البنوك المصرية تقلص استثماراتها بالخارج بنحو 1.5 مليار دولار

بسبب ضعف العائد وحاجة السوق المحلية إلى الدولار

TT

قلصت البنوك المصرية استثماراتها في الخارج بنحو 9 مليارات جنيه (1.5 مليار دولار) لتفادي أزمة نقص السيولة التي يعانيها الاقتصاد المصري منذ أحداث ثورة «25 يناير» التي أطاحت بنظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك.

وكشف تقرير، صادر عن البنك المركزي، عن تراجع قيمة الأموال المصرفية المستثمرة في الخارج بنهاية سبتمبر (أيلول) الماضي لتصل إلى 82.467 مليار جنيه بعد أن كانت 91.268 مليار جنيه في الشهر الذي يسبقه، في خطوة تعيد وضع تلك الاستثمارات إلى ما كانت عليه إبان الأزمة المالية العالمية في 2008.

من جانبه، قال محمد النادي، مساعد مدير الاستثمار بالمصرف العربي الدولي: إن أزمة السيولة داخل مصر مع ضعف العائد على تلك الأموال المستثمرة بالخارج في ظل الأوضاع الاقتصادية الموجودة بتلك الأسواق جعلت البنوك تخفض استثماراتها في الخارج بنحو 10.67% في نهاية سبتمبر، في إشارة قوية إلى احتياج السوق المحلية إلى تلك الأموال، وسط محاولة حكومية متكررة لتوفير سيولة، سواء عبر آلية طرح «أذون خزانة» قصيرة الأجل أو من خلال قروض ومنح من بعض الدول.

وأضاف النادي أن التخلص من الاستثمار في الأصول السائلة، الذي يعتبر الأسرع لتلبية سيولة ملحة في الوقت الحالي، والذي يعتبر الاستثمار في الخارج جزءا منه، جاء بعد الحاجة الملحة إلى الدولار في السوق المحلية وسط نزيف احتياطي النقد الأجنبي الذي وصل إلى 16 مليار دولار من الاحتياطي النقدي نهاية الشهر الماضي.

واعتبر النادي انخفاض الفائدة في البنوك بالخارج بشكل كبير، مقارنة بمعدلات الفائدة محليا، وما يحدث من مشاكل في كثير من الأسواق الخارجية، جعل البنوك تميل إلى الحصول على الفائدة أكثر من أي شيء آخر، خاصة مع وجود مخاطر في معظم الأسواق، سواء لأسباب اقتصادية، كما هو الوضع في أوروبا وأميركا، أو لأسباب سياسية مثل الوضع عندنا وفي منطقتنا.

من جانبه، طالب أحمد آدم، الخبير المصرفي، برفع معدل توظيف الودائع إلى الإقراض في مصر، الذي لا يتجاوز 50%، وانخفض بعد ثورة «25 يناير» إلى حالة انكماش في بعض الشهور لامتصاص تلك الأموال التي كانت تستثمر في الخارج على الرغم من التدني الكبير لأسعار الفائدة بالخارج، وكذا على الرغم من عدم زيادة الاستيراد حتى شهر مارس (آذار) الماضي. وهو ما يشير إلى احتمالات، أهمها: تخوف البنوك الأجنبية والعربية من الأوضاع بمصر، فزادت من إيداعاتها ببنوكها الأم. أو أن هناك خطابات ضمان وكذلك اعتمادات مستندية استيراد أو شيكات مقبولة الدفع كتحويل غير مباشر لأموال رجال أعمال مصريين وجارٍ التعامل معها خارجيا.

كان بنكا الأهلي المصري ومصر، أكبر البنوك الحكومية، قد قررا، بشكل مفاجئ، قبل شهر، رفع أسعار الفائدة على المنتجات المصرفية ومنها الشهادات البلاتينية بمقدار 200 نقطة أساس دفعة واحدة، أي بنسبة 2% لتصبح 11.5% بدلا من 9.5%، وذلك لجذب مزيد من السيولة ومحاولة الحفاظ على الودائع وجذب عدد من العملاء للبنك في ظل حالة الركود التي تعصف بالأسواق المحلية حاليا، وهو الاتجاه الذي اتبعته معظم البنوك بعد ذلك.

وأضاف آدم أنه لا يمكن استمرار البنوك المحلية في زيادة أرصدتها بالبنوك في الخارج كما كان ملحوظا طوال الشهور الماضية، وهو الأمر الذي يثير علامات استفهام كبيرة في دول أوروبا لأن البنوك في أميركا لا تمنح أسعار عائد مناسبة على الإيداعات، بل هذا العائد متدنٍّ إلى أقصى درجة، ومن ثم فإنه ليس من المقبول أن تزيد هذه الأرصدة بالشكل التي كانت عليها. واعتبر آدم التراجع تصحيحا لمسار خاطئ.