«الاحتياطي الأميركي» يفكر في إصدار توقعات حول أسعار الفائدة

بعد أن قال إنه يعتزم إبقاء المعدلات قريبة من الصفر «لبعض الوقت»

TT

قرار الاحتياطي الفيدرالي منذ 3 سنوات بخفض معدلات الفائدة قصيرة الأجل إلى الصفر تقريبا أحدث دويا كبيرا، وذلك بسبب أن الاحتياطي الفيدرالي لم يخفض المعدلات إلى هذا المستوى المتدني من قبل، ولأنه قال إنه يعتزم إبقاء المعدلات قريبة من الصفر «لبعض الوقت». وكان قيام الاحتياطي الفيدرالي بالتنبؤ بأفعاله الشخصية في المستقبل خطوة جديدة من نوعها، وتجربة في وقت أزمة، وقام منذ ذلك الوقت بتكرارها أكثر من مرة، كان آخرها في أغسطس (آب)، عندما قال الاحتياطي الفيدرالي بأنه يخطط لإبقاء أسعار الفائدة قريبة من الصفر حتى صيف عام 2013 على الأقل. ويبدو الآن أن هذه تقنية من المرجح أن تصبح بشكل متزايد وسيلة دائمة للتأثير على النمو الاقتصادي، حيث ستنظر لجنة صنع السياسات، التابعة للاحتياطي الفيدرالي، عندما ستجتمع اليوم، الثلاثاء، في فكرة النشر الدوري لقراراتها المتوقعة في المستقبل والمتعلقة بأسعار الفائدة، حيث على الأرجح أن يتم الإعلان عن أي خطة من هذا القبيل في موعد لا يتجاوز اجتماع اللجنة المقبل في يناير (كانون الثاني)، وهو الموعد المقرر مسبقا لنشر التوقعات الاقتصادية.

وتعد هذه السياسة القائمة على التوقع جزءا من مجموعة أوسع من التغييرات التي يدرس الاحتياطي الفيدرالي القيام بها لتحسين فهم الرأي العام لطرقه وأهدافه، حيث يقول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، بن برنانكي، ومسؤولون آخرون، إن تحسين التواصل مع الجمهور يمكن أن يقدم دفعة متواضعة للاقتصاد لا تصاحبها سوى مخاطر قليلة نسبيا، بالإضافة إلى عدم تمتع أي من الخيارات الأخرى المتعلقة باتخاذ إجراءات إضافية بنفس القدر الكبير من الجاذبية.

وقالت جانيت يلين، نائب رئيس مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي، عقب الخطاب الذي ألقته مؤخرا في سان فرانسيسكو: «نحن ندرس بنشاط الأساليب التي يمكننا استخدامها لتوفير مزيد من الوضوح، ولكنني لا أعتقد أن ذلك يعني إجراء تغيير جذري، بل أشعر فقط أنه يمكن أن يكون له بعض التأثير الإيجابي، وإن كنت لا أريد أن أبالغ في تحديد ضخامة هذا التأثير».

ويأتي اجتماع لجنة صنع السياسات التابعة للاحتياطي الفيدرالي، الذي سيعقد اليوم، الثلاثاء، في لحظة غير عادية من عدم اليقين بشأن خطط غيرهم من صناع السياسة الاقتصادية، حيث يناقش الكونغرس مسألة تمديد خفض ضرائب الرواتب وإعانات البطالة، التي يتوقع بعض المتنبئين أنها يمكن أن ترفع معدلات النمو الاقتصادي في العام المقبل بمقدار نقطة مئوية أو أكثر. وقد كان برنانكي من بين الاقتصاديين الذين حذروا من أن الولايات المتحدة يمكن أن تنزلق إلى الركود من جديد، إذا انهار اليورو، خصوصا مع حالة عدم الاستقرار التي تمر بها أوروبا.

وتشير البيانات الفيدرالية الحديثة إلى أن اقتصاد الولايات المتحدة آخذ في التحسن إلى حد ما، مما سيخفف من الضغوط الواقعة على الاحتياطي الفيدرالي لتوسيع برامجه الخاصة بالمساعدة الاقتصادية، حيث إنه على الرغم من أن البطالة لا تزال عند مستوى يعتبره مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي مستوى غير مقبول، فإن معظم المحللين الذين يتابعون نشاط الاحتياطي الفيدرالي يقولون إنهم لا يتوقعون حدوث تغييرات كبرى في السياسات في هذا الاجتماع.

وعلى الرغم من أن احتمال القيام بجولة أخرى من شراء الأصول - التي تتضمن القيام باستثمار معين في الأوراق المالية المدعومة بالرهونات - يظل قائما، فإن المسؤولين قلقون من تضاؤل الفوائد مع كل جولة جديدة، بينما ترتفع المخاطر الاقتصادية والسياسية على حد سواء.

وقد اتفق الاقتصاديون النقديون منذ أمد بعيد على أن البنوك المركزية ينبغي عليها أن تتجنب القيام بتكهنات أو التزامات، حيث إنهم يخشون من أن الانحراف عن المسار المتوقع من شأنه أن يخلق اضطرابا مكلفا في الأسواق المالية، نظرا لأن المستثمرين في تلك الحالة سيعملون على تصحيح المفاهيم الخاطئة الخاصة بهم.

ولكن المزيد من صانعي السياسة قد خلصوا في السنوات الأخيرة، مع ذلك، إلى أنه ينبغي تبني السياسات الخاصة بوضع التوقعات، حيث أصبحت بعض البنوك المركزية تعتبر الحديث عن المستقبل من أدوات السياسة الأولية، فقد اعتمدت المصارف المركزية في بريطانيا وكندا وأستراليا وغيرها، على سبيل المثال، أهدافا واضحة لمعدلات التضخم ومعدلات زيادة الأسعار والأجور، بينما تقوم المصارف المركزية في السويد والنرويج بنشر توقعاتها عن مستوى أسعار الفائدة، كما يتم الإعلان عن الأهداف والتوقعات في نيوزيلندا.

ويعد برنانكي من المناصرين منذ أمد بعيد لوضع هدف للتضخم، وقد منح الكونغرس الاحتياطي الفيدرالي تفويضا مزدوجا لإدارة التضخم والبطالة، ولكن المقترحات السابقة المتعلقة بوضع هدف للتضخم بشكل رسمي قد تعثرت بسبب مسألة كيفية عدم إثارة قلق كبير حول صحة سوق العمل، وهو الأمر الذي لا يزال موضع نقاش حيوي داخل الاحتياطي الفيدرالي.

ولكن تعد مسألة التنبؤ بالمستقبل أقل إثارة للجدل، حيث قال محضر اجتماع اللجنة الأخير في نوفمبر (تشرين الثاني): «إن المشاركين عبروا بشكل عام عن رغبتهم في توفير مزيد من المعلومات للجمهور حول المسار المستقبلي المحتمل لأسعار الفائدة المستهدف على الأموال الفيدرالية».

وسوف تغطي مثل هذه التوقعات المسار المحتمل للسياسات المتوقعة على مدى السنوات الـ3 المقبلة، بما في ذلك المعلومات حول نطاق التنبؤات، حيث يقوم الاحتياطي الفيدرالي بالفعل بنشر تكهنات مماثلة بشأن النمو الاقتصادي والتضخم والبطالة 4 مرات في العام.

وقد يؤدي القيام بتوقعات في المستقبل القريب إلى خفض تكاليف الاقتراض للشركات والمستهلكين إذا بينت تلك التوقعات أن اللجنة تتوقع أن تظل معدلات أسعار الفائدة قريبة من الصفر إلى ما بعد منتصف عام 2013، حيث إن مطالبة المستثمرين بالتعويض عن الاستثمارات طويلة الأجل تستند في جزء كبير منها إلى توقعاتهم حول مستوى أسعار الفائدة قصيرة الأجل في المستقبل.

وحتى بعض أعضاء اللجنة الذين يعارضون القيام بتحفيزات إضافية، يريدون، مع ذلك، أن يبدأوا في نشر التوقعات، حيث قال تشارلز بلوسر، رئيس مصرف الاحتياطي الفيدرالي في مدينة فيلادلفيا، الذي صوت مرارا ضد التوسع في برامج المساعدة الخاصة بالاحتياطي الفيدرالي، إنه يؤيد الاقتراح، بصرف النظر عما إذا كان الأثر المباشر لهذا سيكون تحفيز الاقتصاد.

وقال بلوسر في مقابلة أجريت معه مؤخرا: «أعتقد أن ما نريد القيام به هو التواصل مع الجمهور بأقصى قدر ممكن من الوضوح، وأنا لا أفعل هذا بغرض التلاعب بالسياسات، ولكنني أفعلة لكي أكون شفافا بشأن السياسات بقدر الإمكان».

ولكن بعض المحللين يحذرون، مع ذلك، من أن زيادة الوضوح قد تكون لها عواقب سلبية، حيث قالت دانا سابورتا، وهي اقتصادية متخصصة في اقتصاد الولايات المتحدة في شركة «كريدي سويس» للخدمات المالية: «ما يقلقني هو أن الاحتياطي الفيدرالي قد يضع نفسه في مأزق يصنعه بنفسه، إذا ما توقع مسارا للسياسات لا يبدو حكيما في وقت لاحق، حيث إنهم سيشعرون ببعض الضغوط للتمسك بالوعد الضمني بالمضي قدما في تنفيذ التوجهات التي تنبؤا بها، لئلا يثيروا غضب الأسواق والكونغرس».

وأشارت سابورتا أيضا إلى أن القرار الذي اتخذ في عام 2007 بنشر التوقعات الاقتصادية قد ركز الاهتمام بشكل كبير على عجز الاحتياطي الفيدرالي على التنبؤ بالمستقبل، حيث قالت: «لقد فقدنا بعض السذاجة التي كانت لدينا على نحو ما، حيث أصبحنا ندرك الآن، مع الشفافية المتزايدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي، أن المصرف المركزي ليس لديه كل الأجوبة».

* خدمة «نيويورك تايمز»