فرنسا تقر إجراءات تقشف لتلافي خطر «الإفلاس»

تأمل في توفير 100 مليار يورو من الإنفاق بحلول 2016

رئيس الوزراء الفرنسي فرانسو فيون وإلى يمينه وزير الاقتصاد الفرنسي فرانسو باروين، بعد إعلان خطة التقشف، أمس (أ.ف.ب)
TT

قبل ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية فرضت حكومة نيكولا ساركوزي مجموعة جديدة من إجراءات التقشف، شملت زيادة ضريبة القيمة المضافة، والضريبة على الشركات وإصلاح نظام التقاعد المبكر، لكنها قالت إن أزمة الديون هي التي أملتها، وكذلك خطر «الإفلاس».

وعلى غرار الحكومات الأخرى في منطقة اليورو التي هددها شبه إفلاس اليونان، تبذل باريس جهودا لإظهار جدية موازنتها، مع هدف معلن يتمثل في الحفاظ على تصنيفها المالي «إيه إيه إيه» الممنوح لحاملي الديون غير المشكوك في تحصيلها. وحذر رئيس الوزراء الفرنسي، فرنسوا فيون، في مؤتمر صحافي من أن «كلمة إفلاس لم تعد كلمة مبهمة». وقال: «لبلوغ مستوى انعدام العجز بحلول 2016، وهذا هو هدفنا، سيتعين توفير أكثر من 100 مليار يورو بقليل».

وتهدف مجموعة الإجراءات المعلنة الاثنين إلى توفير أو إلى تسجيل عائدات إضافية بقيمة سبعة مليارات يورو من الآن وحتى نهاية 2012. وتضاف هذه الإجراءات إلى خطة التقشف السابقة الرامية إلى توفير 12 مليار يورو في الفترة نفسها التي أعلن عنها في نهاية أغسطس (آب).

وحذر فيون قائلا: «إن أمامنا عدة سنوات من الجهود». وستقلص الحكومة، كما بدأت تفعل الآن، من حجم الإعفاءات الضريبية المتعددة المعمول بها في فرنسا، لكنه أعلن أيضا إجراءات مؤلمة على الصعيدين الضريبي والاجتماعي، وإصلاح أنظمة التقاعد الذي شكل شعار ولاية نيكولا ساركوزي، الذي تم التصويت عليه قبل عام تقريبا، سيطبق قبل موعده بسنة، أي في 2017. وينص خصوصا على رفع سن التقاعد القانوني من 60 إلى 62.

وعلى الصعيد الضريبي، سيتحمل الفرنسيون زيادة ضريبة القيمة المضافة على عدد من المنتجات والخدمات، ويبقى المعدل الطبيعي لضريبة القيمة المضافة (19.6 في المائة) دون تغيير، لكن المعدل المخفض وهو حاليا 5.5 في المائة، سيرتفع إلى 7 في المائة «باستثناء منتجات أولية وخصوصا غذائية»، كما قال فيون. وسيتم بالتالي استحداث معدل وسطي لضريبة القيمة المضافة، وسيتعين على الشركات الفرنسية الكبرى التي تحقق أرباحا كبيرة في غالب الأحيان، أن تقدم مساهمتها أيضا.

وجاء في بيان رسمي للحكومة: «بصورة استثنائية، ستزداد الضريبة على الشركات الكبرى (التي يفوق رقم أعمالها 250 مليون يورو) بواقع 5 في المائة في 2012 و2013، إلى حين عودة العجز العام إلى ما دون 3 في المائة» من إجمالي الناتج الداخلي في 2013 مقابل 4.5 في المائة العام المقبل، مطابقة مع التعهد الذي قطعته فرنسا أمام شركائها الأوروبيين. وإجراءات التقشف الجديدة هذه أملاها انخفاض توقعات النمو من 1.75 في المائة إلى 1 في المائة لعام 2012، التي أعلنها الرئيس الفرنسي في 27 أكتوبر (تشرين الأول). وستترجم هذه التوقعات بصورة تلقائية بخفض العائدات الضريبية، ويأتي الإعلان عن إجراءات التقشف الجديدة قبل ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية التي رجحت استطلاعات الرأي فوز المرشح الاشتراكي، فرنسوا هولاند، فيها بغالبية كبيرة أمام منافسه نيكولا ساركوزي. وأعلن فرنسوا فيون ردا على سؤال حول التضارب بين خطة التقشف هذه والجدول الزمني السياسي، أن «واجبنا هو إخراج بلدنا من هذه الأزمة، إنه حماية الفرنسيين من الأخطاء التي ارتكبت في الكثير من الدول الأوروبية». إلا أن فيون، ولإظهار تضامن المسؤولين مع بقية الفرنسيين، أعلن تجميد رواتب رئيس الجمهورية والوزراء إلى حين بلوغ «التوازن التام» للمالية العامة.

من جهتها، قالت المعارضة الاشتراكية: «إن نتيجة خطة التقشف هذه ستكون الفوضى الاقتصادية والاجتماعية»، واعتبرت أن الحكومة تراعي مرة أخرى الأكثر ثراء من المكلفين.

من جانبها حثت مديرة صندوق النقد الدولي، أمس، على مضاعفة جهودها للتصدي لأزمة الديون السيادية، وقالت إن التباطؤ يمثل خطرا متناميا يواجه الاقتصاد العالمي. وقالت كريستين لاغارد في كلمة أمام طلبة خلال أول زيارة تقوم بها لموسكو منذ تولي قيادة صندوق النقد: «الاقتصاد بشكل عام يمر بمرحلة خطيرة يكتنفها عدم اليقين. وهناك بوضوح آفاق تزداد قتامة ومخاطر سلبية». ودعت لاغارد الشركاء في منطقة اليورو إلى تعزيز جهودهم للتغلب على مشكلات الديون السيادية واستعادة الثقة.