السعودية تجدد توجهها لزيادة تمويل المعرفة وتحقيق الاقتصاد المعرفي

وزير الاقتصاد يؤكد أن استراتيجية بلاده تستهدف امتلاك المعرفة الخاصة بالتقنيات المتقدمة في 2025

تسعى السعودية إلى المضي نحو الاقتصاد المعرفي إضافة إلى توطين التقنيات المتقدمة («الشرق الأوسط»)
TT

أوضح مسؤول سعودي في قطاع الاقتصاد والتخطيط بأن استراتيجية بلاده التي تتبناها إلى أن تصل إلى 2025 ترتكز على أهداف وسياسات تسعى من خلالها إلى امتلاك المعرفة، خصوصا في مجالات التقنيات المتقدمة، معتبرا إياها أحد التوجهات التي تنصب نحو تعزيز مقومات المجتمع في المملكة.

وقال خالد القصيبي وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي إن التقنيات المتقدمة إحدى السمات في الوقت الراهن التي أصبحت تساهم كأحد المحددات الأساسية للنمو، منوها بدورها في استخدامات الطاقة الذرية والمتجددة في مجالات الصناعة وتوليد الكهرباء وتحلية المياه والمحافظة على البيئة والتقنيات الحيوية في المجال الطبي والصيدلي والزراعي، واستخدامات التقنيات المتناهية الصغر (النانو) في المجالات الصناعية والهندسية.

وأوضح أهمية حرص بلاده على تحقيق تقدم ملموس على صعيد تنويع القاعدة الاقتصادية، ثم تكثيف الجهود نحو استقطاب الصناعات العالية للتقنية، إضافة إلى التوسع بها، والعمل على تطوير الصناعات التي تعتمد على الميزات النسبية للسعودية، وتشمل الصناعات التي تتمتع بميزات تنافسية. وتطرق وزير الاقتصاد والتخطيط إلى أن من الأهداف المحددة التي اعتمدتها الخطة التاسعة نحو تحقيق التوجه القائم على نشر المعرفة، تحقيق زيادة تمويل البحث والتطوير للتوصل إلى مستوى 2% من الناتج المحلي بحلول عام 2024.

أتى ذلك خلال كلمته التي ألقاها في منتدى التقنيات المتقدمة، الذي تجري فعالياته في العاصمة السعودية الرياض، وسط حضور لفيف من علماء وباحثين عالميين، والذي تنظمه مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية على مدار 3 أيام.

وشدد القصيبي على أن النظريات الاقتصادية الحديثة أثبتت أن التقنيات قد أصبحت أحد أهم عوامل النمو والازدهار الاقتصادي، بينما أبان بأنه من الملاحظ على المستوى العالمي أن نسبة الصادرات القائمة على التقنيات المتقدمة ارتفعت من نحو 15 في المائة في السبعينات من القرن الماضي وصولا إلى 30 في المائة في الوقت الراهن.

من جانبه قال الدكتور إبراهيم السويل رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية خلال كلمته الافتتاحية لأعمال المنتدى إن المدينة تعمل في المرحلة الحالية على تقييم الخطة الخمسية الأولى التي تنتهي بنهاية عام 2011، كاشفا عن أحد أهم المؤشرات في ما يتعلق بالنشر العلمي، حيث نما النشر العلمي في المملكة خلال الفترة ما بين 2007 إلى 2010 بما نسبة 217 في المائة، مقارنة ببعض الدول مثل الصين التي بلغ نموها في هذا المجال 155 في المائة، وإيران 184 في المائة، وتركيا 144 في المائة. وأشار الدكتور محمد السويل إلى أن نسبة الاقتباس من النشر العلمي للمملكة قد بلغت على المستوى العالمي 5.1 في المائة، بينما بلغت النسبة في الصين 5.4 في المائة، وتركيا 4.91 في المائة، وقد بلغ عدد الأوراق العلمية في المملكة عام 2007 نحو 2.500 ورقة لتتضاعف كميتها في عام 2010 إلى أكثر من 5 آلاف ورقة علمية.

وقال رئيس المدينة إن الخطة الخمسية الموسعة للعلوم والتقنية والابتكار عام 2015 تستهدف الوصول بالمملكة إلى طليعة الدول في المنطقة، كما تستهدف بحلول عام 2020، وهو نهاية الخطة الخمسية الثالثة،، أن تكون المملكة في طليعة الدول الآسيوية في العلوم والتقنية والابتكار، وبعدها تصل البلاد في نهاية عام 2025 إلى مجتمع واقتصاد قائم على المعرفة، وسط منظومة وطنية للابتكار تنافس عالميا.

وأشاد رئيس المدينة بالجهود التي تبذلها الحكومة في سبيل التحول إلى مجتمع علمي تقني يحرص على نمو المعرفة، وتمثل ذلك في تضاعف عدد الجامعات وتوسع انتشارها وتميزها على الصعيد العالمي، ومن ذلك إنشاء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وكذلك جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، ومعهد الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية، كما تم إقرار الخطة الوطنية للعلوم والتقنية والابتكار التي جاءت من عمل جماعي بين المدينة ووزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة المالية وعدة جهات.

وفي تصريحات أعقبت الحفل، قال السويل إن منتدى التقنيات المتقدمة هو الثاني ضمن الخطة الاستراتيجية التي تشملها خطة الوطنية للعلوم والابتكار، وهو يصادف قرب الانتهاء من المرحلة الأولى، التي تشمل أربع مراحل، حيث تبلغ المدة الزمنية لكل مرحلة 5 أعوام. وبيّن السويل خلال حديثه أمام رجال الإعلام والصحافة أن المؤتمر الحالي يكسب وزنا خاصا، إذ مع انتهاء المرحلة الأولى يجب الوقوف والمراجعة والنظر في الوعود التي تمت، وما الطرق التي تمت من أجلها.

وبيّن رئيس المدينة أن المؤتمر سوف يستعرض جميع التقنيات الاستراتيجية ضمن الخطة، التي تبدأ بالمياه، ثم البترول، والغاز، وتقنيات النانو، والمعلومات، والطاقة، وغيرها، وبما مجموعه 15 تقنية، وتابع: «المرحلة حينما انتهت كانت لبناء بنية تحتية للعلوم والتقنية والابتكار في البلاد، والمؤشرات التي تم دراستها وظهرت إلى الآن مبشرة، فالنشر العلمي تضاعف من عام 2007 إلى الآن بنسبة 217 في المائة، وهذه نسبة عالية جدا وقد تكون الأعلى في العالم، والاقتباس من النشرات العلمية في المملكة على مستوى العالم نسبته عالية جدا، وهناك مؤشرات أخرى سوف نعمل على تقييمها وسوف تنشر بشكل دراسة لنفهم ما تحقق في المرحلة الأولى».

وأشار إلى أن ما تبقى من الخطة الوطنية للتقنية والابتكار تقارب 15 عاما، على أن لكل مرحلة لها أهدافها، وعن الأهمية قال السويل: «المدينة تريد اطلاع العالم، والقطاع الأكاديمي في المملكة، على إنجازات الخطة الوطنية، والاستفادة من آرائهم، ونقدهم على ما تم، وإن هدف الخطة هو توطين التقنيات في السعودية في المجالات التي تهم الشأن في البلاد، على أن تكون الأولوية للمياه والبترول والغاز، وتمتد إلى الـ15 عاما المقبلة».

وعن المعوقات التي قد تواجهها المدنية في سعيها ضمن الخطة الوطنية قال السويل: «المعوقات تواجه جميع المنشآت، وفي المملكة سُهلت كثير من الأمور، والدعم المالي تطور بشكل جيد، والتفاعل مع مؤسسات الدولة جيد، والتفاعل مع المؤسسات العالمية، وقد يكون المعوق هو انتقاء الطاقات البشرية الوطنية والاحتفاظ بهم، والآن السوق فيها منافسة عالية على الطاقات البشرية، وجزء من المعوقات أننا إذا وجدنا طاقات بشرية متميزة، ولدينا منها الكثير، قد نجد منافسة السوق تغري بعضهم، ولكن هذه المعوقات التي تواجه جميع المؤسسات نسعى لحلها والتعامل معها». وزاد: «الاستقطاب نجد به صعوبة، وذلك لوجود المنافسة فيما تتطلبه المدينة، والمؤسسات التعليمية الأخرى في البلاد، والمؤسسات الاقتصادية الكبيرة، ولكن رغم من الصعوبة نجد شبابا سعوديا متميزين، وهي فيها نحو 3 آلاف، نسبة السعوديين منهم 96 في المائة».

إلى ذلك، قال الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد آل سعود نائب رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لمعاهد البحوث خلال حديثه لرجال الصحافة، إن المنتدى يعقد كل عام لنقاش ما يستجد من خطط العلوم والتقنية في المنطقة وفي العالم، على أن تتم مراجعة ما تم تحقيقه من خلال خطة العلوم والابتكار في المملكة.

وبيّن الأمير تركي أن الخطة الوطنية تتضمن ورش عمل لـ15 تقنية ومجالا استراتيجيا، تدعها الخطة لتحديث الأولويات البحثية والاتفاق مع الباحثين في المملكة، وبوجود مختصين عالميين.

وأشار نائب الرئيس لشؤون المعاهد إلى أن «هناك مؤشرات تفيد بدعم الخطة الوطنية لنشر البحث العلمي، وفي السابق كنا نشاهد المشاريع التي تدعم بشكل سنوي تقارب 10 إلى 15 مشروعا، والآن تدعم المملكة أكثر من 500 مشروع في السنة، وتزداد كل عام».

وتطرق الأمير تركي إلى أن التأثيرات التي تنتجها تلك المشاريع ليست محدودة، وقال: «هذه البحوث سوف يستفاد منها في بناء اقتصاد قائم على المعرفة، وإنشاء شركات تقنية في السعودية تعمد على التقنية المحلية، والمبالغ للخطة معتمدة، والمشاريع والتوجهات معروفة، وهذا يضمن الاستمرارية والدعم الكافي، وتحريك النشاط البحثي سواء في المراكز البحثية في المدينة أو في الجامعات». وبيّن خلال تصريحاته أن الخطة الأولى رصد لها 8 مليارات ريال (2.1 مليار دولار)، على أن تبدأ الخطة الأولى الموسعة العام المقبل، وأشار إلى أنها قد تصل إلى ضعف هذا الرقم، وقال: «يعتمد في ذلك على المشاريع التي سوف تقدم، والدعم متوفر أكثر من الطلب، ولم تصرف 8 مليارات ريال (2.1 مليار دولار) كاملة لأنه لم يكن هناك العدد الكافي من البحوث والمشاريع التي يمكن اعتمادها، لأنه يحتاج إلى بناء القاعدة العلمية بشكل يسمح بازدياد العدد والكفاءة والنوعية التي سوف تدعم، وهناك زيادة ضخمة من نحو 10 أبحاث، وصولا إلى المستويات الحالية، 500 بحث تدعم في السنة، على أن الذي يقدم أكثر من ألف بحث في العام».

وتطرق إلى أن القياس يتم بما يقدم، وقال: «نسبة ملائمة البحوث التي قدمت نحو 50 في المائة، وهناك نصف البحوث التي لا تدعم، وذلك لأنها لا ترتقي إلى النوعية المطلوبة، وهذا يعتبر المعدل الطبيعي في كثير من الدول المتقدمة، فالنسبة تنخفض حتى 20 في المائة».