المنتدى الفرنسي ـ الخليجي الثاني في باريس يدعو إلى شراكات حقيقية

وزير التجارة الفرنسي: إما ننجح معا وإما نهبط معا

TT

كيف يمكن الارتقاء بالعلاقات الخليجية - الفرنسية والتحول بها إلى علاقات شراكة حقيقية، خصوصا في القطاع الصناعي وليس الاكتفاء بالنظر إليها من زاوية المبادلات التجارية أو العقود التي حالما يتم الانتهاء منها يطوي الفرنسيون حقائبهم ويعودون إلى بلادهم؟ هذا هو السؤال الرئيسي الذي انكب عليه المشاركون في المنتدى الخليجي - الفرنسي الثاني الذي التأم في العاصمة الفرنسية أول من أمس بحضور نحو 300 مشارك من الجانبين. ونظمت المنتدى الغرفة التجارية الفرنسية - العربية برعاية وزارة الخارجية الفرنسية. وربما يدل مجيء وزير التجارة الخارجية الفرنسي بيار لولوش ووزيرة التجارة الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي على الاهتمام الرسمي للطرفين للقيام بـ«شيء آخر» خصوصا في زمن الأزمات المالية والاقتصادية الأوروبية وفي زمن «الربيع العربي».

بداية، رسم أمين عام الغرفة التجارية الفرنسية - العربية الدكتور صالح بكر الطيار بعض الملامح إذ اعتبر أنه في زمن «عولمة الأزمات» يتعين «عولمة الحلول» منوها بموقع دول مجلس التعاون الخليجي التي رأى فيها «الترياق» و«خشبة الخلاص» للخروج من الأزمة بفضل استمرار نموها «7% في السعودية و20% في قطر و5%» كمعدل عام في كافة دول مجلس التعاون للسنوات القادمة، وفق توقعات صندوق النقد الدولي. وبحسب الطيار، فإن دول الخليج «تأتي إلى فرنسا فاتحة ذراعيها وأسواقها أمام تنافس أفضل للجميع من دون قيد أو شرط باستثناء الجودة والنوعية». وذهب رئيس الغرفة الوزير السابق والنائب الحالي هير فيه دو شاريت في الاتجاه عينه إذ أكد أن الباب مفتوح أمام الشركات والمستثمرين الفرنسيين في مجالات التجارة والمبادلات والاستثمارات والشراكات داعيا الشركات الوسطى والصغرى الفرنسية إلى الاهتمام بالسوق الخليجية وبالفرص التي يفتحها بفضل نسبة النمو من جهة والمشاريع الكبرى التي يطلقها مع تنويه بإمكانية التعاون في قطاع التمويل الإسلامي.

غير أن الشيخة لبنى القاسمي وضعت سريعا الإصبع على الجرح في إشارتها إلى أن الخليج بحاجة إلى شراكات أولها في القطاع الصناعي وتحديدا تلك التي تحتاج إلى التكنولوجيا المتقدمة ويصدر هذا الموقف من الغربة في التحول من سوق للبضائع الفرنسية مشيرة إلى قطاعات المياه والطاقة النظيفة والتكنولوجيات الحديثة داعية بدورها الشركات المتوسطة للانغراس في الاقتصاديات الخليجية. وبرأي الوزيرة الإماراتية، فإن بلدان الخليج راغبة في توسيع وتنويع علاقاتها الاقتصادية وزيادة الاستثمارات المتبادلة مع فرنسا. لكنها نصحت الشركات الفرنسية بأن تغير من طبيعة تعاطيها مع هذه المنطقة التي لم تعد حكرا على أحد في ظل منافسة الشركات الآتية من البلدان النامية مثل الصين والهند وكوريا وتركيا وغيرها.

أما وزير التجارة الفرنسي فقد توقف عند تحولين «تاريخيين» عبر العالم: أولهما تغير ميزان القوى الاقتصادية في العالم ما تمثل في تراجع القوى السابقة مثل الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية والثاني قيام الربيع العربي. وبرأي لولوش، يتعين على الحكومات واللاعبين الاقتصاديين من القطاعين العام والخاص أن يعوا أن لا نجاح للربيع العربي من غير تغيير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتحديدا إيجاد فرص عمل للشباب. ووفق الإحصائيات التي استند إليها، فإن البلدان العربية تحتاج لإيجاد 40 مليون فرصة عمل جديدة حتى عام 2020.

وفي ما خص العلاقات الاقتصادية الفرنسية - الخليجية، اعتبر لولوش أن الفضاء الخليجي «يشكل فرصة» للشركات الفرنسية. لكن التحدي الذي تواجهه في البلدان الخليجية يكمن أولا في الحاجة إلى المحافظة على المواقع الفرنسية في هذه السوق التي تراجعت من 5.14% عام 1995 إلى 4.40% حاليا. كذلك أشار لولوش إلى أن الصادرات الفرنسية إلى العالم العربي لا تزيد على 7% من إجمالي الصادرات الفرنسية والصادرات إلى الخليج عن 2.5%. أما الاستثمارات المباشرة التي تقوم بها الشركات الفرنسية في كل العالم العربي فلا تتخطى عتبة الـ29 مليار يورو ما نسبته 3% من الاستثمارات الفرنسية عبر العالم.

وعليه، يرى لولوش أنه يتعين على الشركات الفرنسية أن «تحسن عروضها لتتوافق مع الحاجات» المحلية واستراتيجيات التنمية وأن تسعى إلى إبرام «شراكات على المدى البعيد». وحث الوزير الفرنسي هذه الشركات على إعادة النظر في طريقة تعاطيها مع الأسواق الخليجية التي لا يمكن اعتبارها «معقودة اللواء» للشركات الفرنسية. وتوجه لولوش إلى الشركاء العرب قائلا: «إما سنخرج منتصرين معا من الأزمة القائمة وإما سنهبط معا».