خرف المحللين

TT

مرت على ذهني ذات يوم قصة زرقاء اليمامة التي كانت حادة البصر وكانت ترى الأعداء على مسيرة ثلاثة أيام، كما تقول الرواية. ذات يوم قالت لقومها إني أرى شجرا يمشي، ضحك قومها وسخروا منها ولم يعيروا الأمر كثير اهتمام وقالوا خرفت زرقاء اليمامة، فباغت الأعداء قومها بعد ثلاثة أيام وأخذوهم على حين غرة.

لا أدري لماذا أتذكر هذه القصة كلما التقيت محللا لسوق الأسهم السعودية.. فمنذ أصبح المؤشر يتذبذب ما بين 6 آلاف و7 آلاف نقطة، ومحللو سوق الأسهم السعودية يقولون السوق جاذبة ويسوقون أسبابا لذلك منها: ارتفاع أسعار النفط، تحسن أرباح الشركات القيادية السعودية، تحسن السيولة عبر الإنفاق الحكومي للأفراد المتمثل بصرف راتب شهرين، وكذلك الإنفاق للمقاولين العاملين مع الحكومة، تدني أسعار الأسهم لتصبح المكررات الربحية بمعدل ستة، تدني فترة الاسترداد مع تحسن الأرباح وتوقع صرف أرباح نقدية عالية، تدني العائد على الاستثمار العقاري بعد ارتفاع أسعار العقار.

ويحتاط المحللون كالعادة من الأوضاع الاقتصادية السيئة في أوروبا، وغير الحسنة في أميركا، على الرغم من انخفاض البطالة، وهو مؤشر جيد، ولا يتجاهلون الحديث عن الأوضاع الإقليمية المتمثلة في الربيع العربي والخوف مما يعقبها. ويخلصون في النهاية إلى أن الاستثمار في سوق الأسهم السعودية منطقي ويجب التشجيع عليه، وعلى الرغم من ذلك كله فالسوق لا تزال تراوح عن مستوى 6000 نقطة، مما يضطر معه متعاملو السوق لإلصاق وصف الخرف بالمحللين، فعلى الرغم من حديث المحللين المنمق والمسند بأسباب اقتصادية مقنعة فالمتعاملون يخسرون. فهل ينطبق عليهم وصف قوم زرقاء اليمامة وتصدق أقوالهم بعد بيع صغار المتعاملين لأسهمهم كالعادة لعدم تحمل صغار المتعاملين لضغط الوقت، ويكون خرف المحللين كخرف الزرقاء؟

* كاتب اقتصادي