«الإماراتية» تسعى لإصدار صكوك إسلامية لتمويل مشتريات طائرات

بعد إحجام بنوك أوروبا

TT

تتطلع «طيران الإمارات» لسوق التمويل الإسلامي الأكثر مرونة من أجل تمويل مشترياتها من الطائرات مع ابتعاد البنوك الدولية عن صفقات الطائرات بسبب أزمة ديون منطقة اليورو. وقال رئيس «طيران الإمارات» تيم كلارك لـ«رويترز» إن البنوك الأوروبية، خاصة الفرنسية، التي كانت من كبار ممولي صفقات «طيران الإمارات» مع «إيرباص» و«بوينغ» تميل الآن للعزوف عن المجازفة بسبب الأزمة، وأضاف كلارك: «نخطط بشكل ما للحصول على تمويل من بنوك أوروبية.. ولكن الأمر أصعب بعض الشيء الآن. لا يزال بإمكاننا اللجوء لسوق التمويل الإسلامي كما أن خيارات التمويل الأخرى مفتوحة أمامنا دائما». وأضاف أن إصدار صكوك «ليس أمرا مستبعدا». وأحجم كلارك عن التعليق بشأن صفقات تمويل محددة، لكنه قال إن السيولة في سوق القروض أصبحت أقل، وإن البنوك الفرنسية عازفة عن إبرام صفقات جديدة. وقال: «هذا لن يتغير في الأشهر الستة إلى التسعة المقبلة». وفي وقت سابق أمس الثلاثاء ألغى «سوسيتيه جنرال» ثاني أكبر بنك فرنسي مدرج توزيعات أرباح 2011 لتقوية رأس المال مع إعلانه عن تراجع نسبته 31 في المائة في الأرباح الفصلية متأثرا بتكاليف تشمل إسقاط قيمة ديون يونانية. وقال الرئيس التنفيذي للبنك إنه سيخفض تمويل صفقات شراء الطائرات بدرجة كبيرة جدا.

وتنشط «طيران الإمارات» في أسواق تمويل الشركات نظرا لجدولها المزدحم من مشتريات الطائرات. وتسلمت الشركة عشر طائرات جديدة هذا العام ومن المقرر أن تتسلم 13 طائرة أخرى قبل نهاية مارس (آذار) المقبل. وقال رئيس مجلس إدارة الشركة الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم إن هناك فرصة جيدة لقيام الشركة بطلب شراء مزيد من الطائرات خلال معرض دبي الجوي الأسبوع المقبل. لكن كلارك بدا متحفظا في هذا الصدد. وقال: «سنحجز طلبيات إذا كانت لنا حاجة وحصلنا على صفقات جيدة. وإلا فلا».

وأبدت سوق الصكوك متانة نسبية هذا العام رغم عدم الاستقرار في الأسواق المالية العالمية مما زاد صعوبة إصدار سندات تقليدية حتى بالنسبة للشركات عالية التصنيف في أنحاء العالم.

ويرجع هذا جزئيا إلى توافر السيولة لدى مستثمري الأدوات الإسلامية في الخليج إضافة إلى نقص معروض الصكوك وميل مستثمري السندات الإسلامية إلى الاحتفاظ بها لحين استحقاقها مما يقلص فرص حدوث تقلبات كبيرة في أسعار السوق الثانوية نتيجة قيام مضاربي الأجل القصير بتصفية مراكز. وسجل «غولدمان ساكس» برنامج سندات إسلامية بملياري دولار الشهر الماضي في مثال جديد لمقترض تقليدي يتطلع إلى مصادر تمويل إسلامية مع نضوب الأسواق الأخرى. وعادة ما يكون التمويل الإسلامي أغلى من التقليدي. لكن الفجوة بين الاثنين، لا سيما في قطاع الدخل الثابت، قد تقلصت في خضم الاضطراب المالي العالمي على مدار العام الماضي وربما تكون قد تلاشت بالكامل الآن.

كانت «ماجد الفطيم الإماراتية لمراكز التسوق» قد قررت عدم إصدار سندات تقليدية في وقت سابق هذا العام لبواعث قلق بشأن السعر. وفوضت الشركة بنوكا لطرح برنامج صكوك منفصل. وقال قدير لطيف مدير التمويل الإسلامي بمكتب المحاماة «كليفورد تشانس» في دبي إن «طيران الإمارات» استخدمت تسهيلات تمويل إسلامية من قبل، ومن ثم تعلم الشركة كيف يعمل التمويل الإسلامي. لكن تمويل شراء الطائرات تحت الطلب باستخدام الصكوك قد يكون صعبا لأن التمويل الإسلامي، إضافة إلى حظر دفع الفائدة، يمنع المضاربة النقدية الخالصة ويستلزم أن تتعلق الصفقات بأصول ملموسة. وسيكون من الصعب الحصول على موافقة فقهاء التمويل الإسلامي على صكوك تستند إلى أصول لم تتملكها شركة الطيران بعد.

وقال لطيف: «من الأسهل بكثير استخدام الطائرات القائمة لإصدار صكوك تجارية. الأمر ليس مستحيلا بالنسبة للطائرات الجديدة، لكنه أكثر تعقيدا بكثير؛ حيث سيتعين نقل المال من المستثمرين عبر ذراع استثمارية متخصصة إلى الشركة المصنعة، ثم يتم وضع ترتيب إعادة تأجير مع (طيران الإمارات)».

وصدر حتى الآن طرحا صكوك عالميان لشراء طائرات كلاهما كان معززا بطائرات قائمة؛ وهما إصدار بقيمة 500 مليون دولار من «جي اي كابيتال» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2009 وآخر بقيمة 100 مليون دولار من نومورا في يوليو (تموز) 2010.

وأقر كلارك أن شركته - التي حظي إصدار سنداتها التقليدي بقيمة مليار دولار في يونيو (حزيران) بتغطية فاقت المعروض خمس مرات - تستكشف أرضا جديدة في ما يتعلق بالصكوك. وقال: «ستكون أرضا جديدة بالنسبة للتمويل الإسلامي. إن البنوك الإسلامية مترددة بعض الشيء، لكنهم يملكون القدرة بلا ريب».

وتواصل «طيران الإمارات» نموها المطرد رغم أزمة ديون دبي قبل عامين، التي نالت من كثير من الكيانات شبه الحكومية وأجبرت على إعادة هيكلة ديون بمليارات الدولارات. وتتسلم الناقلة الخليجية 190 طائرة بأكثر من 66 مليار دولار على مدى الأعوام القليلة المقبلة من بينها 73 طائرة من الطراز العملاق «إيرباص إيه 380» و41 طائرة «بوينغ 777-300». وتعمل الشركة بالفعل في 57 بلدا ولديها 114 وجهة، وقد دشنت خمس وجهات جديدة هذا العام.

ويثير توسع الناقلة، فضلا عن نمو «طيران الاتحاد» في أبوظبي والخطوط الجوية القطرية، قلق شركات الطيران الأوروبية الأقدم، ويغذي اتهامات متبادلة بالحماية التجارية. وفي العام الماضي فرضت تصريحات لكلارك ضغوطا إضافية على شركات الطيران الأوروبية عندما أعلن خططا لتوسعة أسطوله ليضم 120 طائرة «إيرباص إيه 380».