عملاء شركة «إم إف» الأميركية للسمسرة يواجهون خسائر ضخمة

ربما تصل الأموال المفقودة إلى 700 مليون دولار

الرئيس التنفيذي لشركة إم أف جو كورزيون (الثاني من الشمال) أثناء جلسة تداول في نيويورك يوم الأثنين الماضي («نيويورك تايمز»)
TT

اكتشف المنظمون الفيدراليون أن مئات الملايين من الدولارات من أموال العملاء فقدت من شركة «إم إف غلوبال» مؤخرا مما أدى إلى فتح تحقيق حول شركة السمسرة التي يديرها جون كورزين، حاكم ولاية نيوجيرسي السابق، بحسب بعض المصادر المطلعة التي تحدثت لصحيفة «نيويورك تايمز».

وقد أدى الاعتراف بفقدان هذه الأموال إلى فشل اتفاقية ببيع حصة كبيرة من «إف إم غلوبال» لشركة سمسرة منافسة. وكان بقاء «إم إف غلوبال» يعتمد على إتمام الصفقة. وبدلا من ذلك أعلنت الشركة التي يقع مقرها في نيويورك إفلاسها يوم الاثنين. وينظر المنظمون فيما إذا كانت شركة «إم إف غلوبال» قد استخدمت بعض أموال العملاء في دعم أعمالها كشركة تتأرجح على حافة الهاوية. وربما يوضح اكتشاف عدم القدرة على تحديد مكان المال عدم صرامة الضوابط الداخلية في «إم إف غلوبال». ولم يتضح بعد مكان الأموال. في البداية كان يعتقد أن 950 مليون دولار مفقودة، لكن مع اقتراب الشركة من إعلان إفلاسها، انخفض هذا الرقم إلى أقل من 700 مليون دولار يوم الاثنين، بحسب بعض المصادر المطلعة. ومن المتوقع أن يتم اكتشاف مبلغ أكبر خلال الأيام المقبلة.

وربما يكشف التحقيق، الذي لا يزال في مراحله الأولى، أمرا متعمدا ومثيرا للمشاكل. في كل الحالات، يمكن أن يخالف ما أدى إلى عدم العثور على الأموال قيمة أساسية من ضوابط «وول ستريت» وهي فصل أموال العملاء عن أموال الشركة. ومن الواجبات الأساسية على كل شركة سمسرة هي تعقب حسابات العملاء يوميا. ولم يتم توجيه اتهام لشركة «إم في غلوبال» أو كورزين. ورفض محامو الشركة التعقيب على الأمر. يهدد التحقيق بتشويه سمعة كورزين، المسؤول التنفيذي السابق لـ«غولدمان ساكس» الذي سعى إلى إعادة إحياء مهنته في «وول ستريت» العام الماضي بعد أشهر من هزيمته في الانتخابات التي كان يسعى إلى الفوز خلالها بفترة ثانية كحاكم ولاية نيوجيرسي. عندما تولى منصبه في «إم إف غلوبال» بعد أكثر من عقد من العمل في السياسة، حيث كان عضوا في مجلس الشيوخ عن ولاية نيوجيرسي، يسعى إلى دعم الأرباح من خلال زيادة عدد مراهنات الشركة برأسمالها. إنها استراتيجية كونها من تجربته في مصرف «غولدمان ساكس»، حيث تنقل في المناصب بتأسيس المصرف الاستثماري الذي أصبح ذراع الحكومة الأميركية في تداول السندات. من السمات المميزة له بحسب ما جاء في كتاب «غولدمان ساكس: ثقافة النجاح» لليزا إندليك، هي رغبته في تقبل الخسائر إذا ما تم التفكير جيدا في النظريات التي تقوم على أساسها التداولات.

وقد قام بمراهنة مماثلة في «إم إف غلوبال» بشراء حصة كبيرة من ديون إسبانيا وإيطاليا والبرتغال وبلجيكا وآيرلندا بثمن مخفض. وبمجرد حل أوروبا مشاكلها المالية، سوف يتم تحقيق أرباح هائلة من هذه السندات. مع ذلك عندما تم تسليط الضوء على المراهنات، انطلقت صافرة إنذار في «وول ستريت». وفي الوقت الذي خسرت فيه جزءا ضئيلا من قيمتها وهي مستحقة بعد أقل من عام، يُنظر إلى «إم إف غلوبال» على أنها خاطرت كثيرا ولم تضع في الحسبان حدوث خطأ بالنظر إلى حجمها. ومساء يوم الجمعة، عانت «إم إف غلوبال» من الضغط لتوفير المزيد من الأموال لدعم وضعها المالي بما ينذر باستنزاف ما تبقى للشركة من سيولة نقدية. ويوضح انهيار «إم إف غلوبال» مدى قلق المستثمرين من أزمة الديون الأوروبية. وقد تم دعم مؤسسات مالية أخرى خلال الأشهر القليلة الماضية بسبب إصدار دول أوروبية ذات اقتصاد ضعيف لسندات. ودفعت المخاوف من تعامل «إم إف غلوبال» مع أوروبا وكالتين للتصنيف إلى تخفيض تصنيفهما للشركة بدرجة كبيرة الأسبوع الماضي. وقد قللت الشركة من قدر هذا الخفض، حيث صرحت: «نعتقد أنه لا يؤثر على عملائنا أو التوجه الاستراتيجي للشركة». وبحلول مساء يوم الأحد، اعتقدت «إم إف غلوبال» أنها تفادت مصيرها الأليم بعد مرورها بأسبوع عصيب. وفي غضون خمسة أيام، خسرت الشركة 67 في المائة قيمتها في السوق وتم خفض تصنيفها بشكل كبير مما أبعد المستثمرين وزاد من تكلفة الاقتراض.

ووجه كورزين ومستشاروه نداء استغاثة من كل الأطراف الفاعلة تقريبا في «وول ستريت» أملا في بيع ولو حصة من الشركة في محاولة لتفادي الانهيار.

وحسب «نيويورك تايمز» تمت الاستعانة بمؤسسة «بلاك روك» لإدارة أصول شركة «إم إف غلوبال» لعلها تستطيع خفض الموازنة من خلال بيع حصتها من الديون الأوروبية. وتمكنت «بلاك روك» من تقييم المحفظة الاستثمارية، لكن لم يكن لديها وقت للعثور على مشتر لها بسبب العراقيل التي واجهتها «إم إف غلوبال» بحسب مصادر مطلعة. يوم السبت، أصبحت شركة «جيفريز أند كومباني» من أكبر المتقدمين لشراء حصة كبيرة من «إم إف غلوبال» قبل تراجعها في وقت لاحق من ذلك اليوم. ويوم الأحد ظهرت شركة منافسة هي «إنتر أكتيف بروكرز» ومقرها في كونيتيكت، لكنها كانت تتوق فقط للحصول على العقود الآجلة والأوراق المالية الخاصة بالعملاء. وفي الوقت الذي استسلمت فيه شركة «إم إف غلوبال» للإعلان عن إفلاس الشركة الأم، كانت شركة «إنتر أكتيف بروكرز» عازمة على المساعدة في دعم فروع أخرى لـ«إم إف غلوبال» ومنها فرع في بريطانيا. لم يسع شركة «إم إف غلوبال» مساء يوم الأحد سوى التوقيع على عقد مع «إنتر أكتيف بروكرز». يذكرنا الاستحواذ بما فعلته مؤسسة «ليمان براذرز» عام 2008 عندما أعلنت الشركة الأم إفلاسها، بينما اشترى مصرف «باركليز» في بريطانيا بعض أصولها. مع ذلك في منتصف الليل ومع فحص «إنتر أكتيف بروكرز» لحسابات عملاء «إم إف غلوبال»، اكتشف المشتري المحتمل عقبة أساسية وهي عدم وجود بعض أموال العملاء، بحسب بعض المصادر المطلعة. أثار هذا الاكتشاف قلق «إنتر أكتيف بروكرز» التي تخلت عن الصفقة حينها.

وفي وقت لاحق يوم الاثنين عندما أوضحت للمنظمين سبب فشل الصفقة، أعربت شركة «إم إف غلوبال» عن قلق من عدم وجود بعض الأموال، بحسب بيان مشترك صادر من لجنة تداول العقود الآجلة للسلع ولجنة الأوراق المالية والبورصة. مع ذلك شك المنظمون في البداية في احتمال وجود عجز قبل أيام من اجتماعها في مقر الشركة في مانهاتن، على حد قول مصادر مطلعة. من الطبيعي عدم العثور على بعض الأموال عند انهيار شركة مالية، لكن الحجم في حالة «إم إف غلوبال» مثير للقلق.

وفي هذه اللحظة، هناك حيرة تحيط بالأموال المفقودة، ومن المحتمل أن يكون جزء من الأموال قد «علق في النظام»، حيث ترددت مصارف بها حسابات العملاء الأسبوع الماضي في إرسال المال لشركة «إم إف غلوبال»، على حد قول أحد المصادر المطلعة. مع ذلك لم تقدم الشركة دليلا على أن الـ600 أو 700 مليون دولار مودعة في تلك المصارف، بحسب مصادر مطلعة. ويفكر المنظمون في احتمال أن تكون أموال العملاء قد وُضعت في المكان الخطأ. ومع فشل الاتفاق مع «إنتر أكتيف بروكرز»، ظلت «إم إف غلوبال» حائرة متأرجحة المصير لساعات عدة قبل أن تشهر إفلاسها. وأوضح مصرف الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وعدد من البورصات تعليق عملها مع شركة «إم إف غلوبال». ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي يعرب فيها المنظمون عن مخاوفهم بشأن «إم إف غلوبال»، فقد أكدت الشركة يوم الاثنين أن لجنة تداول العقود الآجلة للسلع ولجنة الأوراق المالية والبورصة عبرت عن «قلقها البالغ» من وضع الشركة.