مصر أمام خيارات «قليلة ومعقدة» للإصلاح الاقتصادي

فوز الإسلاميين مشكلة إضافية للوضع الهش

حذر العديد من الخبراء الاقتصاديين من تأثير حكم الإسلاميين على الاقتصاد المصري (أ.ب)
TT

يعتقد خبراء أن تقدم الإسلاميين في الانتخابات التشريعية من شأنه أن يؤثر على الاقتصاد المصري الذي يعاني أساسا من تراجع كبير منذ مطلع العام الجاري.

ووعد رئيس الوزراء المصري الجديد كمال الجنزوري بأن يكون إصلاح الوضع الاقتصادي وإعادة الأمن على رأس أولويات حكومته.

غير أن «الانخفاض المطرد لاحتياطي مصر من النقد الأجنبي وتراجع السياحة يعقدان بشدة الوضع الاقتصادي»، بحسب أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية في القاهرة سامر سليمان.

ومن شأن الفوز الكبير للإسلاميين، وخصوصا السلفيين، في المرحلة الأولى لانتخابات مجلس الشعب التي تستمر حتى منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل أن يثير قلق المستثمرين الأجانب والسياح الغربيين.

ويقول سليمان بحسب وكالة الصحافة الفرنسية: «إن النجاح الكبير الذي حققه الإسلاميون في المرحلة الأولى للانتخابات يدفع المستثمرين إلى الترقب والحذر».

وأكد دبلوماسي غربي طلب عدم ذكر اسمه أن «الوضع الاقتصادي هش للغاية والحكومة تواجه خيارات معقدة».

ويشعر محسن راشد، وهو مرشد سياحي يمتلك فندقا صغيرا في القاهرة بالقلق كذلك بسبب تصريحات قياديين سلفيين عن منع النساء من ارتداء لباس البحر (المايوه) على الشواطئ أو منع الخمور في المنتجعات السياحية.

ويقول: «نجاح الإسلاميين في الانتخابات البرلمانية سيكون له تأثير سلبي على السياحة خصوصا إذا قرروا إصدار قوانين تحرم الخمور أو ارتداء المايوه على الشواطئ».

ونظم قرابة ألف شخص من العاملين في قطاع السياحة وقفة أمام أهرامات الجيزة الجمعة الماضي للتعبير عن احتجاجهم على هذه التصريحات والمواقف.

وتراجع قطاع السياحة الذي كان موردا رئيسيا من موارد الاقتصاد المصري؛ إذ وصل عدد السائحين إلى 15 مليونا عام 2010، منذ أن بدأت الثورة على نظام حسني مبارك مطلع العام، وما زال يجد صعوبة في استعادة انتعاشه بسبب الاضطرابات السياسية في البلاد.

وساهم انخفاض عائدات السياحة في تراجع الاحتياطي النقدي للبلاد الذي انخفض من 36 مليار دولار في بداية عام 2011 إلى 20 مليارا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وأعلن الجيش الممسك بالسلطة منذ إسقاط مبارك في 11 فبراير (شباط) الماضي أنه حول من موارده مليار دولار إلى البنك المركزي لتدعيم الاحتياطي من النقد الأجنبي.

وكان اللواء محمود نصر، عضو المجلس العسكري، حذر الأسبوع الماضي من أن الاحتياطي من النقد الأجنبي أصبح يكفي بالكاد لتمويل الواردات المصرية حتى نهاية فبراير المقبل.

كما انخفضت الاستثمارات الأجنبية من 6.8 مليار دولار في العام المالي 2009 - 2010 إلى 2.2 مليار دولار في العام المالي 2010 - 2011.

وأدى كل ذلك إلى فقدان الجنيه المصري 5 في المائة من قيمته أمام الدولار، ووصل إلى أدنى مستوى له منذ سبع سنوات، ويساوي الدولار الواحد نحو ستة جنيهات مصرية.

واعتبرت المحللة في بنك الاستثمار المصري عالية ممدوح «سي آي كابيتال»: «إن الاقتصاد سيظل ضعيفا على الرغم من التغيير الوزاري بسبب عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي».

وتوقعت أن «يسجل نمو الناتج المحلي الإجمالي المصري أقل من 2 في المائة في العام المالي 2011 – 2012، في حين كانت السلطات تستهدف نسبة نمو تصل إلى 3.2 في المائة» وهو أدنى من المعدلات التي حققتها مصر خلال السنوات الخمس الأخيرة التي كانت تراوح بين 5 و7 في المائة.

وأضافت عالية ممدوح أنه «من المتوقع كذلك زيادة عجز الموازنة العامة خلال العام المالي الجاري ليصل إلى 6.10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما كانت الحكومة تستهدف عجزا نسبته 6.8 في المائة».

وقال وزير المالية الجديد، ممتاز السعيد، إنه «من المبكر» تحديد ما إذا كانت الحكومة ستوافق أم لا على قرض قيمته 3.2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي لمواجهة الأزمة المالية.

وفي 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي خفضت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني قدرة مصر على الحصول على ديون سيادية درجة واحدة من «بي بي -» إلى «بي+»! وأرفقت قرارها بتوقعات سلبية للاقتصاد المصري بسبب عودة التوتر السياسي إلى البلاد.

وكانت مصر شهدت ما بين 19 و25 نوفمبر الماضي أعنف أزمة سياسية منذ إسقاط مبارك مع سقوط أكثر من 40 قتيلا في اشتباكات بين قوات الأمن ومتظاهرين كانوا يطالبون الجيش بتسليم السلطة فورا لحكومة مدنية.