ملياردير أميركي: ما يزعجني طريقة التحدث عن ضرائب الأثرياء لا المبدأ

في خطاب وجهه للرئيس أوباما

ليون كوبرمان («نيويورك تايمز»)
TT

يقول ليون كوبرمان، أحد قدامى «وول ستريت» البالغ من العمر 68 عاما، إنه يؤيد زيادة الضرائب على الأثرياء، وإنه سيسعده منح المال للضمان الاجتماعي. وأعطى ليون صوته عام 2000 للمرشح الديمقراطي آل غور. ويرى أنه من السخافة التعامل الخاص مع مكاسب المستثمرين ومديري الأسهم الخاصة وصناديق التحوط. وأكد تعاطفه مع محتجي حركة «وول ستريت» على الأقل إلى حد ما.

مع ذلك، يشن كوبرمان، الثري الذي عمل لخمسة وعشرين عاما في مصرف «غولدمان ساكس» في عقدي السبعينات والثمانينات قبل أن يدشن صندوق التحوط الخاص به «أوميغا أدفايزرز»، الذي جعله يجني أرباحا قدرها 1.8 مليار دولار، حملة ضد الرئيس أوباما، فقد أوضح الأسبوع الماضي في خطاب مفتوح موجه للرئيس أوباما، تم تداوله على نطاق واسع على عناوين البريد الإلكتروني لـ«وول ستريت» والشركات الأميركية، أن «نبرة الاستقطاب والانقسام السائدة في خطابك تؤدي إلى إحداث هوة شاسعة عنيفة بقدر ما هي فلسفية بين المهمشين المحرومين ومن يريدون مساعدتهم». وجاء في الخطاب أيضا: «إن تصوير الأمر وكأنه مواجهة بين الأثرياء والفقراء المعوزين ليس في محله ويزيد التوترات في جو مشحون بالفعل». ويأتي الخطاب في الوقت الذي يعتزم فيه أوباما إلقاء خطاب يوم الثلاثاء في أوساواتومي بولاية كنساس عن الاقتصاد والطبقة المتوسطة سيرا على نهج الرئيس روزفلت الذي شن حملة منذ قرن في تلك المدينة على الأثرياء وكبار رجال الأعمال. ولا تتعلق شكوى كوبرمان بمبدأ زيادة الضرائب المفروضة على الأثرياء بقدر ما تتعلق باختيار الرئيس أوباما للكلمات التي استخدمها للترويج لذلك التوجه، وهو ما يراه «تشويها للحلم الأميركي».

وفي الوقت الذي يشكو فيه كثيرون من الرؤساء التنفيذيين مما اعتبروه اتجاه الرئيس المعادي لرجال الأعمال، اكتسب خطاب كوبرمان مصداقية وجذب الانتباه في دوائر السياسة والتجارة لموقفه من الضرائب وغيرها من الأمور، الذي يبدو متحررا.

وقال كوبرمان في مقابلة إن مئات الرسائل الإلكترونية والمكالمات التليفونية انهالت عليه بشأن الخطاب، مشيرا إلى أن «99.9 في المائة منها إيجابي».

وقال موضحا كيف نشأ في برونكس ودراسته في مدرسة «إميلي ديكنسون»: «لقد بدأت من الصفر، وعشت الحلم الأميركي ولا أريد أن أتعرض لهجوم مستمر». وسارع بالقول إنه لم يكتب الخطاب «نيابة عن وول ستريت». من المؤكد أن وجهة نظر كوبرمان عن عالم المال ليست واضحة بالدرجة التي تتوقعها من شخص يمتلك هذه الثروة الضخمة، فقد قال متحدثا بناء على حقائق: «لقد أخفق من في (وول ستريت)، فقد قاموا بأمور لم يكن ينبغي أن يقوموا بها». كذلك قال إنه قرر كتابة خطاب موجه إلى الرئيس أوباما لاقتناعه بأنه «يشوه النجاح»، في الوقت الذي ينبغي فيه التأكيد على «الإعجاب بهذا النجاح». بطبيعة الحال، لم يلق خطابه إعجاب البعض، الذين وصفهم بـ«كثيري التذمر» أو أسوأ. وكتب أحد أعضاء الموقع الإلكتروني «ديلي كوس» ذي التوجه اليساري عن كوبرمان: «إنه يحرج نفسه بهذا الحديث الغاضب ويبدو مهتما بالشكوى من آراء أوباما التي لا تتفق مع مصالحه التجارية الشخصية أكثر من اهتمامه بتقديم حلول جادة لمشكلاتنا».

وأقر كوبرمان أنه تلقى على الأقل خطابا واحدا سلبيا بالبريد الإلكتروني، حيث قال: «لقد تلقيت خطابا يخبرني بضرورة أن أكون حريصا عند إدارة محرك السيارة في الصباح، فربما يكون هناك قنبلة بداخله»، وحاول أن يهزأ من هذا.

ويقول بعض منتقدي خطاب كوبرمان إن الرئيس أوباما لم يكن صارما بما فيه الكفاية مع كبار رجال الأعمال، وتساءل عن تصريحات الرئيس أوباما التي أثارت حفيظة رجال الأعمال.

وقال كوبرمان: «ما أثار غضبي هو حديث الرئيس عن سقف الدين»، موضحا أنه في الوقت الذي بات التوصل فيه إلى حل وسط وشيكا، ظهر الرئيس أوباما على شاشة التلفزيون وزاد الضغط على «أصحاب الملايين والمليارات» بعبارة أثارت حفيظة الكثير من أفراد النخبة. على سبيل المثال، ركز كوبرمان على ما وصفه بملاحظات الرئيس أوباما عن زيادة الضرائب على الأثرياء، حيث قال أوباما في يونيو (حزيران) الماضي: «إذا كنت رئيسا تنفيذيا أو مدير صندوق تحوط ثريا في أميركا هذه الأيام، ستكون الضرائب المفروضة عليك أقل من أي وقت مضى، فهي أقل من الضرائب التي كانت مفروضة في الخمسينات، ويمكنهم دفعها بيسر. لن تضطر إلى التخلي عن طائرتك الخاصة، فقط سيتعين عليك زيادة ما تدفعه من مال بقدر ضئيل». نبرة أوباما في هذا الخطاب من الأمور المثيرة للجدل، حيث يرى البعض أنها تقريرية، بينما يرى البعض الآخر أنها تقطر سخرية وتهكما.

ويقر كوبرمان أن الجدال بشأن سقف الدين خلال الصيف الحالي خطأ الجمهوريين بالأساس ونتيجة عجز رئيس مجلس النواب، جون بوينر، عن الحصول على دعم لحل وسط، مثلما هو خطأ الديمقراطيين الذين لم ينجحوا في التوصل إلى اتفاق. ويعترف كوبرمان أن الضرائب منخفضة بالفعل، لكنه يقول إن الرئيس أوباما في وسعه أن يزيد الضرائب على الأثرياء دون الإيحاء بأنهم فاسدون. وأضاف: «أنا أدفع ضريبة فيدرالية على الدخل ولم أتهرب من دفع الضريبة في أي وقت من الأوقات» واستطرد قائلا: «أكثر من أعرفهم مستعدون لدفع المزيد من الضرائب، طالما يتم إنفاقها بحكمة». وأوضح أنه يفهم سياسة ما سماه «الصراع الطبقي»، حيث قال: «لم أعد ساذجا، فأنا أدرك جيدا أن هذه هي طريقة الحكم في أميركا هذه الأيام. وهو وضع بائس ويبدو أنه بات حتميا بالنظر إلى حجم مشكلاتنا الهائل».

وقال كوبرمان إنه شخصيا يؤيد زيادة الضرائب بنسبة 10 في المائة على كل الدخول التي تتجاوز 500 ألف دولار على مدى السنوات الثلاث المقبلة. وكذلك يدعم كوبرمان انسحاب القوات الأميركية من العراق وأفغانستان ويؤكد على ضرورة حصول كل جندي على تعليم مجاني لمدة أربع سنوات. ويؤكد كوبرمان أن هذا موقفه الشخصي، حيث لا يسعى إلى أي منصب. ويدعو كذلك إلى إنشاء إدارة تقدم الأعمال في وقت السلم لإعادة بناء البنية التحتية في الولايات المتحدة وتجميد البرامج الحكومية ورفع سن المعاش إلى السبعين باستثناء الذين يعملون أعمالا شاقة، وزيادة ضريبة المبيعات بنسبة 5 في المائة، والتعامل الجاد مع الرعاية الصحية، فضلا عن أمور أخرى.

ويشعر كوبرمان، الذي وقع مؤخرا على حملة التبرعات التي دشنها بيل غيتس ووارن بافيت التي تهدف إلى دفع أصحاب المليارات حول العالم إلى التبرع على الأقل بنصف ثرواتهم، أنه جني ماله بطريقة شرعية دون غش، وقال بفخر: «يزيد إنفاقي على الأعمال الخيرية على إنفاقي على نفسي بـ25 مرة أو يزيد». وأجاب لدى سؤاله عما إذا كان قد تلقى ردا من الرئيس على خطابه بضحكة قائلا: «لا أعتقد أنني سأتلقى ردا منه».

* خدمة «نيويورك تايمز»