الاتحاد الأوروبي يقر حزمة تشريعات للإصلاح المالي والتنسيق

تنتظر التطورات في أثينا وروما

TT

أقر اجتماع وزراء المال والاقتصاد في دول الاتحاد الأوروبي، ما يعرف بـ«حزمة التشريعات الستة»، التي تضمن تفادي تكرار أزمة الديون السيادية، وقال بيان صدر في ختام الاجتماعات ببروكسل، إن الوزراء اعتمدوا الحزمة التي جاءت بناء على اتفاق سياسي جرى التوصل إليه في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وكحل وسط جرى التوصل إليه مع البرلمان الأوروبي، عقب مفاوضات حول هذا الصدد، انتهت بإقرار البرلمان للتشريعات الستة في 28 سبتمبر (أيلول) الماضي، وحسب البيان الأوروبي تضمن حزمة التشريعات الستة التنسيق اللازم لتفادي تراكم الاختلالات المفرطة، وضمان استدامة الموارد المالية العامة لضمان سياسات نقدية طويلة الأمد للاتحاد الأوروبي، وتضمن أيضا مراقبة السياسات المالية والاقتصادية للدول الأعضاء؛ للعمل على مواجهة العجز المفرط، ومراقبة الموازنة وإجراء تعديل على ميثاق الاستقرار والنمو الذي اعتمد في عام 1997، أي قبل إنشاء منطقة اليورو، وذلك بغرض توفير الضمانات اللازمة لتحقيق الانضباط المالي في الدول الأعضاء. وكان ملف اليونان وإيطاليا قد شغل حيزا كبيرا من مناقشات الوزراء الأوروبيين التي انطلقت الاثنين، من خلال اجتماعات وزراء دول منطقة اليورو، وعلى هامش الاجتماعات طالب وزير المالية البريطاني، جورج أوزبورن، دول منطقة اليورو باتخاذ إجراءات لحل أزمة الديون السيادية التي تضر أيضا باقتصاد بلاده، دون انتظار الأحداث في اليونان وإيطاليا، وقال: «ليس بإمكاننا انتظار الأحداث في أثينا وروما، ينبغي علينا أيضا اتخاذ خطوات تقدم هنا في بروكسل». وحذر أوزبورن أيضا من أنه ما لم تتخذ الإجراءات الضرورية، فإن الاقتصاد الأوروبي، بما فيه البريطاني، سيظل يعاني، مضيفا أن حل أزمة منطقة اليورو سيكون نبأ طيبا بالنسبة لبريطانيا. وأفاد بأن «منطقة اليورو في حاجة الآن لتوضح للعالم بطريقة مقنعة أنه يوجد حائط صد، وأنه به موارد كافية»، مشددا على ضرورة إحراز خطوات تقدم سواء بالنسبة للدول أو الاتحاد الأوروبي، وفي ختام اجتماعات الاثنين طالب وزراء مالية مجموعة اليورو، التي تضم 17 عضوا، زعماء أكبر حزبين سياسيين في اليونان بالتوقيع على خطاب يؤكد من جديد الالتزام بتنفيذ إصلاحات اقتصادية، وتطبيق حزمة إنقاذ.

وقال رئيس مجموعة اليورو، جان كلود يونكر، في مؤتمر صحافي في ساعة متأخرة من مساء الاثنين: «طلبنا من السلطات اليونانية الجديدة إرسال رسالة مشتركة يوقعها قادة الحزبين الرئيسيين والحكومة الائتلافية المقبلة، تؤكد من جديد التزامهم القوي بالاتفاق الذي جرى التوصل إليه في قمة مجموعة اليورو يومي 26 و27 أكتوبر». وكانت قمة مجموعة اليورو وافقت على شطب مبلغ مائة مليون يورو من ديون اليونان، ومنح أثينا قرضا آخر بقيمة 130 مليار يورو. وأشار يونكر إلى أن وزراء مالية مجموعة اليورو خصصوا جانبا كبيرا من اجتماعهم للاستماع إلى وزير المالية اليوناني، إيفانجيلوس فينيزيلوس، لشرح الوضع السياسي في بلاده.

وأعرب يونكر عن توقعه أن يعود مسؤولون من الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، قريبا، إلى أثينا لعقد مناقشات مع السلطات اليونانية الجديدة، بشأن تنفيذ برنامج التقشف.

وقال إن الاجتماع ناقش أيضا الوضع في إيطاليا، ورحب بسلسلة من التدابير الجديدة أعلنتها السلطات الإيطالية مؤخرا، ومنها الالتزام بالسعي لضبط العجز في الميزانية بحلول عام 2013. من جانبه قال مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون التنمية الاقتصادية والنقدية، أولي رين، في المؤتمر الصحافي المشترك، إنه أرسل طلبا الأسبوع الماضي إلى إيطاليا يتعلق بتنفيذ برنامج الإصلاح، وإنه يتوقع أن ترد روما بحلول نهاية الأسبوع.

ومن الأحداث التي لفتت أنظار المراقبين والمتابعين للمحادثات التي جرت في بروكسل، مغادرة وزير الاقتصاد الإيطالي، جوليو تريمونتي، الثلاثاء، مقر اجتماع مجلس وزراء المالية بالاتحاد الأوروبي (إيكوفين)، ليعود إلى روما حتى يحضر عملية تصويت هامة في مجلس النواب قد تحدد مستقبل الحكومة الإيطالية. وكان تريمونتي قد شارك الاثنين في الاجتماع الأول مع 17 وزيرا للمالية في منطقة اليورو، الذي بحث الإجراءات التي تعتزم إيطاليا تبنيها لتقليل الدين، وفقا لما ذكرته وسائل الإعلام. كما حضر وزير الاقتصاد الإيطالي صباح الثلاثاء مأدبة إفطار مع أعضاء الحزب الشعبي الأوروبي، ثم غادر اجتماع وزراء الاقتصاد والمالية، وترك السفير فرديناندو نيلي فروسي ممثلا عن إيطاليا. ويتعين على مجلس النواب في إيطاليا التصويت الثلاثاء على الحساب الختامي لموازنة الدولة لعام 2010.

من جانبها استبعدت وزيرة الاقتصاد الإسبانية، إلينا سالجادو، قيام الاتحاد الأوروبي بفرض غرامة على بلادها نتيجة ارتفاع معدلات البطالة، نظرا لأن مدريد تطبق توصيات المنظمات الدولية لتصحيح هذا الوضع.

وعلى هامش اجتماع وزراء اقتصاد ومالية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، أوضحت سالجادو أنه «من المهم أن نشير إلى أن العقوبات لا تفرض بسبب ارتفاع معدلات البطالة، وإنما لعدم الاكتراث للتوصيات الخاصة بتغير سوق العمل». وأضافت أنه في حالة حدوث عدم توازن في الاقتصاد الكلي لدولة ما، تقوم بروكسل بإصدار عدة توصيات، وفي حالة تجاهل هذه التوصيات من الممكن أن يقوم الاتحاد الأوروبي بفرض غرامة على الدولة لعدم اتباعها.

وأشارت إلى أنه على الرغم من أن إسبانيا تتلقى منذ فترة تعليمات من المنظمات الدولية حول ضرورة تعديل هيكل سوق العمل، فإنها تطبق هذه التوصيات عبر التصديق على «عدة قواعد هامة» من المنتظر أن تؤتي ثمارها في المستقبل.

تأتي تصريحات سالجادو بعد أن أعلنت وزارة العمل الإسبانية، الخميس الماضي، ارتفاع معدلات البطالة في البلاد خلال أكتوبر الماضي، للشهر الثالث على التوالي، ليصل إجمالي عدد العاطلين في البلاد إلى 4.3 مليون شخص، وفي الصدد نفسه حذر وزير الخارجية الدنماركي، فيلي سوفندال، من إمكانية انقسام الاتحاد الأوروبي، حال إقامة هياكل موازية في دول منطقة اليورو، وفي تصريحات نشرتها صحيفة «دير تاجشبيجل»، الثلاثاء، حث سوفندال على التحقق من وجود ضرورة حقيقية لإجراء تعديلات في معاهدات الاتحاد الأوروبي، لفرض رقابة صارمة على الميزانية.

ويرى الوزير الدنماركي أن التعاون بين دول الاتحاد الـ27 ينبغي أن يظل محورا للاهتمام، ومن ثم يجب تجنب أي عمليات استبعاد.

وأضاف: «ندرك أن هناك مسائل ينبغي أن يتم إيضاحها بين دول منطقة اليورو الـ17، ولكن هذا ينبغي ألا يؤدي إلى وضع هياكل موازية داخل الاتحاد الأوروبي».

وينتظر أن تتولى الدنمارك، التي لا تنتمي لمنطقة اليورو، الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في يناير (كانون الثاني) المقبل.