إيطاليا في عين «عاصفة الديون».. وبرلسكوني الضحية الثانية بعد باباندريو

أسعار الفائدة على السندات الإيطالية اقتربت من 7% وأوروبا قلقة

رئيس الوزراء الإيطالي في طريقه إلى النهاية السياسية (أ.ب)
TT

تهدد قنبلة الديون الإيطالية المقدرة بنحو 1.9 تريليون يورو (نحو 2.7 تريليون دولار) مستقبل منطقة اليورو في وقت تواجه فيه إيطاليا أزمة اسقطت رئيس الوزراء سلفيو برلسكوني الذي اعلن مساء امس عزمه الاستقالة . وكانت أسواق المال راهنت منذ الصباح فعليا على نهاية برلسكوني كضحية ثانية لأزمة ديون اليورو بعد رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو. وبدأت أوروبا قلقة أمس من ارتفاع الفائدة التي تطلبها البنوك على سندات الدين الإيطالية، حيث اقتربت من 7% لأول مرة. وهذا المستوى المرتفع يزيد حدة القلق في منطقة من مواجهة سيناريو انهيار الاقتصاد الإيطالي. وتبلغ ديون إيطاليا 1.9 تريليون يورو (نحو 2.7 تريليون دولار). وستجد منطقة اليورو صعوبة في تلبية متطلبات تمويل الإنفاق الإيطالي إذا تواصل الاضطراب السياسي والاقتصادي في إيطاليا ولم تتمكن البلاد من تعيين حكومة جديدة تنفذ بشكل صارم خطة التقشف التي أجازها وزراء مالية منطقة اليورو الشهر الماضي وطالبوا حكومة برلسكوني بتطبيقها قبل الحصول على مس اعدات. ويبلغ حجم الديون الإيطالية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي 120%.

ووصف المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية أولي رين الثلاثاء الوضع الاقتصادي في إيطاليا بأنه «يدعو للقلق الشديد» بعد الارتفاع الكبير لفوائد قروض هذا البلد في سوق السندات. وقال أولي في مؤتمر صحافي، إن الوضع الاقتصادي في إيطاليا «يدعو للقلق الشديد»، مؤكدا رغبته في مساعدة هذا البلد على تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها لطمأنة الأسواق. وأضاف في ختام اجتماع لوزراء المالية الأوروبيين في بروكسل، أن «إيطاليا تواجه حاليا ضغوطا كبيرة جدا في الأسواق». وأوضح رين أن «الوضع يقلقنا كثيرا، ونراقبه عن كثب»، ووصف ارتفاع فوائد قروض إيطاليا في سوق السندات التي تقترب من 7% في عشر سنوات، بأنه «مأساوي».

إلى ذلك، قال مصدر من المفوضية الأوروبية في بروكسل، أمس، إن خبراء الاتحاد الأوروبي يعتزمون البدء في الرقابة على الإصلاح الاقتصادي للحكومة الإيطالية وجهودها التقشفية اليوم (الأربعاء). وذلك حسب ما ذكرت «رويترز». وقال المسؤول إن فريقا من المفوضية والبنك المركزي الأوروبي سيصل إلى روما في وقت لاحق اليوم وسيبدأ عمله في اليوم التالي. وكانت إيطاليا قبلت رقابة من الاتحاد الأوروبي خلال قمة لمنطقة اليورو الشهر الماضي. وفي قمة مجموعة العشرين الأسبوع الماضي في كان بفرنسا، قبلت أيضا إشرافا من صندوق النقد الدولي الذي من المتوقع أن يرسل خبراءه إلى روما في وقت لاحق من هذا الشهر.

وكانت ايطاليا شهدت يوما دراميا سياسيا قبل اعلان عزم برلسكوني الاستقالة حيث اجرى مفاوضات اللحظة الأخيرة لإقناع المنشقين عن حزبه بدعم الحكومة في اقتراع برلماني حاسم على الموازنة. والتقى برلسكوني في مكتبه بروما عضو البرلمان إيزابيلا بيرتوليني عن حزب شعب الحرية المحافظ الذي يرأسه، حيث إنها عضو في مجموعة من أعضاء الائتلاف الحاكم الذين طالبوا مؤخرا رئيس الوزراء بتقديم استقالته وإفساح الطريق أمام حكومة تستطيع التعامل مع المشكلات الاقتصادية لإيطاليا.

وقالت بيرتوليني التي كانت موالية سابقة لبرلسكوني لمدة طويلة إن رئيس الوزراء يدرس «كل الخيارات.. البقاء أو التنحي أو تسليم (مهمة قيادة الحكومة) إلى أي شخص آخر. ولم يتضح على الفور ما إذا كان برلسكوني أقنع بيرتوليني للتصويت لصالح الموازنة التي تعتزم الحكومة طرحها على مجلس النواب الإيطالي. ومن المقرر أن يبدأ التصويت في الساعة 3:30 مساء اليوم (14:30 بتوقيت غرينتش). وتحتاج الحكومة إلى أغلبية بسيطة من أجل الفوز بالموافقة على الإجراء في مجلس النواب المؤلف من 630 نائبا.

وفي الوقت نفسه، انسحب وزير المالية الإيطالي جيوليو تريمونتي من اجتماع مع نظرائه بالاتحاد الأوروبي أمس في بروكسل من أجل العودة إلى روما، حسبما ذكر دبلوماسيون، حيث تقف الحكومة الإيطالية المحافظة على شفا الانهيار. ويأتي التصويت وسط دعوات متزايدة لبرلسكوني بالاستقالة، وسط تزايد ضغوط أسواق المال مما أدى إلى ارتفاع العائد على السندات العشرية الحكومية إلى 6.74%، في مستوى قياسي أمس بعد أن وصلت لمستويات مماثلة يوم الاثنين. وكان برلسكوني نفى أمس أنه على وشك التنحي قائلا لصحيفة محافظة إنه يريد «مواجهة أولئك الذين يحاولون خيانتي».

وأشار رئيس الوزراء إلى سلسلة من عمليات اقتراع بالثقة يعتزم إجراؤها في البرلمان من أجل الموافقة على إصلاحات اقتصادية تعهد بتطبيقها للاتحاد الأوروبي.

وعقب قمة مجموعة العشرين في منتجع كان بفرنسا الأسبوع الماضي، وافقت إيطاليا على السماح لخبراء من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي بمراقبة مدى تقدم إيطاليا في تنفيذ الإصلاحات بشكل فصلي.