أزمة اليورو تهدد عمليات إعادة التمويل في منطقة الخليج

بنوك عالمية سحبت موظفيها.. وأسواق المال الخليجية فقدت 70 مليار دولار

TT

قالت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني، أمس، إن الشركات في دول مجلس التعاون المصدرة لسندات التمويل تواجه مخاطر إعادة تمويل متزايدة خلال السنوات الثلاث المقبلة، بسبب الارتفاع الكبير في حجم سندات الدين التي يحين أجل سدادها بين عامي 2012 و2014. وقالت الوكالة في بيان تسلمته «الشرق الأوسط» إن سندات الدين والصكوك التي سيحين أجل سدادها في عام 2012 سترتفع إلى 25 مليار دولار في العام المقبل، وإلى 35 مليار دولار في عام 2014. وقالت وكالة التصنيف «نعتقد أن المنطقة ستدخل في تحديات تمويل ديون ودورة إعادة تمويل للسندات التي يحين أجل سدادها خلال الأعوام المقبلة». لكن هنالك بعض الدول التي لن تتأثر شركاتها بهذه الدورة مثل السعودية وقطر وإمارة أبوظبي التي تملك فوائض مالية وصناديق سيادية يمكنها بسهولة تغطية الفجوة التمويلية التي ستنشأ من عمليات إعادة التمويل. ويحدث ذلك في وقت تواجه فيه العديد من البنوك العالمية التي كانت تشارك في عمليات تمويل إصدار السندات والصكوك التي تصدرها شركات منطقة الخليج، أزمة مالية.

وفي هذا الصدد، قال مصرفي كبير في لندن لـ«الشرق الأوسط» إن البنوك العالمية وعلى رأسها بعض بنوك الاستثمار الفرنسية والألمانية سحبت خلال الشهور الماضية سيولتها من بعض مراكز المال الخليجية بسبب حاجتها للسيولة في أوروبا. وتواجه البنوك الأوروبية منذ شهور نقصا في الرساميل والسيولة في وقت تجاهد فيه لرفع كفاية رأس المال إلى 9 في المائة لإيفاء شروط «بازل الثالثة» لملاءة رأس المال والنقص الحاد في السيولة. وكانت وكالة «بلومبرغ» الأميركية قد ذكرت الشهر الماضي أن كلا من مصارف «دويتشه بنك» الألماني و«كريدي أغريكول» الفرنسي من بين البنوك التي سحبت موظفيها من دبي، فيما حولت مجموعة «سيتي غروب» المدير الإقليمي للأسهم آدم كيلي من دبي إلى لندن بعد ثلاث سنوات من وجوده هنالك.

وقالت مصادر مصرفية لـ«الشرق الأوسط» إن البنوك العالمية تنسحب من المنطقة بسبب قلة الصفقات الخاصة بإصدارات الأسهم الجديدة وصفقات الاندماج التي كانت رائجة في دبي ومنطقة الخليج، إضافة إلى حاجتها لخفض الإنفاق وزيادة رأس المال. وحسب مؤسسة «فريمان آند كو» للأبحاث التي يوجد مقرها في نيويورك، فإن الرسوم التي كانت تحصلها البنوك العالمية من صفقات الأسهم في منطقة الشرق الأوسط انخفضت من 551.1 مليون دولار في عام 2010، إلى 320 مليون دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي. وسجلت الرسوم التي تحصلها البنوك من صفقات الحيازة والدمج والطرح الأولي حسب أرقام «فريمان آند كو» انخفاضا بمعدل 71 في المائة في الشهور التسعة الأولى من العام الحالي مقارنة بمستوياتها المرتفعة في الفترة نفسها من عام 2008، الذي بلغت فيه 1.1 مليار دولار. لكن في مقابل انسحاب هذه البنوك المذكورة سابقا، هنالك بعض البنوك التي رفعت من معدل وجودها في المنطقة. وقال مصرفيون لـ«الشرق الأوسط» على هامش توقيع صفقة تمويل في لندن إن مصرف «جي بي مورغان» الأميركي رفع من حجم عملياته في السعودية ومنطقة الشرق الأوسط. ويلاحظ أن البنوك الأميركية تملأ الفراغ التمويلي في العمليات الأوروبية منذ بداية العام الحالي الذي ضعف فيه الموقف المالي لبنوك أوروبا.

وعلى صعيد أسواق المال والنقد في الخليج، قال مركز الخليج للأبحاث الذي يوجد مقره في دبي، إن أسواق المال الخليجية خسرت من جراء أزمة اليورو نحو 12 في المائة من قيمتها خلال الأشهر التسعة الماضية من العام الحالي أو نحو 70 مليار دولار. وقال مصرفيون إن تدهور أسعار أسهم الشركات الخليجية سيؤدي إلى نتائج سلبية خلال الأعوام المقبلة، حيث سيقود إلى الحد من قدرتها على جمع تمويلات جديدة عبر الإصدارات الجديدة للتوسع، وكذلك الحصول على تمويل لرفع كفاءتها الإنتاجية. ويلاحظ أن هذا الانخفاض حدث في وقت تعيش فيه اقتصادات دول مجلس التعاون فترة من الانتعاش والنمو وارتفاع أسعار النفط فوق 110 دولارات للبرميل.

وعلى الصعيد النقدي، لاحظ مصرفيون أن أسعار صرف العملات الخليجية استفادت من أزمة اليورو، حيث ارتفعت قيمتها تبعا لارتفاع سعر صرف الدولار مقابل اليورو، وبالتالي أسهم ذلك في خفض فاتورة الواردات من الدول الأوروبية وانعكس إيجابا على ميزان الحساب الجاري.