خادم الحرمين الشريفين يتسلم التقرير السابع والأربعين لمؤسسة النقد العربي السعودي

ولي العهد تسلم التقرير من الدكتور الجاسر محافظ مؤسسة النقد

خادم الحرمين الشريفين يتسلم التقرير السنوي لمؤسسة النقد العربي السعودي (واس)
TT

تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود التقرير السابع والأربعين لمؤسسة النقد العربي السعودي، الذي يستعرض أحدث التطورات الاقتصادية في البلاد لعام 2010 والربع الأول من العام الحالي، حيث أشار التقرير إلى أن اقتصاد المملكة استطاع تفادي مزالق المديونية العامة والخاصة.

وقال الدكتور محمد الجاسر، محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، في كلمة ألقاها أمام خادم الحرمين الشريفين، وذلك بمناسبة تقديم التقرير السنوي السابع والأربعين لمؤسسة النقد العربي السعودي: «إن الاقتصاد العالمي يعاني من الوهن الذي خلفته الأزمة المالية العالمية، وما نتج عنها من مشكلات في الديون السيادية لعدد من دول العالم الصناعي، أما محليا فقد تفادى اقتصادنا مزالق المديونية العامة والخاصة التي أرهقت اقتصادات كثير من الدول الصناعية».

وأضاف الجاسر: «لذلك واصل اقتصادنا الوطني في عام 2010 نموه للعام الحادي عشر على التوالي بنسبة 4.1 في المائة، ونما القطاع غير النفطي بنسبة 4.9 في المائة، وحققت المملكة فائضا في ميزانيتها بلغت نسبته 5.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك حققت المملكة فائضا في ميزان المدفوعات للعام الثاني عشر على التوالي بلغ نحو 250.3 مليار ريال (66.7 مليار دولار)».

وأشار إلى أن معدل التضخم ارتفع قليلا من 5.1 في المائة عام 2009 إلى 5.3 في المائة عام 2010، وبلغ المعدل 5.2 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) 2011، موضحا أن التضخم في السنوات الأخيرة كان مصدره الأساسي ارتفاع أسعار الأغذية والإيجارات، كما توقع تسارع وتيرة نمو الاقتصاد الوطني خلال العام الحالي.

ولفت محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي إلى أن تحقيق هذا النمو في الناتج المحلي الإجمالي ساهم فيه عدة عوامل منها زيادة الإنفاق الحكومي إلى مستويات غير مسبوقة، خصص جزء كبير منه للإنفاق على مشاريع تنموية مختلفة، وزيادة ما قدمته المصارف المحلية للقطاعين الحكومي والخاص.

وأضاف: «خادم الحرمين الشريفين، استمرارا لحرصكم، حفظكم الله، على تلمس حاجات أبناء هذا الوطن وتوفير متطلبات الحياة الكريمة لهم، أصدرتم عددا من الأوامر الملكية الكريمة التي ستسهم – إن شاء الله – في تحسين مستوى معيشة المواطن، فقد أمرتم بإنشاء وزارة الإسكان واعتماد بناء 500 ألف وحدة سكنية في كل مناطق المملكة خلال خمس السنوات المقبلة، وتخصيص مبلغ لذلك مقداره 250 مليار ريال (66.6 مليار دولار)، وزيادة مبلغ القرض السكني الذي يقدمه صندوق التنمية العقارية من 300 ألف ريال (80 ألف دولار) إلى 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار)، وسيسهم ذلك – إن شاء الله – في توفير المزيد من المساكن لأبناء هذا الوطن، ويحد من الضغوط التضخمية الناجمة عن ارتفاع أسعار الإيجارات».

وزاد: «كما أمرتم، حفظكم الله، باعتماد الحد الأدنى لرواتب كل فئات السعوديين العاملين في الدولة بمبلغ 3 آلاف ريال (800 دولار) شهريا، واعتماد مخصص مالي مقداره 2000 ريال (533 دولارا) شهريا للباحثين عن العمل، ورفع رأسمال البنك السعودي للتسليف والادخار بمبلغ 30 مليار ريال (8 مليارات دولار)، ورفع الحد الأعلى لعدد الأفراد في الأسرة التي يشملها الضمان الاجتماعي من 8 إلى 15 فردا، وتخصيص مبلغ مليار ريال (266 مليون دولار) لهذا الغرض، وزيادة مخصص الإعانات التي تقدم للجمعيات الخيرية من الدولة بنسبة 50 في المائة لتصبح 450 مليون ريال (120 مليون دولار) سنويا، ودعم التحاق أبناء الأسر المحتاجة بالجامعات من خلال تخصيص نسبة مقاعد لهم في الجامعات وتسهيل شروط قبولهم وإعفائهم من دفع بعض الرسوم الدراسية».

وأشار إلى أنه «سوف تسهم هذه الحزمة من الأوامر الكريمة في تحسين ظروف معيشة الفئة الأقل دخلا، وتعزيز قدرتها على الادخار، ومن ثم زيادة إنتاجيتها ودخلها المستقبلي، مما ينقلها إلى فئة أكثر دخلا، ويحد من الفقر، وهو الأمر الذي تولونه، حفظكم الله، اهتماما كبيرا، وفي مجال الصحة، أمرتم، حفظكم الله، بدعم وزارة الصحة بمبلغ 16 مليار ريال (4.2 مليار دولار) لتنفيذ توسعة عدد من المستشفيات والمراكز الصحية، ورفع الحد الأعلى في برنامج تمويل المستشفيات الخاصة في وزارة المالية من 50 مليون ريال (13.3 مليون دولار) إلى 200 مليون ريال (53.3 مليون دولار) ويؤمل أن يسهم ذلك في مزيد من التحسن في الخدمات الصحية في المملكة».

وأضاف الجاسر: «واصل المجلس الاقتصادي الأعلى، تحت قيادتكم الحكيمة وتوجيهاتكم المستمرة، إنجاز الكثير من الخطوات التطويرية الهادفة إلى إعادة هيكلة وتنظيم الاقتصاد، وتحديث الأنظمة والتشريعات بما يعزز رفع مستوى وتنافسية الاقتصاد، ويحقق التشغيل الأمثل لعوامل الإنتاج، ويوفر بيئة جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي. ونتيجة لذلك تحسنت بيئة الاستثمار، فحسب تقرير أداء الأعمال الصادر عن البنك الدولي لعام 2012، احتلت المملكة المركز الثاني عشر بين دول العالم، البالغ عددها 183 دولة، من حيث سهولة أداء الأعمال».

وبين أن المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي أشار إلى أن المملكة كانت مهيأة تماما لمواجهة الأزمة المالية العالمية، حيث أسهمت الأطر الرقابية والتنظيمية السليمة بشكل كبير في تعزيز قدرة القطاع المالي على الصمود. ولفت إلى أن الصندوق أكد أن الإدارة الاقتصادية الرشيدة للثروة النفطية وفرت الحيز المالي الضروري لمواجهة الأزمة المالية العالمية، بالإضافة إلى تخفيض الدين العام من 104 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 1999، إلى نحو 7 في المائة في عام 2011، وتقوية مركز صافي الأصول الأجنبية للمؤسسة.

وقال محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي: «كما أشاد المجلس التنفيذي للصندوق بمتانة النظام المصرفي في المملكة، الذي يتمتع بمستويات جيدة من رأس المال ومستويات مرتفعة من السيولة، وأشار إلى أن الجهاز المصرفي أظهر قدرة على مواجهة مجموعة من الصدمات الإقليمية والعالمية. ورحب المجلس بنتائج اختبارات التحمل التي أجراها فريق برنامج القطاع المالي التي أظهرت ارتفاع مستويات السيولة ورأس المال التي يحتفظ بها النظام المصرفي السعودي حاليا، وأنها تشكل احتياطيات وقائية تضفي المزيد من الثقة في قدرة النظام المصرفي على تحمل الصدمات. وأثنى أعضاء المجلس على السياسة النقدية التي تنتهجها المملكة الهادفة إلى تعزيز متانة النظام المصرفي واستقرار الأسعار».

وتابع: «على الرغم مما تحقق من إنجازات مشرفة على كل المستويات، فإنه لا تزال هناك بعض التحديات التي لا تألون جهدا، حفظكم الله، في متابعتها والحرص على التغلب عليها، ومن هذه التحديات: أولا: خلق المزيد من فرص العمل الشريف لأبناء وبنات هذا الوطن، فعلى الرغم من الإنجازات الجيدة في مجال توظيف المواطنين، فإن التقديرات تشير إلى أن نسبة البطالة بين السعوديين ما زالت غير مرضية. ونظرا للتركيبة السكانية في المملكة التي يغلب عليها فئة الشباب، فلا بد من مواجهة هذه المسألة وتكثيف الجهود وتذليل الصعوبات التي تواجه خلق وتوطين الوظائف، بما في ذلك مواصلة تحسين مخرجات التعليم والتدريب بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل، وتحديد نسب لتوطين الوظائف حسب الأنشطة وزيادتها بشكل تدريجي، وخلق مرونة في سوق العمل تكون محفزة على الإنتاج والإبداع وتحفظ حقوق العاملين وأصحاب الأعمال».

وزاد «ثانيا: تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر للدخل، فعلى الرغم من زيادة دور القطاع غير النفطي في الاقتصاد الوطني، خاصة دور القطاع الخاص، فإن القطاع النفطي لا يزال هو المحرك الرئيسي للاقتصاد الوطني، حيث تأتي منه معظم إيرادات الدولة والمتحصلات في ميزان المدفوعات. لذلك لا بد من مواصلة العمل الجاد من أجل تنويع مصادر الدخل بما يكفل استدامة التنمية الاقتصادية على المدى الطويل، وتقليل المخاطر المرتبطة بالاعتماد على سلعة واحدة كمصدر للدخل».

وأضاف: «ثالثا: الحد من الاستهلاك المحلي المرتفع للنفط والغاز، حيث تشير الأرقام إلى زيادة متوسط الاستهلاك المحلي منهما بنسبة 7.3 في المائة سنويا خلال خمسة الأعوام الماضية، وهي نسبة مرتفعة بكل المقاييس ولا تتناسب مع معدل النمو في عدد السكان وفي الناتج المحلي الإجمالي. ولا شك أن زيادة الاستهلاك المحلي من النفط، إضافة لكونه استنزافا للموارد التي أفاء الله بها علينا، فإنه يحد من الكميات المتاحة للتصدير مستقبلا، لذلك يتطلب الأمر بحث أسباب الزيادة في الاستهلاك المحلي من النفط والغاز والعمل على ترشيد استهلاكهما».

وقال: «نحن على أعتاب ميزانية خير جديدة، أرجو من العلي القدير أن يحفظكم قائدا لمسيرة هذا الوطن المبارك المعطاء، ويسدد على طريق الخير خطاكم».

من جهة أخرى تسلم الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، التقرير السابع والأربعين لمؤسسة النقد العربي السعودي، الذي يستعرض أحدث التطورات الاقتصادية بالمملكة للعام المالي 2010 والربع الأول من العام الحالي. وجاء ذلك خلال استقبال ولي العهد في قصر اليمامة، أمس، الدكتور إبراهيم العساف، وزير المالية، الدكتور محمد الجاسر، محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، الدكتور عبد الرحمن الحميدي، نائب المحافظ، وكبار المسؤولين في المؤسسة، وقد تشرف بتسليم التقرير لولي العهد محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي. حضر الاستقبال الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز، رئيس ديوان ولي العهد المستشار الخاص لولي العهد، والسكرتير الخاص لولي العهد، عبد الرحمن الربيعان.

إلى ذلك توقعت مؤسسة النقد العربي السعودي في التقرير السنوي، أمس، نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة 5.1 في المائة في 2011، وأن من المرجح أن يبلغ الفائض في الميزانية 9.1 في المائة من الناتج المحلي هذا العام.

وقال التقرير إنه من المتوقع أن تسجل ميزانية المملكة فائضا قدره 185.3 مليار ريال (49.4 مليار دولار) أي نحو 9.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2011.