البورصة تخالف التوقعات وتواصل الصعود لثاني جلسة على التوالي

رغم خفض «ستاندرد آند بورز» التصنيف الائتماني لمصر

TT

خفضت مؤسسة «ستاندرد آند بورز» أمس، تصنيفها الائتماني لمصر للديون السيادية طويلة الأجل بالعملة الأجنبية والمحلية من «BB -» إلى «B+»، وجاء في البيان الذي نشر بالأمس، في موقع المؤسسة تأكيد المؤسسة على تصنيفها للديون قصيرة الأجل عند «B» مع نظرة مستقبلية سلبية.

وجاء أيضا في البيان: «أنه تم تخفيض التصنيف الائتماني لمصر بسبب الصورة الاقتصادية والسياسية الضعيفة لمصر نتيجة الأحداث الدامية الأخيرة في ميدان التحرير، التي أسفرت عن وقوع عشرات القتلى والجرحى»، لكن البيان قال إن: «تقييم المؤسسة لأداء مصر ومرونتها لم يتغير».

ونوهت المؤسسة بإشارتها مسبقا في الشهر الماضي إلى وجود إمكانية لإعادة تخفيض التصنيف الائتماني لمصر خلال عام 2011 إذا تعثرت العملية الانتقالية السياسية، مما قد يدفع بمزيد من اضطرابات سياسية أخرى، وبالتالي يكون هناك ضغط أكبر على احتياطي النقد الأجنبي ليسجل 22.07 مليار دولار بعد أن وصل إلى 36 مليار دولار خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي.

وأشار البيان إلى أن السياسات الذي اتبعها المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الحاكم في مصر)، التي أدت إلى تصعيد أعمال العنف في ميدان التحرير، أضعفت التوقعات لانتقال سلمي للسلطة والتحول نحو الديمقراطية، مشيرا إلى أن نظرة المؤسسة السلبية بخصوص مصر تأتي بسبب سياسات الحكومة أو المجلس العسكري، وهي ما تعتقد المؤسسة أنه قد يزيد من ضعف قدرة مصر على تمويل متطلبات الاستدانة الحكومية واحتياجات مصر من الخارج.

وكانت مصر قد تقدمت لصندوق النقد الدولي للتفاوض لقبول العرض الذي تقدم به الصندوق في شهر مايو (أيار) الماضي بإقراض مصر مبلغ 3.2 مليار دولار بفائدة 1.5 في المائة يبدأ سدادها بعد 3 سنوات و3 أشهر وتسدد على 5 سنوات، ورفضه المجلس الأعلى للقوات المسلحة بسبب مطالب الثوار بوقف الاقتراض الخارجي، الذي تسبب في تفاقم ديون مصر، وقال الدكتور حازم الببلاوي، وزير المالية في حكومة الدكتور عصام شرف المستقيلة، إن القرض يهدف لكبح جماح الدين الداخلي بعد أن تخطى التريليون جنيه (166 مليار دولار)، وبلغ حجم الديون الخارجية المستحقة على مصر نحو 34.9 مليار دولار خلال العام المالي الحالي الذي يبدأ في أول يوليو (تموز)، ويذكر أن معدل الاقتراض الخارجي في مصر أقل من النسب العالمية، ولا يمثل سوى 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبذلك لا تمتنع المؤسسات المالية الدولية من إقراض مصر دون اللجوء إلى استخدام شروط مجحفة.

وفي تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط»، صرح أندرياس باور، الخبير في صندوق النقد الدولي على خلفية تخفيض «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني في وقت سابق هذا العام، بأن «شركات التصنيف عبارة عن مؤسسات خاصة ولها معايير محددة، ولنا نحن أيضا معايير في نظرتنا للتعاون مع الدول لا تأخذ في اعتبارها التصنيفات الائتمانية التي تقوم بها تلك المؤسسات».

وفي هذا الشأن، يرى الدكتور أحمد غنيم، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن تخفيض مؤسسة «ستاندرد آند بورز» لن يؤثر على سعي مصر في الحصول على القرض من صندوق النقد الدولي، وقال غنيم لـ«الشرق الأوسط»: «مسألة انخفاض التصنيف الائتماني ناتجة عن نظرة المؤسسة للمخاطر الموجودة على الاقتصاد المصري، التي تسببت فيها الأحداث السياسية المضطربة الأخيرة».

ويضيف غنيم: «أما بالنسبة لصندوق النقد الدولي فهو مؤسسة غير هادفة للربح، وبالتالي تسعى لإصلاح الأوضاع السياسية».

وقفزت تكلفة تأمين الديون المصرية لأجل خمس سنوات من العجز عن السداد 18 نقطة أساس إلى 560 نقطة مسجلة أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2009، وفق ما ذكرته مؤسسة ماركت، وبلغ العائد على السندات الحكومية المقومة بالدولار 6.6184 في المائة ارتفاعا من 5.93 في المائة قبل أسبوع.

وعلى الرغم من استمرار اضطراب الأوضاع السياسة بميدان التحرير وتخفيض التصنيف الائتماني لمصر، فإن أداء البورصة المصرية خالف التوقعات لليوم الثاني على التوالي، وارتفع المؤشر الرئيسي للبورصة «EGX 30» بنسبة 1.69 في المائة، واستردت البورصة 8 مليارات جنيه (1.3 مليار دولار) خلال الجلستين الأخيرتين في الأسبوع المنقضي، ووصل رأس المال السوقي إلى 298 مليار جنيه (49.6 مليار دولار).

وأغلق المؤشر الرئيسي عند 3780 نقطة بعد التداول على 52 ألف ورقة مالية بقيمة إجمالية بلغت 251 مليون جنيه (41.8 مليون دولار)، كما ارتفع مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة «EGX70» بنسبة 2.48 في المائة ليقف عند 418 نقطة.

واتجه أداء المستثمرين المصريين نحو الشراء، وبلغ صافي مشترياتهم 12.2 مليون جنيه (ملياري دولار)، أيضا بلغ صافي مشتريات المستثمرين العرب نحو 1.9 مليون جنيه (316 ألف دولار)، بينما استمرت تعاملات المستثمرين الأجانب نحو البيع، فبلغ صافي مبيعاتهم نحو 14 مليار جنيه (2.3 مليون دولار).

ويرى المحلل المالي الدكتور مصطفى بدرة أن تخفيض التصنيف الائتماني لمصر سيؤثر على سوق الأوراق المالية، وقال بدرة لـ«الشرق الأوسط»: «توقع خبراء المال والاقتصاد في مصر حدوث انخفاض في التقييم، وذلك لأننا في مصر لدينا من السلبيات الاقتصادية ما يؤثر على تصنيفنا، ولكن ذلك الحدث يدل على أن هذه المؤسسات تستخدم تصنيفات سياسية وليست مالية، وذلك على خلفية الاضطرابات التي يشهدها ميدان التحرير، على الرغم من أن الولايات المتحدة شهدت اشتباكات مماثلة في «وول ستريت»، ومع ذلك لم تخفض «ستاندرد آند بورز» من تصنيفها الائتماني لها.

ويبرر المحلل المالي وائل النحاس ارتفاع قيمة سعر صرف الدولار الأميركي أمام الجنيه المصري، بسبب إعادة تسعير بعض الأسهم في السوق، وأوضح النحاس لـ«الشرق الأوسط»: «أننا وصلنا إلى أحد الأسعار المستهدفة للأسهم عند نقطة المقاومة 3700، فالاتجاه العام لأسعار الأسهم في هبوط، إلى جانب خطاب المشير محمد حسين طنطاوي بوضع جدول زمني لانتقال سلمي للسلطة طمأن المستثمرين، وبالتالي عادت السيولة التي كانت خرجت من السوق».