الشركات الإسبانية تهرب من جحيم اليورو إلى أميركا اللاتينية

ضمن رحلة البحث عن ملاذات آمنة

TT

يرى خبراء أنه في حين تعاني إسبانيا توتر الأسواق المالية عشية الانتخابات التشريعية، أصبحت شركاتها، التي أدركت منذ زمن طويل أن خلاصها يكمن في أميركا اللاتينية، ترى أن تلك المنطقة ليست ملاذا «محصنا» من الأزمة.

واعتبرت أليس غوتيريس، المحللة في مجموعة الاستثمارات الأميركية الجنوبية في فورو لاتيبكس، التي تجمع هذا الأسبوع في مدريد نحو 50 شركة إسبانية وأميركية جنوبية، أن «أميركا اللاتينية تتمتع بمستقبل واعد، على الرغم من أن النمو لن يكون في الوقت الراهن سريعا كما في السنوات الأخيرة». صحيح أنه ليس سريعا بما يكفي، لكنه أفضل بكثير مما هو عليه في أماكن أخرى؛ حيث إن صندوق النقد الدولي يتوقع أن تشهد المنطقة 4% من النمو خلال 2012 مقابل 1.8% في الولايات المتحدة و1.1% في منطقة اليورو، وذلك حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وأكد أليخاندرو فاريلا، من صندوق الاستثمارات «رنتا 4»، أن من بين نقاط القوة «سلامة الحسابات العامة، وتوازن الميزانيات، وقطاعا ماليا ذا حصيلة سليمة ورسملة جيدة».

وفي المنطقة أيضا نقاط قوة تتمثل في نسبة بطالة تميل إلى الانخفاض، بينما ترتفع في إسبانيا حتى بلغت حاليا 21.52%، وهي نسبة قياسية في الدول الصناعية. وكانت نسبة البطالة في المكسيك خلال 2010 تقدر بنحو 5.4% مقابل 9.6% في الولايات المتحدة و9.9% في أوروبا.

وقال فرانك أغوادو مرتينيث، المدير المالي في مجموعة «أنبورسا» المكسيكية: «في الماضي كنا التلاميذ الأغبياء في الماضي، لكننا أصبحنا اليوم التلاميذ النجباء». واتخذت البرازيل المنحى نفسه؛ حيث بلغت النسبة في سبتمبر (أيلول) 6.22% «أدنى نسبة بطالة في تاريخها»، كما قال لويز كارلوس أنجيلوتي، المدير العام لبنك برادسكو، ثاني مصرف خاص في البرازيل.

وأضاف أن إيجاد الوظائف يحفز استهلاك العائلات «وهو المحرك الحقيقي للنمو في بلادنا، على الرغم من الانعكاسات السلبية لما يجري في الاقتصاد العالمي». ولم يستغرب دانيال بينغارون، المحلل في شركة «آي جي ماركتس»، أن تكون أميركا خشبة الخلاص لعدة شركات إسبانية «كبرى شركات إيبكس - 35 (مؤشر بورصة مدريد الأساسية) تستمد أكبر مواردها من خارج إسبانيا».

وأضاف أن مصرفي «سانتاندر» و«بي بي في إيه» و«تليفونيكا» حققت 75% من رقم أعمالها خارج إسبانيا، خصوصا في أميركا اللاتينية، وفي الإجمال فإن «أكثر من نصف (إيبكس) يتطابق مع نشاطات خارج البلاد». واعتبر أن ذلك يبرر أن تكون بورصة مدريد حاليا «أقل تضررا» من الأسواق منها من السندات التي تصدر عن الخزينة. وحذر خورخي أوندا، المسؤول في «بي بي في إيه أسيت مانجمنت» من أن أميركا اللاتينية «قد يطالها الوضع العالمي».

وأضافت أليس غوتيريس أن «المنطقة حاليا جاذبة؛ لأنها تسمح بتنويع المخاطر الجغرافية التي تمثلها الولايات المتحدة وأوروبا، وبالتالي فهي تستقطب حركة مهمة من رؤوس الأموال، لكنها تشكل أيضا خطرا؛ لأن لديها رؤوس أموال مضاربة جدا»، مؤكدة ضرورة عملية انضباط قوية. وقال أليخاندرو فاريلا: «إن أميركا اللاتينية باتت تسير أكثر عصرية من أي وقت مضى»، لكنه حذر من أنها «بطبيعة الحال ليست محصنة إزاء كل ما يجري على الصعيد العالمي». وأضافت كونسويلو بلانكو من «سانتاندر أسيت مانجمنت»: «أثبتنا بطريقة ما أننا قادرون على المقاومة، لكن ما من بلد في أميركا اللاتينية يعتبر واحة» محصنة ضد الأزمة.

وقال فرانك أغوادو مارتينس: «في المكسيك وأمام أزمة استهلاك على الصعيد العالمي، نأمل أن يكون حجم الانعكاسات أقل ما يمكن في الولايات المتحدة التي نعتمد بنسبة 90% عليها من أجل صادراتنا»، محذرا من التضخم المرتفع في المنطقة.

وذكرت كونسيولو بلاكو أن «الاستثمار في أميركا اللاتينية سيكون على الدوام محفوفا بمخاطر» على كل حال، و«لذلك نحن سوق ناشئة».