وزير البترول السعودي يكشف عن وجود كميات تجارية للغاز في 3 مناطق

مسؤول خليجي يتوقع متوسط التضخم في دول التعاون بحدود 4.2% في 2012

سجل منتدى «الخليج والعالم» الذي اختتم أعماله أمس حضورا لافتا من المشاركين العالميين («الشرق الأوسط»)
TT

كشف المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية السعودي عن وجود كميات من الغاز في منطقة البحر الأحمر (غرب السعودية)، إضافة إلى وجود ذات الكميات في منطقة الشمال من البلاد، وفي الربع الخالي وسط المملكة، في وقت أشار فيه إلى أن اكتشاف تلك الكميات لا يعني استغلالها تجاريا، بقدر معرفة الثروات المتوفرة في المملكة.

وتابع النعيمي في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه مستشاره إبراهيم المهنا أن دول منطقة الخليج تؤثر على بقية العالم، وفي هذا العالم المتغير فإن المنافسة بين الدول تزداد يوما بعد آخر، بحيث ساهمت المنافسة، والعولمة، وتطلعات شعوب العالم نحو حياة أفضل، في تحقيق نمو اقتصادي عالمي متميز، خلال العقود الثلاثة الماضية.

وألقيت الكلمة في مؤتمر الخليج والعالم الذي اختتمت أعماله أمس في العاصمة السعودية الرياض، والتي تحدث خلالها حول آفاق مستقبل الطاقة والاقتصاد العالمي.

وأكد أن منطقة الخليج غنية بالمصادر الأحفورية للطاقة، التي تشمل الفحم، والبترول، والغاز، التي مدَّت العالم بحاجته من الطاقة خلال الأعوام المائتين الماضية، ومن المتوقع أن تستمر في إمداده خلال الأعوام المائة القادمة، بل أبعد من ذلك.

وزاد: «عند الحديث عن السوق والصناعة البترولية، لا بد من الإشارة إلى بعض العوامل الرئيسية التي تؤثر عليها وتتأثر بها، ولعل أول هذه العوامل هو النمو الاقتصادي، حيث يوجد ارتباط وثيق بين مستوى النمو الاقتصادي من ناحية، والطلب على الطاقة والبترول من ناحية أخرى، وقد بدأ هذا الارتباط بالضعف خلال الأعوام الخمسة والعشرين الماضية في الدول الصناعية المتقدمة، إلا أنه قوي وبشكل واضح في الدول ذات الاقتصاديات الناشئة».

وأضاف: «هذا يقودنا إلى العامل الثاني، الذي يتم تجاهله أحيانا، أو ربطه بالعامل الأول، والمتمثل في مستوى الرفاه والرخاء الاجتماعي، من حيث الاختلافات بين مجتمعات الدول النامية، ومجتمعات الدول الصناعية، التي يتمتع المواطنون فيها بمستويات جيدة من الدخل، إلا أن حاجاتهم إلى كميات إضافية من الطاقة تعتبر محدودة، حتى وإن ارتفع دخلهم، أو ارتفع النمو الاقتصادي في بلدانهم».

وقال: «في الجانب الآخر، فإن شعوب الدول النامية، عندما يتحسن مستوى معيشتهم، تتطلع إلى المزيد من استخدام الطاقة، وهذا يشمل حاجاتهم الأساسية للسكن، والتعليم، والصحة، والكهرباء، والماء، والتكييف، والتدفئة، والمواصلات، وغيرها. فكلما ارتفع دخل الفرد زاد استخدامه للطاقة بوتيرة أعلى أحيانا من النمو الاقتصادي في بلده، مما يولِّد طلبا متزايدا على جميع مصادر الطاقة بما فيها البترول».

وتطرق وزير البترول السعودي إلى القول إن العامل الثالث يتمثل في السياسات الحكومية المتعلقة بالاستهلاك، فالدول الصناعية خلال الأعوام الثلاثين الماضية استطاعت وبشكل واضح تقييد استهلاك الطاقة بشكل عام، والبترول بشكل خاص، من خلال سياسات حكومية تشمل الضرائب العالية على البترول، وإعانات المصادر الأخرى للطاقة، وكفاءة وأنظمة وتقنية استخدام الطاقة. ونتيجة لهذا انخفض استهلاك البترول في أغلب الدول الأوروبية وفي اليابان سنة بعد أخرى، حتى عند حصول نمو في اقتصاداتها.

وتابع: «العامل الرابع هو التطورات التقنية، سواء في عمليات الاستهلاك أو عمليات الإنتاج، فالدور النسبي للتطورات التكنولوجية في عمليات الاستهلاك ما زال محدودا، وإن كان يبشر بمستقبل أفضل، أما دور التكنولوجيا في تطوير إنتاج الوقود الأحفوري، وجعله أكثر ملاءمة لمتطلبات البيئة، فهو دور مهم وسيكون أكثر أهمية في المستقبل».

وأكد أنه بسبب التطور التكنولوجي تم زيادة معدل استخراج البترول من مكامنه في بعض الدول، من 30 في المائة إلى 50 في المائة خلال 30 عاما فقط، بل وصل هذا المعدل في بعض الحقول إلى أكثر من 70 في المائة، مما ساهم، إضافة إلى الاستكشافات الجديدة، في زيادة الاحتياطي العالمي القابل للإنتاج من 667 بليون برميل عام 1980 إلى 1.4 تريليون برميل عام 2010، علما بأن الإنتاج المتراكم بلغ 760 بليون برميل خلال هذه الفترة، كما تم استخراج البترول والغاز من مكامن يصعب استخراجه منها في السابق.

وشدد وزير البترول على أن من العوامل المؤثرة في السوق والصناعة البترولية، والذي يعتبر من أهمها، هو أسعار البترول. فكما تعلمون، فإن مستوى أسعار البترول يؤثر على كل مراحل عمليات استكشاف وإنتاج واستهلاك البترول والطاقة، كما يؤثر على تنافسية المصادر الأخرى للطاقة وتطويرها مثل الطاقة الشمسية، والرياح، والوقود العضوي، وغيرها.

وزاد: «لا شك أن أسعار البترول المناسبة خلال الأعوام العشرة الماضية، وتوقعات استمرارها، هي العامل الرئيسي في تطوير الاستثمار في الزيت الرملي في كندا، والبترول الثقيل في فنزويلا، والبترول الموجود تحت أعماق المحيطات، وما تحت مناطق طبقات الملح في البرازيل، والغاز الصخري في الولايات المتحدة. كما ساهمت هذه الأسعار في تقليص الزيادة في الطلب العالمي على البترول، مقارنة بما كان متوقعا في السابق».

وتحدث المهندس علي النعيمي عن أن العوامل المؤثرة على الصناعة البترولية المرتبطة بسياسة السعودية البترولية، مرتبطة بالدرجة الأولى بمصالح المملكة، الآنية والمستقبلية، فالمملكة تمتلك نحو 20 في المائة من احتياطيات البترول العالمية المعروفة، وتنتج أكثر من عشرة ملايين برميل يوميا من البترول الخام وسوائل مكثفات الغاز.

وزاد: «يشكل البترول السعودي نحو 18 في المائة من إجمالي تجارة البترول عالميا. كما أن للمملكة دورا عالميا، ليس فقط في مجالات الاحتياط، والإنتاج، وتجارة البترول، بل كذلك في التكرير، والتسويق، والاستثمارات الخارجية، والمنتجات البتروكيماوية، والخدمات البترولية، كما بدأت المملكة التركيز على الصناعات الثانوية المرتبطة بالبترول والغاز، والتركيز كذلك على دراسات وأبحاث الطاقة».

وعرج على السياسة البترولية الدولية للمملكة، فإن أهدافها واضحة، وهي مستقرة ومبنية على الاعتدال، وسوف تستمر كذلك في العقود القادمة، وهي أهداف مرتبط بعضها مع بعض، ولا يمكن فصلها. وتابع: «الهدف الأول أن تكون السياسة البترولية متفقة مع السياسة العامة للمملكة، تتماشى معها وتخدمها. والسياسة العامة للمملكة، كما تعلمون، هدفها تحقيق مصالح المملكة وتعزيز دورها الإقليمي والعالمي، والتعاون مع كل الدول، وتدعيم السلم والاستقرار السياسي العالمي، والإقليمي، والنمو الاقتصادي، والاهتمام بالعلاقات والتعاون الثنائي، وبالذات مع الدول العربية، والإسلامية، والدول النامية، أما الهدف الثاني فهو استقرار السوق البترولية، من خلال الاستثمار في جميع مراحلها، استكشافا، وإنتاجا، وتكريرا، وتسويقا، وتوفير الطاقة الإنتاجية الفائضة المناسبة، لمواجهة أي نقص في الإمدادات، أو زيادة غير متوقعة في الطلب».

وأشار المهندس النعيمي إلى التعاون مع الدول المنتجة والمصدرة للبترول، وبالذات دول الأوبك، من أجل تحقيق الاستقرار في السوق من حيث توازن الإمدادات مع الطلب، واستقرار الأسعار، «وقد نجحنا كمجموعة في تحقيق هذا الهدف خلال الأعوام الخمسين الماضية، وسوف ننجح في تحقيقه خلال السنوات والعقود المقبلة».

كما تطرق وزير البترول إلى التعاون مع الدول المستهلكة للبترول، ومعرفة سياساتها وحاجاتها البترولية، والتنسيق معها، خصوصا في وقت الأزمات البترولية، بينما أشار إلى أن المملكة توجه إلى حاجات الدول النامية وقضاياها اهتماما خاصا، ومن هنا جاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، للقضاء على فقر الطاقة، التي أطلقها خلال مؤتمر جدة في عام 2008، والتي تهدف إلى تعاون الدول الغنية، والدول المنتجة للطاقة، والمؤسسات التنموية العالمية، من أجل توفير الطاقة بأسعار مناسبة للمجتمعات الفقيرة.

وزاد: «فإن السعودية سوف تستمر في الإنتاج حسب متطلبات السوق، وحسب طلبات وحاجات عملائها، من الشركات العالمية المختلفة، مع مراعاة أوضاع السوق البترولية العالمية من حيث العرض والطلب، ووضع المخزون التجاري، ومن خلال العمل والتنسيق التام مع منظمة الأوبك».

وأضاف: «هناك جانب آخر وهام في السياسة البترولية السعودية، هو الاهتمام بالبيئة وحمايتها، والعمل على أن يكون البترول متوافقا مع المتطلبات البيئية المختلفة، ومن منطلق أن البترول سوف يستمر كمصدر أساسي للطاقة والرخاء خلال هذا القرن، فنحن نشارك بفاعلية في المؤتمرات الدولية. ونحن أعضاء فاعلون في الكثير من المنتديات والتجمعات الحكومية والصناعية والعلمية الخاصة بالبيئة. كما أننا نقوم منفردين بالكثير من المشاريع الموجهة لحماية البيئة، ومكافحة الاحتباس الحراري، مثل تجميع وحقن ثاني أكسيد الكربون المنبعث من الصناعة البترولية، حيث تعتبر المملكة رائدة في هذا المجال، كما أننا نعمل من أجل التوسع في استخدام الطاقة الشمسية، وفي كل الأنشطة، بما في ذلك الأنشطة البترولية».

وأشاد النعيمي بالدور الذي تقوم به جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، التي تركز على الأبحاث العلمية التطبيقية، ذات المستوى العالمي المتميز. فمن ضمن برامجها العلمية التسعة يوجد برنامجان لهما ارتباط مباشر بالطاقة والبيئة. الأول إجراء دراسات تطبيقية متقدمة في توليد وتخزين ونقل الطاقة الشمسية لجعلها مصدرا مهمّا ومنافسا لتوليد الطاقة. أما الثاني فهو إنتاج الوقود الحيوي بكميات تجارية وبأسعار مناسبة من مزارع صناعية للطحالب في البحر الأحمر».

وتحدث النعيمي عن السياسات البترولية بالقول: «من ناحية استكشاف الإمكانيات والثروات من البترول والغاز في المملكة، فإننا مستمرون فيها، وهذا لا يعني الإنتاج الفوري من الحقول الجديدة المكتشفة، كما اكتشفنا أنواعا من البترول الثقيل، والغاز غير التقليدي، في مناطق مختلفة من المملكة. وسوف نستمر في هذه الاستكشافات، إلا أنني أود أن أوضح، مرة ثانية، أن الهدف النهائي من الاستكشافات الجديدة ليس استخراج البترول حاليا، بل هو معرفة الإمكانات الموجودة في المملكة من أجل الأجيال القادمة. وسيتم استغلالها حسب الحاجات التجارية، التي قد تختلف من منطقة إلى أخرى، ومن فترة إلى أخرى».