نمو قوي في ربحية المصارف الخليجية.. وتراجع في بلدان «الربيع العربي»

التقرير المصرفي العربي يقدر إجمالي أصول البنوك العربية بـ2.5 تريليون دولار

مبنى البنك الأهلي في السعودية
TT

أشارت التقديرات الأولية المجمعة للقطاعات المصرفية العربية التي تضم نحو 430 مصرفا إلى تباين صريح في الأداء المسجل هذا العام بين نمو قوي في دول مجلس التعاون الخليجي، وانخفاض سلبي في دول «الربيع العربي»، وتراجع النمو في قطاعات ناشطة، بينما يبلغ إجمالي الأصول (الموجودات) المجمع لكل القطاعات العربية نحو 2.5 تريليون دولار، تستند إلى قاعدة ودائع تزيد عن 1.3 تريليون دولار، وتعمل بقاعدة رأسمالية تفوق 270 مليار دولار.

وينسجم استمرار تواضع نسب النمو المقدرة هذا العام مع ضعف الأداء الاقتصادي، حيث يقدر أن تسجل المنطقة العربية نسبة نمو أقل من مجمل الدول النامية والصاعدة، وسوف يستمر هذا المنحى خلال عام 2012 كذلك. ومن المتوقع أن يبلغ الحجم الإجمالي للاقتصاد العربي نحو 2.27 تريليون دولار عام 2011، ونحو 2.38 تريليون دولار في 2012. مع الإشارة إلى أن أكبر اقتصاد عربي هو الاقتصاد السعودي الذي يشكل نحو 23% من حجم الاقتصاد العربي.

وتوقع رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور جوزف طربية الذي أذاع أمس التقرير المصرفي العربي السنوي «أن تعاود المصارف العربية انطلاقتها مجددا وتعيد إطلاق برامجها التمويلية والاستثمارية والتوسعية، ولا شك في أن الإمكانات الضخمة التي تمتلكها سوف تلعب دورا مهما في التنمية الاقتصادية للدول العربية. ولكن لا تزال هذه المصارف تواجه استحقاقات كثيرة للأعوام القادمة، وربما من أهمها تفعيل الجهود للخروج بشكل نهائي من تأثيرات الأزمة المالية العالمية، وذلك بالتعاون من المصارف المركزية والحكومات العربية».

واعتبر أن «الصورة ليست قاتمة، رغم أن الثقة بالاقتصادات المالية العربية لم تتم استعادتها بعد، وقد يستلزم هذا وقتا طويلا، مع الإشارة إلى أن أكثر القطاعات الاقتصادية العربية حيازة للثقة هو القطاع المصرفي، فعلى الرغم من الضغوط الكبيرة فإن المصارف العربية لا تزال تعمل بشكل طبيعي، ولا تزال تدعم الاقتصاد، للقطاعين العام والخاص، بمزيد من الأموال لتمكين القطاعات الاقتصادية الأخرى من تخطي آثار الأحداث».

وأظهرت البيانات، وفقا للتقرير، تقدما صريحا للمصارف السعودية مع نمو إجمالي الأصول بنسبة 6.54 في المائة حتى نهاية الفصل الثالث، مقابل نسبة 3.28 في المائة لكامل العام 2010، بينما حققت مصارف دول مجلس التعاون الخليجي (باستثناء البحرين) نتائج مُرضية، حيث زادت أصول المصارف الإماراتية بنسبة 4.14% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، مقابل نسبة نمو 5.78% خلال عام 2010 بأكمله، وسجلت المصارف القطرية نسبة نمو 22.94% مقابل 11.12% خلال الفترة ذاتها، ونمت مصارف الكويت 6.03% خلال ستة أشهر مقابل 1.84%.

كما حققت المصارف المغربية نموا بنسبة 4.58% خلال تسعة أشهر من 2011 مقابل نسبة نمو سلبية (- 2.21%) خلال عام كامل،، 2010.

وتأثرت معدلات نمو مصارف الدول العربية التي شهدت اضطرابات وثورات بنسب متفاوتة، حيث سجلت المصارف البحرينية نسبة نمو سلبية (- 10.84%) خلال ثمانية أشهر من عام 2011 مقابل نسبة نمو 0.18% خلال عام كامل، 2010، وكذلك تراجعت أصول المصارف المصرية بنسبة 2.52% خلال ثمانية أشهر من عام 2011 مقابل نمو إيجابي بنسبة 16.9% خلال عام كامل،، 2010، وتدنت أصول المصارف اليمنية بنسبة 11.31% خلال ثمانية أشهر مقابل نمو إيجابي بنسبة 9.43% خلال عام كامل، 2010، أما المصارف التونسية فلم تتأثر كثيرا بالأحداث، حيث سجلت نسبة نموا بنسبة 8.54% خلال أربعة أشهر من عام 2011 مقابل 4.63% في 2010 بأكمله، بينما سجلت المصارف الخاصة السورية (وفق بيانات مستقلة) تراجعا بنسبة 16% في النصف الأول مقابل نمو بنسبة 6% في العام الماضي.

أما الدول العربية الأخرى التي لم تشهد مثل تلك الأحداث فقد تأثرت مصارفها بشكل متفاوت بالأحداث الجارية من حولها، خصوصا تلك التي لديها ارتباط بالأسواق العربية المضطربة، مثل لبنان (نمت مصارفه بنسبة 7.08% خلال ثمانية أشهر من 2011 مقابل 11.87% خلال عام كامل، 2010)، والأردن (6.19% خلال تسعة أشهر من 2011 مقابل 10.85% خلال عام كامل، 2010)، وسلطنة عمان (5.58% خلال ثمانية أشهر من 2011 مقابل 10.40% خلال عام كامل، 2010)، وفلسطين (2.74% خلال ثمانية أشهر من 2011 مقابل 6.17% خلال عام كامل، 2010)، بينما سجلت المصارف السودانية نسبة نمو سلبية (- 1.73%) خلال ثلاثة أشهر من 2011 مقابل 9.03% خلال عام كامل، 2010.

وأكد طربية أن «معظم المصارف العربية تحتفظ حاليا بنسب رسملة ممتازة تمكنها بشكل فوري من تلبية متطلبات الرسملة وكفاية رأس المال الجديدة التي أصدرتها لجنة بازل (بازل 3). وعليه فإن معظم القطاعات المصرفية العربية بشكل إجمالي، ومعظم المصارف العربية بشكل فردي، جاهزة لتطبيق معايير رأس المال من دون الحاجة إلى زيادة في رؤوس أموالها. لا سيما وأن معدل الرسملة لمعظم القطاعات يفوق الـ10% ومن بينها ثلاث دول تزيد فيها معدلات الرسملة عن 15%.

وقد حققت المصارف العربية المزيد من التطور على الصعيد الدولي، وذلك بدخول 76 مصرفا عربيا في قائمة أكبر ألف مصرف في العالم. وقد بلغت الميزانية المجمعة لهذه المصارف نحو 1.49 تريليون دولار. وقد تضمنت القائمة 15 مصرفا إماراتيا، و10 مصارف سعودية، و8 مصارف بحرينية، و9 مصارف لبنانية، و8 مصارف كويتية، و7 مصارف قطرية، و5 مصارف مصرية، و6 مصارف عُمانية، و3 مصارف أردنية، و3 مصارف مغربية، ومصرفا ليبيا واحدا، ومصرفا عراقيا واحدا.

وبالنسبة لأكبر عشرة مصارف عربية، فقد تصدّر البنك الأهلي التجاري السعودي المصارف العربية بحسب حجم الأصول في عام 2011، التي بلغت 81.86 مليار دولار، تلاه بنك قطر الوطني (76.94 مليار دولار)، ثم بنك الإمارات دبي الوطني (74.08 مليار دولار)، وبنك أبوظبي الوطني (65.94 مليار دولار)، ثم مصرف الراجحي (56.77 مليار دولار)، والبنك الأهلي المصري (52.39 مليار دولار)، ثم مجموعة «سامبا» المالية (50.28 مليار دولار)، ثم بنك أبوظبي التجاري (49.88 مليار دولار)، ثم بنك الكويت الوطني (47.71 مليار دولار)، ثم بنك الرياض (47.34 مليار دولار). وقد بلغ مجموع موجودات هذه المصارف نحو 603 مليارات دولار، وودائعها 419 مليارا، وقروضها 342 مليارا، وحقوق الملكية لديها 77 مليارا، وأرباحها 8.8 مليار. كما تصدر البنك الأهلي السعودي المصارف العشرة بالنسبة للودائع، وبنك الإمارات دبي الوطني بالنسبة للقروض، وبنك قطر الوطني بالنسبة لحقوق الملكية والأرباح.

أما بالنسبة للمصارف الإسلامية العشرة الأكبر فحل في طليعتها من حيث حجم الموجودات مصرف الراجحي (56.77 مليار دولار)، ثم بيت التمويل الكويتي (47.16 مليار دولار)، ثم بنك دبي الإسلامي (25.47 مليار دولار)، ثم مصرف أبوظبي الإسلامي (20.21 مليار دولار)، ثم مجموعة «البركة» المصرفية (16.38 مليار دولار)، ثم مصرف قطر الإسلامي (14.49 مليار دولار)، ثم مصرف الريان القطري (13.42 مليار دولار)، ثم بنك الجزيرة (10.02 مليار دولار)، ثم مصرف الإنماء (9.07 مليار دولار)، ثم البنك الأهلي المتحد (8.56 مليار دولار). وتبلغ الموجودات المجمعة لهذه المصارف العشرة نحو 222 مليار دولار، وودائعها 158 مليارا، وقروضها 134 مليارا، وحقوق الملكية 30 مليارا، وأرباحها 3 مليارات دولار.

اقتصاديا، أشار التقرير إلى أن معظم الدول العربية، وخصوصا الدول التي شهدت ثورات واضطرابات (مصر، سوريا، اليمن، البحرين، ليبيا) وكذلك السودان، سوف تشهد معدلات نمو أقل من العام الماضي. وسوف ينخفض النمو في البحرين من 4.09% في 2010 إلى 1.48% في 2011، وفي مصر من 5.15% إلى 1.22%، وفي اليمن من 8.02% إلى ناقص 2.47%، وفي السودان من 6.5% إلى ناقص 0.22%، وفي سوريا من 3.23% إلى ناقص 2.02%، وفي تونس من 3.05% إلى 0.01%. مع العلم أن الأوضاع المتدهورة في ليبيا تجعل من المستحيل توقع الأوضاع الاقتصادية المستقبلية.

ومن المتوقع أن يشهد عام 2012 ارتدادا إيجابيا لهذه الدول مع عودة الهدوء والاستقرار إليها، حيث يتوقع أن تسجل نسب نمو جيدة، وخصوصا البحرين (3.31%) وتونس (3.93%).

في المقابل سوف تسجل الدول العربية المصدرة للنفط نسب نمو تفوق بشكل واضح تلك المسجلة في عام 2010، مثل العراق (9.65% مقابل 0.84%)، الكويت (5.73% مقابل 3.41%)، سلطنة عمان (4.35% مقابل 4.11%)، قطر (18.75% مقابل 16.64%)، السعودية (6.47% مقابل 4.15%)، والإمارات العربية المتحدة (3.30% مقابل 3.23%)، في حين سوف تسجل الجزائر انخفاضا في النمو من 3.26% عام 2010 إلى 2.86% في عام 2011.

أما الدول العربية المستوردة للنفط، التي لم تشهد اضطرابات، فسوف تسجل نسب نمو متفاوتة بحسب تأثرها بالأوضاع في المنطقة العربية، حيث سيرتفع النمو في جيبوتي من 3.49% إلى 4.82%، وفي الأردن من 2.31% إلى 2.46%، وفي المغرب من 3.7% إلى 4.62%، في حين سينخفض هذا النمو في لبنان بشكل كبير من 7.5% إلى 1.5%، وبشكل ضئيل في موريتانيا من 5.19% إلى 5.11%.

وبشكل إجمالي، سوف تسجل مجموعة الدول العربية المصدرة للنفط (وتضم الجزائر، البحرين، العراق، الكويت، سلطنة عمان، قطر، السعودية، الإمارات العربية المتحدة - باستثناء ليبيا) نسبة نمو بحدود 6.69% خلال العام الحالي، و5.19% خلال العام المقبل، في حين أن مجموعة الدول العربية المستوردة للنفط (وتضم جيبوتي، مصر، الأردن، لبنان، موريتانيا، المغرب، اليمن، السودان، سوريا، تونس) سوف تسجل نسبة نمو 1.5% خلال العام الحالي و4.81% خلال العام المقبل.