السعودية تكشف عن نيتها للتحول لمركز عالمي لتصدير معلومات الطاقة

النعيمي يؤكد أن مركز الملك عبد الله للبحوث البترولية سيزيد المخزون المعرفي في صناعة الطاقة

النعيمي يتحدث خلال افتتاح حوار الطاقة نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يوم أمس في الرياض (تصوير: خالد الخميس وأحمد المصري)
TT

في خطوة لتعزيز حضورها في أسواق الطاقة العالمية أعلنت السعودية أمس عن تحولها إلى مركز لمعلومات الطاقة العالمية، وذلك من خلال انطلاق مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية، الذي سيعمل على التركيز على تطوير قدرات المملكة التحليلية المحلية، وزيادة المخزون المعرفي حول القوى المؤثرة والمحفزة في مجال صناعة الطاقة على الصعيدين المحلي والدولي.

وقال المهندس علي النعيمي، وزير البترول والثروة المعدنية، إن بلاده كانت تتلقى دراسات الطاقة وتحليلاتها إلى حد كبير، بدلا من أن تكون مصدرا لها، وأضاف: «على مدى سنوات طويلة استثمرنا الكثير من أجل زيادة طاقتنا الإنتاجية والمساهمة في تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة، ولكن ينبغي علينا اليوم التركيز على تطوير قدراتنا التحليلية المحلية وزيادة المخزون المعرفي حول المؤثرة والمحفزة في مجال صناعة الطاقة على الصعيدين المحلي والدولي».

وشدد المهندس النعيمي على أن يوم أمس شهد انطلاق مؤسسة بحثية قوية قادرة على وضع تقييم دقيق لقطاعي الطاقة المحلي والعالمي والمساهمة في وجهات نظر ومعلومات مفيدة في حوار الطاقة، مثل قدرة النفط الخام على المساهمة على الصعيد العالمي وإمكانية انتشار مصادر الطاقة المتجددة وتأثير التقنيات الجديدة على أسواق الطاقة.

وكان النعيمي يتحدث في افتتاح حوار الطاقة الذي دشنه نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تحت عنوان «شراكة من أجل مستقبل مستدام»، الذي ينظمه مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية والذي انطلق يوم أمس في العاصمة السعودية الرياض ويستمر ثلاثة أيام.

وقال وزير البترول السعودي «إن مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية سيبقى مؤسسة تتمتع بالاستقلالية التامة من النواحي القانونية والإدارية والمالية لتكون أساس نجاح المركز في المستقبل»، داعيا الجميع إلى مساندة المركز وجهوده في مجالات الطاقة والاقتصاد والبيئة فضلا عن جمع البيانات وتحليلها، والأخذ بزمام المبادرة والمشاركة الفعالة في نشاطات المركز التطويرية لما فيه من خير للمملكة بشكل خاص وللعالم أجمع.

وأوضح وزير البترول والثروة المعدنية أن تدشين نشاطات مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية يمثل خطوة مهمة للأمام بالنسبة للمملكة، ويبعث برسالة واضحة على قدرة المملكة على إنتاج الأبحاث العلمية التي تتسم بالاستقلالية ذات المستوى العالمي حول المسائل الحيوية المتعلقة بالطاقة والتزام المملكة بأن تكون شريكا فعالا ومهما في مناقشة قضايا الطاقة العالمية.

وأكد النعيمي أن خادم الحرمين الشريفين أدرك بحكمته أن تقدم الشعب السعودي ورخاءه المستقبلي وقدرته على المشاركة على الساحة العالمية تتطلب تبني رؤية جديدة وجريئة، حيث يتعين على الدول الناجحة أن تتسم بالتنوع في اقتصاداتها وثقافاتها ومعارفها ليس فقط باعتبارها دولا مستهلكة، وإنما كدول منتجة ونشطة، والاحتفاظ بصدارة الدول المنتجة للطاقة في العالم لا يكفي لضمان هذا النجاح المستقبلي، بل لا بد أن تسعى المملكة جاهدة لإيجاد اقتصاد قائم على المعرفة مدعوما بقدرات شعبها وطاقاته، وهذا الأمر سيسعى المركز للمساهمة في تحقيقه.

ولفت إلى أن مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية يمثل بالنسبة للسعودية لبنة مهمة في مسيرة التطور العلمي والفكري، ويتم اليوم بناء مؤسسات علمية جديدة تكمِّل منظومة المملكة التعليمية المتميزة بهدف الاستزادة من شتى ألوان المعرفة في جميع المجالات العلمية حول مسائل مثل الطاقة والبيئة، ومنها تأسيس جامعة مرموقة هي جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وابتعاث أكثر من 130 ألف طالب سعودي وطالبة من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي للدراسة في مختلف أنحاء العالم، وإنفاق استثمارات كبيرة في التعليم على جميع المستويات، وزيادة التمويل المتاح للأبحاث في الجامعات، ومراكز الأبحاث الوطنية بصورة كبيرة.

وأشار المهندس النعيمي إلى أن مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية جزء أساسي من مبادرة أوسع تهدف إلى إيجاد مراكز علمية ذات مستوى عالمي في المملكة، وهو التزام جاد على المدى البعيد سيستفيد منه هذا الجيل والأجيال المقبلة، في إطار سعي الحكومة الرشيدة لتحقيق مستقبل ينعم فيه الشعب السعودي بالسلم والرخاء والتطور.

وقال «نعتقد بضرورة ملء الفراغ الكبير في مجال أبحاث الطاقة ووضع سياستها من خلال مركز عالمي المستوى يتناول قضايا الطاقة من منظور كبار منتجي الطاقة ومستهلكيها في آن واحد، وسيكون هذا المركز معدا بصورة فريدة من نوعها ليس فقط لدراسة قطاع الطاقة السعودي وإيجاد فهم متعمق لتوجهات إنتاج الطاقة واستهلاكها في المملكة، بل ولاستقرار أسواق الطاقة ومن ثم استقرار الاقتصاد العالمي».

وأكد أن النظر للتغيرات التي يشهدها العالم اليوم، يدرك الجميع مدى ارتباط الدول واعتماد بعضها على بعض بالإضافة إلى ضرورة توفر رؤى وأفكار جديدة، حيث يوجد الكثير من العوامل التي تؤثر على الاتجاه العالمي العام، كالأزمة الاقتصادية التي عانى منها العالم مؤخرا، وتحول القوة الاقتصادية باتجاه قارة آسيا، والتطورات السياسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتذبذبات المستمرة في أسعار السلع الأساسية، والمخاوف المتعلقة بالتغير المناخي.

وزاد: «فرغم أن هذه العوامل تعيد تشكيل النظام العالمي، فإن كيفية استجابة كل دولة لهذه التغيرات هي التي ستحدد بدرجة كبيرة ما إذا كانت هذه الدولة ستحقق النجاح أم ستتخلف عن ركب الاقتصاد العالمي خلال القرن الحادي والعشرين. وهذه التطورات – بطبيعة الحال - تفرز تحديات غير اعتيادية لمنتجي الطاقة عموما، ولقطاع الطاقة في المملكة على وجه الخصوص».

وشدد على أن مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية سيتناول هذه المسائل بصورة تتماشى مع البنية الاستراتيجية لقطاع الطاقة في المملكة، والإيمان الراسخ بأن استقرار إمدادات الطاقة والأعمال المرتبطة بها يعد أمرا ضروريا للتنمية الاقتصادية، ليس للمملكة فحسب وإنما للعالم أجمع.

وتابع «هدفنا هو تقديم إسهامات كبيرة في مجال المعرفة والتحليل الاستراتيجي المتعلق بأسواق الطاقة من أجل أن يتمكن واضعو السياسات في المملكة وخارجها من توظيف تلك المعارف لمواجهة تحديات الطاقة المستقبلية».

من جهته قال خليل الشافعي، الرئيس المكلف لمركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث والطاقة البترولية السعودي، إن الطلب العالمي على الطاقة يزداد بشكل سريع في ظل التضخم السكاني المتزايد، والذي بلغ 7 مليارات نسمة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، علاوة على النمو الاقتصادي السريع في الأسواق الناشئة، في حين أبان أنه وفقا لتوقعات الطاقة العالمية لعام 2010 الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية، من المتوقع أن يزداد الطلب العالمي على الطاقة بنسبة 36 في المائة بين عامي 2008 و2035، أي بمعدل يبلغ 1.2 في المائة سنويا.

وتابع «تشهد السعودية أيضا زيادة في الطلب على الطاقة، فبحلول عام 2035، قد يصل معدل استهلاك المملكة من الطاقة، بما في ذلك الزيت والغاز وسوائل الغاز الطبيعي، إلى ما يعادل 8 ملايين برميل من الزيت المكافئ يوميا، افتراضا أن الوضع الحالي يستمر كما هو من غير تغيير، وتقضي الحاجة بالقيام باستثمارات ضخمة في مختلف قطاعات أعمال الطاقة المحلية المضيفة للقيمة لتلبية هذا الطلب، بدءا من إنتاج الزيت الخام والغاز وصولا إلى توليد الكهرباء وتوزيعها».

وبين أنه في عام 2009 كانت الطاقة المتجددة تمثل 10 في المائة من مزيج الطاقة الأولية العالمية وفقا لإدارة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة، ومن المؤكد أن هذا الرقم سيرتفع.

وأشار إلى أن مركز الملك عبد الله للدراسات سوف يسهم في تطوير قاعدة معلومات متكاملة حول دوافع الطلب على الطاقة وإيجاد منظور وطني متكامل بشأن قضايا الطاقة، وإيجاد الحلول وتطوير القدرات لمعالجة هذه المسائل، مشيرا إلى أنه في ما يتعلق بسوق الطاقة الدولية سيسهم المركز في إيجاد الشفافية بالنسبة للمملكة في ما يتعلق بتحركات وتوجهات أسواق الطاقة، ودعم المملكة في وضع مبادرات الطاقة الدولية الخاصة.

وذكر الشافعي أن المركز يقوم بإعداد خطط لمشاريع تهدف إلى دراسة تدفق الطاقة في المملكة، وكيفية تأثير قوانين البناء على كفاءة الطاقة، واقتصاديات الطاقة في إنتاج المياه وتوزيعها، وإلى أي مدى يؤثر تغير هيكل الصناعة في المملكة على إنتاجية الطاقة.

وتطرق الشافعي إلى ن المركز يعكف على وضع إطار عمل لاستخلاص الكربون وتخزينه في المملكة، وقد أصدر المركز أبحاثه المتعلقة باستخلاص الكربون وتخزينه في كتاب يشرح الأساليب السائدة للحد من انبعاثات الكربون، ويضم دراسات من شتى بقاع العالم.