مسؤول بالجيش المصري يتوقع تراجعا كبيرا في احتياطي النقد الأجنبي بعد شهرين

لوح بقرب رفع الدعم عن الطاقة

TT

قال محمد نصر، رئيس هيئة الشؤون المالية للقوات المسلحة، إن الاحتياطيات الأجنبية لمصر ستنحدر إلى 15 مليار دولار بنهاية يناير (كانون الثاني) وإن عجز الميزانية سيرتفع بدرجة أكبر، الأمر الذي قد يستلزم مراجعة دعم البنزين ومواد أخرى.

وأضاف نصر في بيان صحافي أن الاحتياطيات الأجنبية البالغة حاليا 22 مليار دولار ستتراجع بنهاية يناير المقبل إلى 15 مليار دولار.

وقال نصر إن 10 مليارات دولار فقط من الاحتياطيات ستكون متاحة نظرا لوجود مستحقات قائمة قدرها 5 مليارات دولار تتعلق بمدفوعات إلى مستثمرين أجانب والتزامات أخرى.

واعتبر أحمد آدم الخبير المصرفي ما قاله المسؤول العسكري صحيحا بدرجة كبيرة، فلا توجد خطة من قبل الحكومة ولا «المركزي» لتفادي الانهيار النقدي من الاحتياطي على مدار الشهور الماضية التي أعقبت الثورة وفقدت على أثرها 14 مليار دولار.

وأضاف آدم أن جزءا كبيرا من هدر الاحتياطي يتمثل في السماح للأجانب بالمضاربة في البورصة والاستثمار في أدوات الدين قصيرة الأجل (أذون الخزانة) وهو ما أخذ جزءا كبيرا من الاحتياطي طوال الشهور الماضية، حيث لا تعمل الحكومة على تلبية من تحتاج إليه من موارد إلا من خلال تلك الآلية.

ويصل الاقتصاد المصري إلى حالة الخطر في حالة عدم تغطية الاحتياطي لأكثر من 3 أشهر ورادات سلعية، وتبلغ بالنسبة لمصر نحو 13 مليار دولار.

ولا يتيح ذلك التراجع مجالا كبيرا للحركة في مواجهة أزمة عملة تلوح في الأفق ووسط تتصاعد في سعر صرف الجنيه المصري مقارنة بالدولار والذي واصل ارتفاعه الأسبوع الحالي متجاوزا الست جنيهات.

وتسدد مصر نحو 700 مليون دولار كل 6 أشهر لنادي باريس، مع ديون مستحقة قصيرة الأجل للمستثمرين الأجانب مما يستحقون فوائد استثماراتهم في أذون الخزانة، حيث كان آخر طرح لها منذ ثلاثة أيام بقيمة ملياري دولار تم تغطية 1.5 مليار منها.

وللتغلب على تلك العقبة اقترح آدم تغيير القيادات الحالية بالبنك المركزي، بقيادات أخرى تتفهم طبيعة المرحلة ولديها القدرة على اتخاذ قرارات تصحح الأوضاع، بالإضافة إلى رفع رؤوس أموال البنوك في مصر مما يوفر عوائد تساعد في إصلاح الخلل النقدي، مع ترشيد في الواردات.

ويعتبر الإعلان عن قيمة الاحتياطي حقا أصيلا للبنك المركزي، الذي اعترض قياداته قبل شهور عن إعلان وزير المالية الأسبق سمير رضوان عنه قبل الإعلان عن قيمته بشكل رسمي.

وباعت الحكومة المصرية ممثلة في وزارة المالية الثلاثاء الماضي، أذون خزانة مقومة بالدولار الأميركي لأجل عام بقيمة 1.53 مليار دولار من إجمالي ملياري دولار طلبت شراءها. وبلغ متوسط عائد تلك الأذون وفقا للبنك المركزي الذي ينيب عن المالية في الطرح نحو 3.87 في المائة، في خطوة وصفها الخبراء بأنها تشير إلى احتياج البلاد بشدة إلى النقد الأجنبي إما لسداد ديونها، أو لتوفير سيولة لاستيراد سلع استراتيجية.

ويعد هذا الطرح الدولاري داخل البلاد هو الأول في تاريخ البلاد منذ اعتماد الحكومة على تدبير ما تحتاج إليه من أموال من خلال عمليات طرح لأذون الخزانة بالجنيه.

وتعاني مصر حاليا من عجز في السيولة، وصرح وزير المالية المصري في الحكومة المستقيلة الدكتور حازم الببلاوي أن بلاده تحتاج إلى سيولة عاجلة، وهو ما اضطره إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي لإجراء محادثات للحصول على قرض بقيمة 3.2 مليار دولار، إلا أن مصير تلك المحادثات غير معلومة، بعد استقالة الحكومة.

ويصل عجز الموازنة خلال العام المالي الحالي للدولة إلى 134 مليار جنيه، وقالت الحكومة إن خطتها في سد هذا العجز من خلال الاستدانة من الداخل عن طريق طرح أذون خزانة بقيمة 120 مليار جنيه، فيما تعتمد على سد باقي عجز الموازنة البالغ 14 مليار جنيه من منح ومساعدات خارجية.

واعتبر الخبير المصرفي أحمد سليم أن تلك الخطوة تزيد من خطورة الدين، فإصدار أذون خزانة بالدولار يحولها إلى دين خارجي، ويجعل قيمة تلك السندات متوقفة على سعر الدولار الذي ارتفع خلال الفترة الماضية بشكل كبير أمام العملة المحلية.

وأضاف سليم أنه منذ الاعتماد على تلك الآلية في 1991 لم يتم طرحها بالعملة الأجنبية، ما يشير إلى احتياج دولاري من قبل الدولة لتدبير مستلزمات أساسية ملحة، وسط تراجع كبير من الاحتياطي النقدي الأجنبي، الذي فقد نحو 14 مليار دولار منذ ثورة «25 يناير» ليصل إلى 22 مليار دولار في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ومن المتوقع أن تستخدم الدولة قيمة الطرح الذي تم الثلاثاء الماضي في سداد مستحقات عليها بالدولار قد حل سداها وتخشى من خطورة أن تأخذها من الاحتياطي.

وحسب سليم، فالبنوك الـ15 المشاركة في نظام المتعاملين الرئيسيين حصلت على النصيب الأكبر من قيمة تلك الأذون.

كانت السياسات المالية المصرية تستهدف منذ التسعينات تقليص حجم اعتمادها على الاستدانة من الخارج والتوسع في الدين المحلي، إلا أن وزير المالية الأسبق (الهارب حاليا) يوسف بطرس غالي، طرح في الأشهر الأخيرة لحكم نظام الرئيس السابق حسني مبارك، سندات دولارية خارجية لآجال 10 أعوام بفائدة 5.75 في المائة و30 عاما وبسعر فائدة 6.875 في المائة وتمت تغطية تلك السندات 6 مرات في الأسواق الأميركية والأوروبية، قبل أن تتجه الحكومة إلى طرح أذون خزانة مقومة بالدولار لأول مرة منذ نحو 20 عاما.