأسواق حول ماهية الخطة، فصانعو القرار يحاولون مناقشة إطلاق العنان لما قيمته 1.3 تريليون دولار في صندوق الاستقرار المالي الأوروبي لاحتواء أزمة الديون الأوروبية وإنهاء الخلاف بين فرنسا وألمانيا حول خطة إعادة رسملة البنوك الأوروبية.

وترفض ألمانيا المقترح الفرنسي باستخدام الميزانية العامة للبنك المركزي الأوروبي لتوسيع صندوق الاستقرار المالي الأوروبي الذي تبلغ سعته المالية 440 مليار يورو، ويأتي الخلاف بين صانعي القرار بعد أن ضغطت البنوك رافضة إعادة رسملة البنوك أو تخفيض قيم السندات اليونانية.

وأقرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمام كتلتها البرلمانية في الاتحاد الأوروبي بضرورة إعفاء اليونان من قدر أكبر من الديون عما أعلن سابقا. وذكرت مصادر من اتحاد المسيحيين الديمقراطيين والاجتماعيين المسيحيين في بافاريا أن ميركل أخبرت نوابها بأن إعفاء اليونان من 21% من ديونها ليس كافيا لمواجهة أزمة العجز التي تهددها. وأشارت المصادر إلى أن ميركل ستدلي يوم الأربعاء المقبل، وقبل ساعات من القمة المقرر انعقادها في بروكسل، أمام البرلمان الألماني ببيان حكومي بشأن أزمة الديون، كان ينتظر تقديمه اليوم وتم تأجيله الليلة الماضية.

وخلال اجتماع الكتلة البرلمانية في الاتحاد الأوروبي، دافعت ميركل أيضا عن تأجيل القرارات المتعلقة بالصندوق الأوروبي للاستقرار المالي حتى 26 من أكتوبر الجاري. وأكدت أن القيام بالأعمال بشكل تدقيقي أفضل من التسرع، وقللت من أهمية تأجيل بعض القرارات، التي كان ينبغي أن يتم اتخاذها الأحد المقبل، إلى يوم الأربعاء التالي، معللة ذلك بمسائل تقنية تتعلق بصياغة اتفاقيات، أكثر منه لخلافات بين ألمانيا وفرنسا. وفي نفس الاجتماع أكد وزير المالية الألماني فولفجانج شويبله أن بلاده لن تقبل بمطلب فرنسا عمل رخصة مصرفية للصندوق الأوروبي للاستقرار المالي، كي يحصل هكذا على المساهمات من مؤسسة مالية. وشدد شويبله على وجود توافق كبير بين الشركاء بمنطقة اليورو حول مواصلة التفاوض بشأن قاعدة من الاتفاقيات والقواعد السارية. وجاء ذلك بعد أن قالت فرنسا وألمانيا في بيان مشترك إن الزعماء الأوروبيين سوف يناقشون بالتفصيل حلا شاملا لأزمة ديون منطقة اليورو في قمة ستعقد يوم الأحد لكن لن يتم اتخاذ قرارات قبل اجتماع ثان من المقرر عقده بحلول يوم الأربعاء على أبعد تقدير. وأضاف البيان الذي صدر بعدما أجرى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي محادثات عبر الهاتف مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل يوم الخميس أن فرنسا وألمانيا تريدان بدء مفاوضات على الفور مع القطاع الخاص بشأن اتفاق بخصوص قدرته على تحمل دين يوناني.