سوريا تلعب لعبة غلق «البوابة» الاقتصادية للعالم العربي أمام تركيا.. وأنقرة ترد بفتح «نوافذ» برية وبحرية

مسؤول تركي لـ ـ«الشرق الأوسط» : إجراءات دمشق ستؤثر على مواطنيها

محال تجارية من دون زبائن في دمشق (أ.ب)
TT

يعترف المسؤولون الأتراك بأن الأزمة السورية ستلقي بالمزيد من الأعباء على الاقتصاد التركي الصاعد، الذي كانت سوريا بمثابة «البوابة» لهذا الاقتصاد إلى العالم العربي الذي يعد سوقا استراتيجية لتركيا، غير أن هؤلاء يأملون أن تكون هذه الحال «مؤقتة» بانتظار عودة الاستقرار إلى سوريا على غرار ما هو حاصل في ليبيا اليوم، حيث يعود المستثمرون الأتراك إليها تدريجيا.

وأكد مسؤول في مكتب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لـ«الشرق الأوسط»، أن «الإجراءات السورية الأخيرة بحق البضائع التركية ستؤثر سلبا على المستهلك السوري بالدرجة الأولى»، معتبرا أن تركيا «ستعوض ما يفوتها في السوق السورية عبر النمو المتزايد في اقتصادها الفتي». بينما قال وزير الصناعة التركي نهاد أرجون إن المشاكل التي تواجهها سوريا «تؤثر في الوقت ذاته على تركيا». وأضاف «إن البلدان التي تمر بتغييرات سياسية لا بد أن تعيش فترة في مواجهة المشاكل بشكل مؤقت. وكما تعلمون، فإننا قد رأينا وضعا مماثلا في ليبيا. ونحن الآن نشاهد بداية استقرار الأوضاع في ليبيا وعودة المقاولين والعاملين الذين كانوا قد أوقفوا مشاريعهم هناك إلى ليبيا مرة أخرى». وأضاف «لقد شهدنا على مرحلة من زيادة العلاقات التجارية مع سوريا لقرب موقعها من بلدنا تركيا. ولكن المشاكل التي يعاني منها الداخل السوري في الوقت الراهن ستنعكس بدورها علينا نحن أيضا. وإننا على يقين تام من أن هذه الأوضاع مؤقتة. وربما نرى تراجعا في تعاملاتنا التجارية مع سوريا لفترة وجيزة، ولكن ما إن تستقر الأوضاع هناك سينعكس ذلك على علاقاتنا التجارية وعلاقاتنا الأخرى مع الجانب السوري».

وكانت القيادة السورية قد بالغت في الانفتاح على الاقتصاد التركي لتحسين العاقات السياسية، تم ذلك على حساب الصناعة السورية التي واجهت مصاعب كبيرة أدت إلى إقفال الكثير من المصانع في مدينة حلب المركز الصناعي لسوريا، وهي أصرت على هذا الانفتاح «غير المتكافئ» لتدعيم التحالف السياسي مع القيادة التركية الذي كانت دمشق تنظر إليه على أنه «كنز استراتيجي». ويبلغ حجم واردات سوريا من تركيا عشرة في المائة من مجموع الواردات السورية بأكمله، فيما تشكل واردات تركيا من سوريا 0.3 في المائة. وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 2.50 مليار دولار وهو يميل لصالح تركيا بمقدار الثلث إلى الثلثين، من جهة سوريا التي تورد إلى تركيا ما قيمته 700 إلى 800 مليون دولار، وتستورد منها بنحو 1.7 مليار دولار.

وتركيا هي أكبر شريك تجاري لسوريا، حيث تشكل تركيا نسبة 7 في المائة من التعاملات التجارية الخارجية السورية، أي نحو 2.5 مليار دولار من حجم التجارة الخارجية السورية، البالغة قيمتها 31 مليار دولار عام 2010. وقد أسهمت اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، التي وقعت عام 2004 ودخلت حيز التنفيذ عام 2007، وأوقف العمل بها من قبل الجانب السوري الشهر الماضي، برفع حجم التبادل التجاري سنويا بحدود 30 في المائة. حيث وصل عام 2010 إلى مليارين و272 مليون دولار، مقارنة مع عام 2009 الذي وصل إلى مليار و700 مليون دولار. وقد تضاعف الحجم التجاري بين البلدين على مدى الأعوام الخمسة الماضية؛ حيث كانت قيمته 823 مليون دولار عام 2005، ثم ارتفع إلى 2.5 مليار دولار عام 2010. وقد بلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين في الأشهر العشرة الأخيرة (منذ مطلع عام 2011) 1.4 مليار دولار، بينما كانت التوقعات تشير إلى ارتفاعه خلال الـ3 سنوات المقبلة إلى 5 مليارات دولار، بينما بلغت استثمارات الشركات التركية في سوريا 260 مليون دولار.

ومن خلال تعليق العمل بالاتفاقية مع تركيا وفرض ضريبة مقدارها 30 في المائة على البضائع التركية ورسم عبور على نحو 100 ألف شاحنة تركية تعبر من الأراضي السورية إلى العالم العربي حاملة البضائع التركية، يأمل المسؤولون السوريون الضغط على تركيا من خلال اليد التي تؤلمها، أي الاقتصاد.

وتبحث تركيا عن «بدائل» لعبور بضائعها إلى العالم العربي عبر نقلها بحرا إلى بيروت والإسكندرية، ومنها إلى بقية العالم العربي، وبرا عبر الأراضي العراقية باتجاه الخليج. وقد باشرت السلطات التركية بتقديم تسهيلات إلى التجار عبر هذه الطرق دون أن تلغي الخط السوري الذي توقف لـ5 أيام بحجة «تحديث أنظمة الكومبيوتر» قبل أن تعود السلطات السورية للسماح بعبور الشاحنات التركية بعد مباشرة أنقرة إجراءات الخطوط البديلة.

وقد تقدمت مجموعة من أعضاء حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض أول من أمس بطلب إلى رئاسة البرلمان التركي لتشكيل لجنة خاصة للتحقيق في آخر التطورات في العلاقات الاقتصادية بين سوريا وتركيا. وناشد محمد شكار المتحدث باسم المجموعة وعضو البرلمان التركي عن مدينة غازي عنتاب أعضاء البرلمان الموافقة على تشكيل لجنة تحقيق عاجلة لمعالجة هذه الأزمة الخطيرة بأسرع ما يمكن، مؤكدا أن الحكومة التركية الحالية تتحمل مسؤولية الوضع الذي وصلت إليه العلاقات مع سوريا. وأكد شكار أن الاقتصاد التركي تكبد خسائر كبيرة جراء القرارات والإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة التركية ضد سوريا، لافتا إلى التراجع الخطير في حجم التبادل التجاري مع سوريا، والذي وصل إلى 20 في المائة منذ يوليو (تموز) الماضي. وأشار النائب التركي إلى أن التجارة اليومية على طول الحدود التركية - السورية توقفت تماما، ولا سيما بعد تراجع عدد المواطنين السوريين الذين يدخلون تركيا يوميا من 60 ألفا إلى 3 آلاف فقط، محذرا من أن حركة الصادرات التركية إلى الدول العربية عبر الأراضي السورية مهددة بشكل خطير.

كما وصف محمد أوزجيل أوغلو رئيس غرفة تجارة كليس الحدودية، الوضع في المدينة بأنه صعب جدا بعد أن توقفت حركة التجارة تماما مع سوريا. وناشد أوزجيل أوغلو حكومة أردوغان إعادة النظر في مواقفها تجاه سوريا، قائلا إن «الشعبين السوري والتركي شقيقان ويجب عدم السماح للآخرين بتخريب هذه العلاقات».

* أرقام

* أكثر من 10 في المائة من واردات سوريا في عام 2010 جاءت من تركيا في حين لم تشكل الواردات من سوريا سوى 0.3 في المائة من إجمالي الواردات التركية.

* صادرات تركيا إلى سوريا زادت نحو 4 في المائة في الشهور التسعة الأولى من عام 2011 لكن أرقام أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) أظهرت تراجعا قدره 10 في المائة مقارنة بالعام الماضي

* تشكل تركيا نسبة 7 في المائة من التعاملات التجارية الخارجية السورية، أي نحو 2.5 مليار دولار من حجم التجارة الخارجية السورية، البالغة قيمتها 31 مليار دولار عام 2010.

* أسهمت اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، التي وقعت عام 2004 ودخلت حيز التنفيذ عام 2007، وأوقف العمل بها من قبل الجانب السوري الشهر الماضي، في رفع حجم التبادل التجاري سنويا بحدود 30 في المائة

* من خلال تعليق العمل بالاتفاقية مع تركيا وفرض ضريبة مقدارها 30 في المائة على البضائع التركية ورسم عبور على نحو 100 ألف شاحنة تركية تعبر من الأراضي السورية إلى العالم العربي حاملة البضائع التركية، يأمل المسؤولون السوريون الضغط على تركيا من خلال اليد التي تؤلمها، أي الاقتصاد.

* تضاعف الحجم التجاري بين البلدين على مدى الأعوام الخمسة الماضية؛ حيث كانت قيمته 823 مليون دولار عام 2005، ثم ارتفع إلى 2.5 مليار دولار عام 2010

* بلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين في الأشهر العشرة الأخيرة (منذ مطلع عام 2011) 1.4 مليار دولار، بينما كانت التوقعات تشير إلى ارتفاعه خلال الـ3 سنوات المقبلة إلى 5 مليارات دولار