«أوبك» تجتمع على خلفية التوترات بشأن إيران

إلى جانب زيادة ليبيا إنتاجها النفطي والتوقعات بضعف الاقتصاد العالمي

TT

من المقرر أن تعقد منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) اجتماعا في فيينا هذا الأسبوع لتقرر ما إذا كان يتعين تعديل مستويات الإنتاج النفطي في مواجهة توترات متصاعدة في الشأن الإيراني، ومع زيادة ليبيا إنتاجها النفطي والتوقعات بضعف الاقتصاد العالمي.

وتمد المنظمة العالم بثلث نفطه الخام، ومن المنتظر أن تقرر الأربعاء الإبقاء على إنتاجها رسميا عند حد 24.84 مليون برميل يوميا، وهو المعدل الذي حافظت عليه المنظمة لقرابة عامين. ولكن مع تقدير الوكالة الدولية للطاقة أن إنتاجها الفعلي، باستثناء العراق، بلغ 27.32 مليون برميل يوميا في أكتوبر (تشرين الأول)، فقد تقرر المنظمة إصدار بيان تعد فيه بالتزام أقوى بالحصص المحددة.

وتجتمع «أوبك» ومقرها فيينا بشكل منتظم للاتفاق على مستويات الإنتاج، بهدف تحقيق السعر الأفضل للخام في الأسواق العالمية بما تستفيد به البلدان الأعضاء في المنظمة بالتوافق مع حاجات المشترين، وتشمل البلدان الأعضاء في «أوبك» إيران التي تترأس الدورة الحالية للمنظمة، كما تشمل السعودية، المنتج الأكبر، فضلا عن ليبيا ونيجيريا وفنزويلا.

وقد أعرب الأمين العام لـ«أوبك» عبد الله البدري الأسبوع الماضي عن رضاه إزاء السعر الراهن للنفط الذي يراوح عند مائة دولار للبرميل، مضيفا أن مستويات إمداد الخام مناسبة، ومشيرا إلى أن سقف الإنتاج الرسمي سيستمر كما هو راهنا.

وقد بلغ سعر خام برنت بحر الشمال الجمعة 107.79 دولار للبرميل، بينما بلغ سعر خام نيويورك الخفيف (لايت سويت كرود) 98.11 دولار. ورغم الاضطرابات الاقتصادية وزيادة الإنتاج الليبي من النفط بعد الحرب الأخيرة التي عطلت الإنتاج مؤقتا، فقد استمرت مستويات الإنتاج مرتفعة نسبيا مع القلاقل الجيوسياسية التي يشهدها الشرق الأوسط الغني بالنفط.

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، ستتركز كل الأنظار خلال اجتماع الأربعاء على إيران، ثاني أكبر منتج للنفط في «أوبك» بعد السعودية، والتي تهدد عقوبات أوروبية محتملة قطاعها النفطي بسبب البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل.

وكان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قد فرضوا عقوبات على 143 هيئة إضافية، فضلا عن 37 فردا في إيران، بعد نشر الوكالة الدولية للطاقة الذرية الشهر الماضي تقريرا حول القطاع النووي للبلاد عزز المخاوف إزاء بعد عسكري محتمل للبرنامج النووي الإيراني.

كما هدد الوزراء بـ«توسيع نطاق» العقوبات لتضرب قلب المنظومة الاقتصادية الإيرانية، إذ قالوا إن الاتحاد الأوروبي سينظر في إجراءات تستهدف المنظومة المالية ومنظومة الطاقة وقطاعات النقل الإيرانية بنهاية يناير (كانون الثاني).

وتقول سوداكشينا أونيكريشنان، المحللة بمجموعة «باركليز كابيتال» إن «مجموعة (أوبك) تلتئم على خلفية قضايا اقتصادية وسياسية أساسية، إذ تقيم تداعيات العقوبات على إيران». وتضيف أن «الوضع الجيوسياسي قد زاد صعوبة» منذ اجتماع «أوبك» آخر مرة في يونيو (حزيران) الماضي.

وينظر إلى إيران وفنزويلا باعتبارهما من «صقور أوبك» التقليديين، إذ تدعو هاتان الدولتان باستمرار «أوبك» لخفض الإنتاج رفعا للأسعار ومن ثم زيادة عائداتهما. غير أن الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز صرح الأسبوع الماضي بأن الأسعار الراهنة تقف عند مستوى «معتدل». ويقول ديفيد هافتون، محلل الشؤون النفطية في هيئة «بي في إم» المالية «الحديث الآن يدور حول عدم رغبة صقور الأسعار في إحداث بلبلة، وسوف تستمر مستويات الإنتاج الحالية خلال العام المقبل». وأضاف «يبدو أن صقور (أوبك) على استعداد لقبول أي توصية تطرحها أمانة المنظمة، إذ يشعرون بالرضا عن مستوى الأسعار الذي ظل مستقرا عند نحو مائة دولار للبرميل، ومعرفتهم أن مستويات المخزون العالمي تراجعت بشكل كبير في النصف الثاني من هذا العام».

غير أن يوجين واينبرغ، المحلل بمصرف «كومرسبنك»، يقول إن «صراعا محتملا» قد يطرأ رغم ذلك في الاجتماع، حيث إن ليبيا آخذة في زيادة ما تضخه من النفط على نحو متسارع. ويرجح أن يجعل الإنتاج الليبي الحالي «الصقور مثل فنزويلا وإيران تطالب بصوت أعلى بخفض الإنتاج». فقد قال البدري، متحدثا أمام المؤتمر العالمي للبترول في الدوحة الأسبوع الماضي، إنه يتوقع أن تعاود ليبيا إنتاجها ليناهز مستوياته قبل الحرب بحلول منتصف 2012.

يذكر أن ليبيا كانت تضخ نحو 1.6 مليون برميل يوميا قبل الحرب التي بدأت باحتجاجات واستمرت ثمانية أشهر ضد العقيد معمر القذافي الذي اعتقل وقتل في أكتوبر. وتقول الهيئة الوطنية للنفط الليبي إن ليبيا تنتج حاليا 600 ألف برميل يوميا بعد توقف إنتاجها تقريبا خلال الحرب. وفي تلك الأثناء يحضر ممثلون عن الحكام الجدد لليبيا للمرة الأولى اجتماعا لـ«أوبك» هذا الأسبوع.