رئيس التشيك: أوروبا تسير في طريق مسدود وينقصها خط العودة

خطة المفوضية الأوروبية لتحقيق الإنعاش الاقتصادي تثير التساؤلات

TT

بعد ساعات من طرح المفوضية الأوروبية لخطة تهدف إلى تحقيق الإنعاش الاقتصادي، أصاب الشلل التام البرتغال بسبب الاحتجاجات والإضرابات ضد خطط تقشفية طرحتها حكومة يمين الوسط، وفي براغ، قال رئيس التشيك إن أوروبا تسير في طريق مسدود وينقصها طريق العودة، وجاء ذلك خلال طرحه لكتاب يحمل عنوان «التكامل الأوروبي من دون أوهام». وتتضمن خطة المفوضية الأوروبية تبني تشريعين بهدف تشديد عمليات المراقبة الاقتصادية والمالية في منطقة اليورو بالإضافة إلى ورقة خضراء تتعلق بإصدار سندات لتحقيق الاستقرار داخل منطقة اليورو. ويوجه «مسح النمو السنوي» رسالة رئيسية بضرورة بذل المزيد من الجهود لوضع أوروبا على المسار الصحيح والحفاظ على النمو والوظائف في مواجهة تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

ففي بروكسل، قدمت المفوضية الأوروبية مجموعة اقتراحات في إطار جهودها للتعامل مع الأزمة الاقتصادية التي تواجه أوروبا. ووضع الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، خطة مفصلة تهدف إلى تسريع جهودها من أجل الإنعاش الاقتصادي من خلال حزمة تتألف من 4 عناصر سيتم تفعيلها خلال العام المقبل، 2012، في إطار «مسح النمو السنوي» الذي يحدد الأولويات الاقتصادية للسنة المقبلة. كما يهدف التشريعان إلى تعزيز التنسيق ومراقبة العمليات المتعلقة بالميزانية لجميع أعضاء منطقة اليورو التي تضم 17 دولة، لا سيما تلك التي تعاني عجزا مفرطا في الميزانية، من جانبه قدم الرئيس التشيكي فاكلاف كلاوس كتابه الجديد «التكامل الأوروبي من دون أوهام» الذي أكد فيه أن الاتحاد الأوروبي يوجد في طريق مسدود. وذكر كلاوس عند تقديم الكتاب في براغ «نوجد في طريق مسدود وينقصنا فقط طريق العودة، لأنه عبر طريق مسدود لا توجد إمكانية للتقدم». وأوضح أنه من الضروري «التحرر من السلطة الأبوية للرفاهية وتعزيز دور الدول». وقال «تهمني فقط أوروبا وكوننا داخلها، وليس الاتحاد الأوروبي. ما يهمني إذا كان ما يحدث يفيدنا أو يضرنا»، مضيفا أن أوروبا «موحدة ومتوافقة آيديولوجيا». وحول أزمة الديون الحالية، اعتبر كلاوس أنه يوجد فقط سبيلان ممكنان يكمنان في العودة إلى البداية أو المضي قدما نحو الاتحاد المالي.

وفي البرتغال، عرفت البلاد إضرابا عاما، احتجاجا على الإجراءات التقشفية التي اتخذتها حكومة يمين الوسط. وتعتمد النقابات التي جعلت من القلق الاجتماعي شعارا للتظاهر على التعبئة الواسعة ومشاركة القطاعين العام والخاص. وبسبب الإضراب أصيب بالشلل قطاع النقل العام والرحلات التجارية وقطاعات التربية والتعليم والصحة والثقافة. ونقلت وسائل إعلام أوروبية عن مواطنين برتغاليين قولهم: «الترويكا هي من تقرر، والحكومة تطبق ما تقول، ليس لدينا أية سلطة، لا أدري إلى ما ستؤول إليه الأوضاع، أشعر بأننا لن نحقق نصرا بمستوى نصر ثورة القرنفل». ويقول آخر له رأي مخالف: «الوضع في اليونان بدأ بإضراب واحد، وشهدنا إضرابات بمعدل اثنين في الأسبوع. لكن الوضع لم يتغير، ما سيساعد البرتغاليين هو العمل وليس الإضراب». وبحسب الكثير من المراقبين الأوروبيين: «البرتغاليون متذمرون من الموازنة التي أقرها البرلمان والتي تتضمن عدة إجراءات تقشفية صارمة وتطال أقسى إجراءاتها الموظفين بالدرجة الأولى مثل إلغاء الشهرين الثالث عشر والرابع عشر من رواتب الموظفين والمتقاعدين كما تعتمد النقابات على مشاركة الشباب في المظاهرات الاحتجاجية والذين يعانون من تفاقم مشكلة البطالة». وقد ساهمت الأزمة الاقتصادية في تسريح مئات العمال وتدهور وضع بعض العائلات والتي باتت تتردد على الجمعيات الخيرية للحصول على وجبات الطعام. وبررت الحكومة هذه الإجراءات مؤكدة أنها لا تملك سبيلا آخر لإعادة ضبط ماليتها في بيئة اقتصادية غير مشجعة على الإطلاق وفي حين تخشى البرتغال تداعيات الأزمة في منطقة اليورو. ويكمن أحد أبرز أهداف الحكومة لهذا العام في خفض العجز في الموازنة إلى 5.9 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي هذا العام و4.5 في المائة العام المقبل. ويحدث ذلك فيما ارتفعت مؤشرات الأسهم الأوروبية بمنتصف التعاملات الأوروبية الخميس بعد البيانات الاقتصادية التي أكدت ارتفاع مستويات الثقة في ألمانيا خلال الشهر الماضي بأفضل من التوقعات والقراءة السابقة، وبعد بيانات النمو في ألمانيا وبريطانيا خلال الربع الثالث والتي جاءت مماثلة لتوقعات الأسواق. وبحسب التقارير الإعلامية الأوروبية، دعمت الأسهم الأوروبية بارتفاع مؤشر مناخ الأعمال خلال الشهر الحالي بوتيرة أفضل من التوقعات والقراءة السابقة، ومسجلة أعلى مستويات منذ 5 أشهر متحدية تفاقم أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو، وهذا بدعم مباشر من بقاء معدلات البطالة في البلاد حول أدنى مستويات منذ عامين. وحاولت الأسهم الأوروبية أمس الخميس تغطية الخسائر الفادحة التي سجلتها على مر الخمسة أيام الماضية مع تجدد المخاوف في الأسواق المالية من أزمة الديون التي باتت تهدد اقتصاديات عملاقة في منطقة اليورو، فهنالك الكثير من التحذيرات لفرنسا لاحتمالية تخفيض تصنيفها الائتماني الممتاز، وهذا ينطبق على المنطقة كاملة بل على الاقتصاديات العالمية على رأسها الولايات المتحدة واليابان. وتجاهلت الأسهم الأوروبية قيام وكالة فيتش، أمس بتخفيض التصنيف الائتماني للديون السيادية في البرتغال لمستويات +BB مقارنة بالقراءة السابقة –BBB، وبهذا أصبحت السندات البرتغالية دون المستويات المقبولة «المعدمة»، وضعت الشركة التوقعات المستقبلية في المناطق السلبية، وجاء هذا التخفيض بعد الانكماش الذي أصاب البلاد مما يضع مهمة تخفيض العجز في الميزانية العامة أصعب وهذا ما سوف يؤثر سلبيا على مستويات السيولة لدى البنوك. ولقيت الأسهم الدعم بعد أن بقيت قراءات النمو في ألمانيا وبريطانيا عند المستويات السابقة خلال الربع ما قبل الأخير من العام الحالي بعد أن شهدت مستويات النمو تباطؤا ملحوظا في بريطانيا.