أميركا: تدافع غير مسبوق على المتاجر خلال نهاية الأسبوع

منذ بداية الركود الاقتصادي

زاد عدد زائري المتاجر خلال عطلة عيد الشكر بنسبة 6.6 في المائة مقارنة بالعام الماضي (أ.ب)
TT

أخرج المتسوقون في أميركا حافظات نقودهم خلال عطلة نهاية الأسبوع الحالي مدفوعين بحملات ترويجية قام بها تجار تجزئة على نحو لم نشهده منذ بداية الركود الاقتصادي، حيث وصلت المبيعات إلى مستويات مرتفعة. وصرح الاتحاد القومي لتجارة التجزئة يوم الأحد بأن حجم الإنفاق زاد بنسبة 9.1 في المائة لكل متسوق خلال العام الماضي، ليصل إلى نحو 499 دولارا للعميل، وهي أكبر زيادة منذ عام 2006. وزاد عدد زائري المتاجر خلال عطلة عيد الشكر بنسبة 6.6 في المائة مقارنة بالعام الماضي. وقال إلين ديفيس، نائب رئيس الاتحاد القومي لتجارة التجزئة: «لقد التقط المستهلكون الأميركيون نفسا عميقًا ورأوا أن العودة للتسوق مرة أخرى أمر جيد» رغم معدل البطالة المرتفع والمؤشرات الأخرى التي تبعث على الحرص. وبحسب إحصاءات «شوبر تراك»، التي تعمل في مجال خدمة أبحاث المستهلك، شهدت مبيعات المتاجر يوم الجمعة ارتفاعًا بنسبة 6.6 في المائة مقارنة بجمعة عيد الشكر العام الماضي ووصلت بذلك إلى 11.4 مليار دولار. هناك مؤشرات تدل على عدم استمرار زيادة المبيعات، حيث قال محللون إن الحركة في المتاجر بدت بطيئة خلال نهاية الأسبوع، مما يشير إلى أن البداية القوية لموسم العطلات قد تضعف بمرور الوقت. وكان معدل استخدام المتسوقين للبطاقات الائتمانية مرتفعًا على حد قول محللين وأصحاب مراكز تسوق في إشارة إلى رغبة المستهلكين في التضحية بمدخراتهم أكثر من العام الماضي، عندما كانوا يدفعون نقدا أكثر مما يستخدمون البطاقات. وتقول مارغريت تيلور، نائبة رئيس «موديز إنفيستورز سيرفيس» وكبيرة مسؤولي الائتمان بالمؤسسة: «الأمر يتعلق بالعاطفة بالنسبة للمستهلكين، فربما يشعرون بحاجتهم إلى الكريسماس العام الحالي. وربما يشعرون برغبة في الاقتراض». وقال مارك فينتر، أحد خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو سكيوريتيز» في بيان لعملاء إنه يتوقع أن «ينفق المستهلكون من مدخراتهم» أو «يعتمدون على الاقتراض بنحو أكبر» خلال عطلات الأعياد. واتفق تجاز التجزئة مع هذا الطرح إلى حد بعيد، حيث صرح الاتحاد القومي لتجارة التجزئة بأن إجمالي حجم الإنفاق الذي يشمل حجم المبيعات عن طريق الإنترنت قد وصل إلى نحو 52.4 مليار دولار في الفترة من الخميس إلى الأحد. ونحو 35 في المائة من إجمالي الإنفاق تم عن طريق الإنترنت وهي نسبة أعلى من العام الماضي بحسب قول الاتحاد فيما يعد مؤشرا على نجاح محاولات تجار التجزئة على الإنترنت في جذب مرتادي المتاجر. وأشار بيل مارتن، مؤسس «شوبار تراك»، إلى أن اليوم التالي لعيد الشكر، والذي عادة ما يشهد أكبر حجم مبيعات، «يوم من 60 يوما في موسم الأعياد». وقال: «ما نعرفه هو أنه بدون بداية قوية للموسم، سيكون من الصعب أن يكون موسما جيدا». بالنظر إلى ميزانية العملاء، يحاول كبار تجار التجزئة العودة إلى مدّ ساعات عمل المتاجر إلى منتصف الليل خلال عيد الشكر أو قبله. ويبدو أن هذا قد آتى ثماره، حيث جذب عددا أكبر من المتسوقين ومنحهم ساعات إضافية للإنفاق يوم الجمعة. ونحو ربع الأشخاص الذين ذهبوا للتسوق يوم الجمعة بعد عيد الشكر كانوا في المتاجر في منتصف الليل يوم الخميس على حد تصريح الاتحاد. وكانت النسبة بين المتسوقين الذين تراوحت أعمارهم بين 18 و34 عامًا، أعلى بمقدار 36.7 في المائة مقارنة بنسبة المتسوقين الذين تراوحت أعمارهم بين 35 و54 عامًا، حيث كان 23.5 في المائة منهم في المتاجر في منتصف الليل. وقالت ديفيس: «كان الهدف من زيادة ساعات العمل خلال يوم الجمعة السابق لعيد الشكر وليلة عيد الشكر الحصول على المزيد من أموال العملاء». وأضافت أن الأبحاث أوضحت اتجاه العملاء إلى إنفاق الكثير في أول متجر يدخلونه. ورغم أن الساعات الإضافية ساعدت في زيادة المبيعات، يقول بعض المحللين إنه ربما لا يعبر ذلك عن حركة تسوق قوية خلال نهاية الأسبوع.

وقال أليسون جاتلو ليفي، مخطط استراتيجي في تجارة التجزئة في شركة «كورت سلامون»: «نرى أن الجمعة التي تسبق عيد الشكر شهدت ازدهارًا، ثم فقدت بعض قوتها». واتسم يوم السبت بالزخم على ما يبدو، لكنه لم يكن مثل يوم الجمعة السابق لعيد الشكر. وعند منتصف الليل في «ماكيز هيرالد سكوير» في عيد الشكر، كان يصطف 9 آلاف عميل مقارنة بـ7 آلاف العام الماضي. وبدا أن أكثرهم من الشباب، حيث قال كثيرون منهم إنهم قد أتوا للاستمتاع بالمشهد في ذلك الوقت المتأخر من الليل لا بحثًا عن عروض أو تخفيضات.

كان كيستر ريتشارد، البالغ من العمر 18 عامًا، في مقدمة الصف وقال إنه ينتظر منذ أربع ساعات. وأوضح أنه معتاد على التسوق في متجر «ماكيز» ويبحث عن ملابس رالف لورين، لكنه لم يقم بذلك يوم الجمعة السابق لعيد الشكر من قبل. وقال كل من كيون باي وإن جونغ تشوي، وهما طالبان من كوريا الجنوبية يبلغان من العمر 21 عامًا ويدرسان في ولاية نيويورك، إنهما سمعا عن هذا الحدث وأرادا مشاهدته. وقال باي: «أحب هذا الجو. إنه مكان مشهور»، لكنه أضاف بعد ذلك أنه لا يشعر بحماس، حيث هزّ كتفيه عندما سُئل عما إذا كان عثر على أي عروض جيدة، وبدا عليه الإرهاق أكثر مما بدت عليه الحماسة. ربما ساهم مدّ ساعات العمل في بعض المتاجر إلى منتصف الليل في ارتفاع عدد الرجال على نحو غير معتاد، حيث فاق عدد الرجال عدد النساء خلال عطلة نهاية الأسبوع وأنفقوا أكثر بحسب الاتحاد. وقالت ديفيس: «لا يحب الرجال الاستيقاظ في الرابعة صباحًا من أجل الحصول على عرض شراء جيد، لكنهم سيذهبون في وقت متأخر من الليل. ويركز الرجال على الميزانية ويحبون فكرة البحث عن عروض شراء جيدة». اختارت المتاجر التي تبيع لعملاء ذوي مستويات مختلفة من الدخول اتباع طرق مختلفة يوم الجمعة، حيث فتحت متاجر أبوابها لمحدودي ومتوسطي الدخل بعروض لفترة محدودة، بينما أخرت المتاجر الفخمة مواعيد بدء العمل بساعة أو اثنتين. وقال مارتين إن المبيعات «كانت جيدة بالنسبة لكثير من متاجر التجزئة». بحسب الاتحاد، كانت المتاجر متعددة الأقسام وتلك التي قدمت تخفيضات من المقاصد المفضلة خلال عطلة نهاية الأسبوع وتلتها المتاجر الإلكترونية. وبدا أن المتسوقين الذين كانوا يتجولون بين المتاجر مساء الخميس ويوم الجمعة يحاولون عدم تجاوز الميزانية المحددة وهو ما جعلهم يتوجهون نحو بعض المتاجر. كانت أماندا بونس، البالغة من العمر 40 عامًا، تبحث عن بغيتها في وسط شيكاغو وهو جهاز ألعاب «إكس بوكس» لابنتها ذات الثمانية أعوام. وقالت إن التوفير أمر ضروري هذا العام، حيث وجدت تخفيضا على سعر الجهاز من 199.99 إلى 139.99 دولار، مشيرة إلى عزمها شراء القليل من الهدايا. وأضافت: «لقد مررنا بوقت عصيب بسبب رغبتنا في الحفاظ على طريقة حياتنا». وأوضحت ممارسة زوجها، الذي يعمل مستشار تسويق، لعمل آخر إضافي. وقالت: «نحن نركز على ما تريده ابنتنا أكثر من شراء الكثير من الهدايا. سنشتري الأشياء التي تحتاج إليها فقط والتي سوف تلعب بها». في فرع لمتجر «جيه سي بيني» في رانشو كوكامونغا في ولاية كاليفورنيا، لم تكن ماريا أغويلار تشتري هدايا، بل جاءت بحثًا عن عروض على آنية القهوة وصواني الخبز. وقالت ماريا البالغة من العمر 45 عامًا وتعمل مساعدة معلم من نوركو بكاليفورنيا: «نحن نعمل على ضغط النفقات»، مشيرة إلى أن عائلتها تشتري العام الحالي هدايا للأطفال فقط.

* أساهم كل من ريبيكا فيرلي راني وستيفن ياكينو في إعداد هذا التقرير

*خدمة «نيويورك تايمز»